فيما تتواصل حالة الجدل في الشارع الكويتي بشأن وثيقة الإصلاح الاقتصادي المسربة التي تضمنت فرض ضرائب جديدة وزيادة الرسوم وإلغاء العديد من البدلات التي تصرف للمواطنين، مثل بدل غلاء المعيشة، تفجرت خلافات في الأوساط الحكومية والشعبية بشأن خطة التحفيز الاقتصادي.
وتسعى الحكومة إلى استعادة الاقتصاد الكويتي لعافيته من خلال خطة تساعد القطاع الخاص على تجاوز خسائره بسبب جائحة كورونا، وإقرار الإصلاحات الاقتصادية بالتوافق مع البرلمان، وأقرت خطة للعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية تتضمن 5 مراحل.
وفي هذا السياق، كشف مصدر مصرفي لـ"العربي الجديد" عن أن خلافات حكومية كانت السبب الرئيسي لاستقالة محافظ البنك المركزي، محمد الهاشل، من رئاسة لجنة التحفيز العليا الاقتصادية، مؤكداً أن الهاشل لن يقبل أي محاولات لإفشال الخطة الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد بعد مرحلة من الركود على خلفية تفشي فيروس كورونا.
وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن هناك عدم استجابة من بعض الجهات والمؤسسات الحكومية للمقترحات والأفكار التي أعلنها الهاشل من أجل التعافي الاقتصادي، مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب اتخاذ قرارات جريئة واستجابة سريعة لانتشال البلاد من حالة التدهور الاقتصادي وتعويض الخسائر الفادحة نتيجة توقف الأعمال والأنشطة الاقتصادية.
وأوضح أن الخلافات الأخيرة وحالة السخط الشعبي والنيابي بشأن وثيقة الإصلاح الاقتصادي التي أعدّها وزير المالية الكويتي براك الشيتان، والتي تتضمن تقليص الدعم وزيادة الرسوم وتخفيض النفقات والامتيازات الممنوحة للمواطنين، مرتبطة بتطبيق خطة التحفيز الاقتصادية، لافتاً إلى أن غياب التوافق الحكومي النيابي سيؤدي حتماً إلى صعوبات كبيرة نهاية المطاف.
وتضمنت خطة التحفيز تقديم تسهيلات بنحو 1.5 مليار دولار، لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فيما وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون للتمويل الميسَّر المقدم من اللجنة، ضمن برنامج دعم وضمان التمويل للوحدات الاقتصادية المتضررة من أزمة جائحة كورونا.
على جانب آخر، قال رئيس وحدة الأبحاث في المركز الدولي للدراسات الاقتصادية، عبد العزيز المزيني، إن استقالة محافظ البنك المركزي من رئاسة اللجنة العليا للتحفيز الاقتصادي ضربة لخطط الإصلاح والتعافي المنشود في ظل الظروف الدقيقة التي تشهدها الكويت ومختلف دول العالم.
وأوضح المزيني خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" أن الأوساط الاقتصادية كانت قد رحبت بخطط تحفيز الاقتصاد، وانعكست إيجاباً على السوق، غير أن الأنباء بشأن عدم التوافق الحكومي النيابي حول إقرار الإصلاحات والاستجابة لخطط التحفيز أصاب الجميع بخيبة أمل، مؤكداً أن هناك المئات من الشركات المتعثرة التي تراكمت عليها الديون والإيجارات ورواتب العاملين خلال فترة الغلق الإجباري.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة غضب مع تسريب بعض بنود وثيقة الإصلاح الاقتصادي المقترحة التي أعدها وزير المالية الكويتي، حيث أكدوا رفضهم لأية مقترحات تمسّ جيوب المواطنين، ودعوا الحكومة إلى وقف إهدار المال العام ومحاربة الفساد بدلاً من تعويض خسائرها الاقتصادية على حساب المواطن الذي يسعى إلى تحسين أوضاعه المعيشية بسبب جائحة كورونا.
ودخل نواب البرلمان الكويتي على خط الأزمة، حيث أكد النائب رياض العدساني، رفضه لخطط الإصلاح الاقتصادي المرتقبة، التي تتضمن استهداف المواطنين والمس مباشرةً باستقرار الأوضاع المعيشية للكويتيين والنيل من قدرتهم على مواجهة الأعباء.
وأضاف العدساني أن وثيقة وزارة المالية الكويتية ترتكز على 3 محاور رئيسية، تبدأ بالانتقاص من مكتسبات الموظفين الكويتيين، وتتضمن رفع أسعار الخدمات والوقود والكهرباء والماء، فضلاً عن تجميد كل الزيادات المالية والترقيات السنوية بجميع القطاعات الحكومية والشركات التابعة وتخفيض بند العلاج في الخارج بنسبة 50%.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، محمد الهاجري، لـ"العربي الجديد" إن الإصلاح الاقتصادي أصبح الخيار الوحيد أمام الحكومة لانتشال البلاد من حالة التدهور، مشيراً إلى أن جائحة كورونا تمثّل فرصة مناسبة لإقرار الإصلاحات المستحقة. وأوضح الهاجري أن المضي في خطة التحفيز من دون إقرار الإصلاحات لن تؤتي ثمارها، داعياً الحكومة إلى التوافق مع أعضاء البرلمان من أجل الإسراع في دوران عجلة الإنتاج.