الكويت تواجه الانكماش... أزمات تحاصر البورصة والنفط والسياحة والسفر

14 مارس 2020
خسائر كبيرة تطاول قطاعات الاقتصاد (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -
أعلن مجلس الوزراء الكويتي عن إجازة رسمية في أنحاء البلاد لمدة أسبوعين بدأت من الخميس، مع تعليق الرحلات التجارية اعتباراً من الجمعة حتى إشعار آخر. بذا، يدخل الاقتصاد الكويتي نفق المجهول، في حين يشهد إحدى أسوأ أزماته خلال الـ 30 عاماً الماضية، وتحديداً منذ حرب الخليج الثانية. 

فمنذ بداية العام الحالي تتوالى الصدمات على الاقتصاد الكويتي. كانت بدايتها التوترات التجارية العالمية والسياسية بين الولايات المتحدة وإيران والصين. إلى أن وصل وباء كورونا المستجد وانتشر في عدد كبير من دول العالم بشكل سريع حتى وصل إلى الكويت، وظهرت أكثر من 80 حالة مصابة في البلاد. وبعده، بدأت الحرب النفطية ما بين روسيا والسعودية.

في رصد لـ "العربي الجديد" للتأثيرات السلبية لهذه الأحداث السابق ذكرها على الاقتصاد، تبيّن أن الكويت على أعتاب ركود سيكون هو الأقوى والأكبر خلال الـ 30 سنة الماضية. جميع القطاعات الاقتصادية متضررة بشكل كبير، بل إنّ هناك قطاعات مهددة بجمود قد تمتد آثاره لأعوام مقبلة.

وحذّرت وثيقة صادرة عن إدارة الاقتصاد الكلي، التابعة لمجلس الوزراء الكويتي، من تعرّض اقتصاد الدولة للانكماش خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 0.6%، و0.3% بنهاية العام، مقارنة مع توقعات سابقة بنمو 2.2%. وسط التراجعات الحادة في بورصة الكويت بخسارتها نحو 25 مليار دولار من قيمتها السوقية خلال 10 أيام فقط.

تراجع الإيرادات النفطية

يعتبر القطاع النفطي الأكبر والأكثر تأثيراً في الاقتصاد الكويتي، حيث تعتمد البلاد على الإيرادات النفطية في ميزانيتها بنسبة 95%.

ويساهم النفط في أكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي للكويت. ويؤدي هذا الاعتماد على تحكم أسعار النفط في عجز أو فائض ميزانية الكويت. ففي زمن ارتفاع الأسعار تمكنت الكويت من تحقيق فوائض زادت احتياطيات البلاد البالغة نحو 100 مليار دولار، والتي تم استنزافها في زمن انخفاض النفط حتى وصلت الى 25 مليار دولار حالياً.

ويشير الخبير الاقتصادي أحمد الهارون لـ "العربي الجديد" إلى خطورة حرب النفط الحالية، مع هبوط أسعار الخام بنحو 15 دولاراً في يوم واحد ووصولها إلى مستوى 35 دولاراً للبرميل. هذا الأمر في حال استمراره سينعكس بشكل سلبي على العجز المالي المتوقع في الميزانية الحالية التي ستنتهي في 31 مارس/ آذار. بالإضافة الى تأثيره بقوة على العجز المالي التقديري في الميزانية المقبلة التي ستبدأ مطلع إبريل/ نيسان المقبل.

ويضيف الهارون أن الكويت تعتمد على تحديد سعر النفط في ميزانيتها عند 55 دولاراً للبرميل، وبالتالي تتوقع إيرادات نفطية بـ 46 مليار دولار، بينما في حال استمرار سعر برميل النفط الكويتي عند متوسط 35 دولاراً للبرميل خلال العام الحالي فستكون الإيرادات النفطية بحدود 33 مليار دولار. أي أن العجز المالي للميزانية الكويتية المتوقع عند 30 مليار دولار سيبلغ في هذه الحالة 41 مليار دولار، إذ تم اعتماد مصروفات الميزانية عند 74 مليار دولار، وبالتالي ستكون الكويت أمام كارثة اقتصادية حقيقية.

ويشدد الهارون على أن "الحكومة الكويتية لم تقم بتنويع اقتصادها خلال السنوات الماضية، إذ كانت أمامها فرص كبيرة في زمن انخفاض أسعار النفط لتنويع الاقتصاد ودخول قطاعات أخرى تأخذ من حصة النفط كمصدر وحيد لإيرادات الميزانية، ويمكن الاعتماد عليها في حال تدهورت أسعار النفط مرة أخرى. وهي خطوة لم تقدم الحكومة عليها خلال الفترة الماضية.

أزمة السياحة والسفر

لم يكن القطاع النفطي هو المتضرر الوحيد من أزمة فيروس كورونا والصرعات العالمية الأخرى، بل تضرر قطاع الطيران والسياحة الكويتي بشكل كبير، بل يمكن أن يكون هو القطاع الأكثر تأثراً في هذه الأزمة. بالنظر الى مكاتب السياحة والطيران حالياً فهي شبه خالية. الجميع يخشى السفر لأي سبب في الوقت الحالي بسبب الهلع من الفيروس المنتشر في جميع أنحاء العالم.

كما أن هناك حظر سفر بين الكويت وعدد من الدول، ما أدى الى شبه توقف لبعض شركات الطيران الاقتصادية عن العمل، والتي كانت تعتمد بشكل أساس على الوجهات القصيرة التي تم حظر الطيران منها وإليها خلال الأسبوع الحالي، ومن المحتمل أن يمتد هذا التوقف لنحو شهرين مقبلين.

يقول نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد مكاتب السياحة والسفر الكويتي محمد المطيري لـ "العربي الجديد" إن هناك حالة من الشلل تضرب شركات الطيران، لا سيما تلك التي تسير رحلات إلى الدول المحظورة، وهي تشكل نحو 85% من إجمالي الرحلات القادمة والمغادرة إلى الكويت. وتعد تلك الدول من أهم الوجهات، لا سيما مصر والهند، حيث كانت تسيّر 23 رحلة يومياً منها وإليها.

ويشير المطيري الى أن قطاع السياحة والطيران في الكويت يعاني من أزمة كبرى في الفترة الحالية بسبب انتشار فيروس كورونا، إذ هبطت نسبة المبيعات بنسبة 95%. كذلك قام عدد من الشركات بإيقاف العديد من الموظفين عن العمل وإعطائهم إجازات من دون رواتب، في محاولة منها لإيقاف نزيف الخسائر.

ويضيف أن تعميم وزارة الصحة بنصح الموجودين في البلاد بعدم السفر قد يطيح القطاع. ويعتبر أن قرار وقف الرحلات سيتحول إلى ضربة قاضية إذا ما تم تمديده لأكثر من أسبوع وقد يكون متوقعاً في ظل إعلان العديد من الدول عن تزايد حالات انتشار فيروس كورونا المستجد.

خسائر الضيافة والمطاعم

الوضع في سوق المطاعم والفنادق والضيافة لم يكن أفضل من سابقيه، بل يمكن أن نقول إنه أسوأ بكثير، فهذا القطاع بالتحديد الأكثر تضرراً كونه مرتبطاً بشكل أساس بالمستهلكين الذين يتخوفون من انتشار الفيروس المستجد ويتجنبون أي تجمعات في أماكن مغلقة، ما ألحق الأضرار بالمطاعم والفنادق بشكل كبير.

ويقول الخبير الاقتصادي بدر العتيبي لـ "العربي الجديد" إن المشكلة الحالية التي يعانيها قطاع المطاعم الكويتي ليست بجديدة، مرجعاً سببها الأساس إلى الصندوق الوطني لدعم ورعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي فتح الباب على مصراعيه أمام المبادرين لتأسيس مشاريع مطاعم ومقاهٍ دون دراسات جادة حول حاجة السوق لمثل هذه المشاريع.

ويضيف أن سوق المطاعم بالكويت محفوف بالعديد من المخاطر، بدءاً من تحديد قائمة أسعار أطباق المشاوي الرئيسية، وتحديد أسعار السندويشات، مروراً بفتح التراخيص المنزلية التي لا تتحمل أعباء كبيرة كالتي يتحملها أصحاب المطاعم، وصولاً إلى تأثير الفيروس الحالي على عمل هذه المطاعم.
المساهمون