يرد ذكر عدد من الدول العربية بإسهاب في ملخص تقرير التعذيب الذي نشرته لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، إما بسبب وجود أفراد ينتمون إلى هذه الدول قد تورطوا في هجمات، وإما بسبب الاشتباه بهم من قبل الولايات المتحدة.
وتسبّب المواطن الباكستاني أحمد الكويتي، في تكرار اسم الكويت في ملخص التقرير 283 مرة. فهذا الرجل، على الرغم من كونه مجرد عامل في منزل أو مراسل بسيط، لكنه كان يؤدي هذه المهمة لصالح زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن أثناء فترة اختفائه في باكستان، ما أكسبه أهمية استثنائية. وبسبب الكويتي، حظيت الصفحات الذي وردت فيها معلومات عن الطريقة التي تم فيها الوصول إلى بن لادن بأكبر قدر من التسويد عند نشر ملخص التقرير لحجب بعض ما تضمنته من إشارات ومعلومات لا ترغب الإدارة الأميركية حالياً في الكشف عنها.
أما العراق، فتكرر ذكره حوالي 59 مرة في مواضع وسياقات مختلفة، لعلّ أهمها ما ورد في بعض الصفحات وهوامشها من معلومات غزيرة ومفيدة عن الباكستاني حسن غول الذي تسبب اعتقاله في إقليم كردستان، ومن ثم تسليمه للولايات المتحدة واستجوابه، بمعرفة مكان اختباء بن لادن عن طريق متابعة الكويتي.
وفي ما يتعلق بمصر، ورد ذكرها ثلاث مرات عند الحديث عن ما كشفه شخص يدعى أبو زبيدة عن بلاغ الإرهابي المفترض خوسيه باديلا، المعروف كذلك باسم أبو عبد الله المهاجر، عن فقدان جواز سفره الأميركي في القنصلية الأميركية في كراتشي، وإشارته إلى دراسته علوم الشريعة الإسلامية في مصر. وأكدت سجلات وزارة الخارجية الأميركية صحة المعلومات التي ذكرها أبو زبيدة. كما تم التطرق إلى مصر عند الإشارة إلى سفر الإرهابي المفترض أبو عبد الله المهاجر إلى مصر، وعند الحديث عن مدرب مصري في أحد معسكرات التدريب في أفغانستان.
كذلك ذكرت ليبيا ثلاث مرات، الأولى عند الإشارة إلى مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في 6 سبتمبر/ أيلول 2012 عن تعذيب معتقل ليبي بلوح التغطيس في الماء، ثم عند الحديث عن استجواب عدنان الليبي المشتبه بعضويته في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وأخيراً لدى التطرق إلى "ابن الشيخ الليبي" في هامش معلومات مهمة جرى تسويد معظمها لحجب اسم الدولة التي تمتلك فيها الاستخبارات الأميركية معتقلاً لممارسة التعذيب.
أما السعودية، فتكرر اسمها 11 مرة في سياق الحديث عن معسكر خلدان في أفغانستان وأن معظم المتدربين فيه سعوديين، ولدى تناول الخاطفين السعوديين المشاركين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وفي سياق الحديث عن دور الاستجواب في كشف مؤامرات إرهابية من بينها ما تم إحباطه في السعودية، أو لدى تناول خلايا في السعودية لها صلة بالمؤامرة المفترضة في مطار هيثرو.
كما ذُكر اسمها عند الحديث عن هجمات محتملة على الولايات المتحدة أو على مصالح أميركية في السعودية، وفي إطار التطرق إلى البلدان التي سافر إليها الإرهابي المفترض عبد الله المهاجر ومن بينها السعودية.
كذلك وردت السعودية لدى الإشارة إلى أن القيادي في تنظيم القاعدة، خالد شيخ محمد، كان يبحث عن حاملي جوازات سفر سعودية وبريطانية ممّن تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً، ولدى تناول أسباب تفضيل خالد السعوديين لتنفيذ هجمات إرهابية.
الجزائر بدورها حضرت في التقرير مرتين، أثناء الحديث عن مواطن جزائري يكنى بأبي مريم، كان من بين العرب الذين اختبأوا في اقليم شكاي في وزيرستان، جنوبي باكستان. وقد ورد اسم أبو مريم الجزائري عندما تعرّف على صورته غول، وكذلك عند الحديث عن خبير متفجرات جزائري يدعى "السور".
في المقابل، ورد ذكر المغرب إحدى عشرة مرة معظمها في سياق الحديث عن مواطنين مغاربة، أو مَن يحمل لقب المغربي في المقطع الأخير من اسمه، مثل أبو طلحة المغربي وأبو منذر المغربي وغيرهما.
وكان لافتاً ذكر اسم جيبوتي سبع عشرة مرة في ملخص التقرير، أهمها عند الحديث عن ضابط في جهاز الاستخبارات الأميركي، "سي آي أي"، يشكك في مضمون الخطاب الإذاعي الأسبوعي للرئيس الأميركي في ذلك الحين، جورج بوش الإبن، ألقاه في السادس من سبتمبر 2006، وتضمن الإشارة إلى أن برنامج الاستجواب أدى إلى إجهاض محاولة لتفجير قاعدة المونير العسكرية في جيبوتي التي تستأجرها قوات المارينز، وكانت ذات يوم ملكاً لفرنسا. كما تكرر اسم جيبوتي عند الحديث عن معلومات مضللة عن إرسال عناصر لتنظيم القاعدة من مقديشو إلى جيبوتي لتنفيذ العملية المفترضة المشار إليها أعلاه، وتأكيد عدم صحة الزعم بأن تعذيب المعتقلين أدى إلى منع العملية الإرهابية ضد القاعدة.
وفي ما يتعلق بالأردن، ورد ذكره مرة واحدة في سياق الحديث عن أبي مصعب الزرقاوي، ولكن الأخير نفسه تكرر ذكره منفرداً من دون الأردن 35 مرة. أما فلسطين، فوردت مرتين في سياق الحديث عن جماعات فلسطينية علمانية، وعن مواطن فلسطيني يُدعى أسامة الزرقاوي على صلة بأبي مصعب الزرقاوي.
كذلك ذكرت سلطنة عمان لدى التطرق إلى قائد خلية عمانية تابعة لتنظيم "القاعدة"، ولكن معظم المعلومات الواردة عنه ومصادرها تعرضت للتسويد والحذف.
أما اليمن، فورد ثماني مرات، بينها عند الحديث عن عثور مكتب التحقيقات الفدرالي، "أف بي آي"، على استمارة التحاق بتنظيم القاعدة لأميركي يدعى خوزيه باديلا، يتحدث الإسبانية والعربية والإنجليزية وسافر إلى مصر والسعودية واليمن. كذلك تكرر التطرق إلى اليمن عند الإشارة إلى مجموعة من قيادات القاعدة، بينهم شخص يسمى أسيد اليمني وإلى مجموعة قيادات أصولية زارت المدارس الدينية في باكستان وافغانستان بينهم فراس اليمني.
في هذه الأثناء، حصلت "العربي الجديد" على قائمة حديثة لأسماء مَن تبقى من معتقلي غوانتانامو قيد الاحتجاز وعددهم حالياً 142 معتقلاً، ويتصدّر اليمنيون القائمة بـ79 معتقلاً، أبرزهم رمزي بن الشيبة، منسّق هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وضابط الأمن السياسي اليمني، عبد السلام الحيلة، الذي استدرجته الاستخبارات المصرية من اليمن إلى القاهرة قبل نقله إلى معسكر اعتقال أميركي في افغانستان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ثم انتهى به المطاف في غوانتانامو.
ولا يزال في المعتقل كذلك 14 سعودياً، وأربعة سوريين وأربعة تونسيين وأربعة ليبيين، وثلاثة كويتيين، ومغربيان وفلسطينيان وجزائريان ومصريان، وعراقي واحد، وصومالي واحد، وإماراتي واحد، وعدد آخر من الأفغان ومن جنسيات إسلامية أخرى غير عربية. ولعلّ من أهمهم على الإطلاق خالد شيخ محمد، الذي ورد اسمه في ملخص تقرير التعذيب الذي نشرته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي، 1250 مرة، أي أكثر من ضعف عدد صفحات الملخص ذاته ومعدل مرتين إلى ثلاث مرات في كل صفحة.