وأظهر التقرير الصادر عن اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الأمة الكويتي (البرلمان) أن الضريبة الجديدة على التحويلات المالية تتعلق بالوافدين فقط، بينما يُعفى المواطنون من أي ضرائب على تحويلاتهم المالية إلى الخارج.
وعقدت اللجنة المالية اجتماعا، اليوم الأحد، في المجلس بحضور وزير المالية الكويتي نايف الحجرف، ومحافظ البنك المركزي محمد الهاشل، وأعلن رئيس اللجنة صلاح خورشيد تأجيل التصويت على مقترح فرض الضريبة على التحويلات خارج الكويت إلى اجتماع مقبل.
وذكر التقرير الرسمي أن الهدف من هذه الضريبة هو إضافة مبلغ يصل إلى 60 مليون دينار (200 مليون دولار) إلى الميزانية العامة للدولة سنويا.
ولفت إلى أن ضريبة التحويلات تطبق في بعض دول الخليج، وأن التحويلات من الكويت في السنوات الخمس الماضية بلغت 19 مليار دينار (63 مليار دولار تقريبا)، وبات ضرورياً أن يتم أخذ رسوم على هذه التحويلات لمعالجة الاختلالات في الميزانية.
ووفق إحصائية البنك المركزي فقد قدرت تحويلات الوافدين خلال عام 2017 بـ4.1 مليارات دينار، ونحو 19 مليارا خلال السنوات الخمس الماضية.
وأشار التقرير إلى وجهة نظر اللجنة التشريعية بشأن احتمال وجود شبهة دستورية في اقتراح فرض رسوم على الوافدين فقط، موصية بأن يتم تطبيقه على الجميع، لكن أعضاء اللجنة المالية اعترضت على ذلك، لأن أغلب أموال المستثمرين الكويتيين تُستثمر في الكويت، وما يتم استثماره في الخارج يُقدر بأكثر من 4 مليارات و135 مليون دينار، وهو رقم اعتبرته اللجنة "بسيطاً جداً".
وشهدت تحويلات الوافدين في الكويت قفزة، إذ وصلت إلى ما يتراوح بين 10 و12 مليار دولار في نهاية العام الماضي، بزيادة تقترب من 14% مقارنة خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وفق تقرير اقتصادي حديث صادر عن مجموعة "بنك الكويت الوطني".
وساهم ارتفاع تحويلات العمالة الوافدة إلى الخارج بفرض ضغوط على ميزان الحساب الجاري الذي تراجع للمرة الأولى منذ عام بنسبة تجاوزت 56%، من ملياري دولار في 2016 إلى أقل من مليار دولار في 2017.
ومع قفزة تحويلات الوافدين، عادت مقترحات نواب مجلس الأمة الكويتي بفرض رسوم على تحويلات العاملين الأجانب في الكويت، بعد بضعة أشهر من الهدوء، وسط قلق متزايد من أن تؤدي هذه المقترحات إلى ظهور سوق سوداء لتحويل الأموال وتراجع في القطاعات الاستهلاكية والعقارية.
وأعلنت صفاء الهاشم، النائب في مجلس الأمة (البرلمان)، نهاية العام الماضي، تقدّمها باقتراح قانون لتحصيل رسوم بنسبة 5% من قيمة جميع التحويلات المالية إلى الخارج.
وكان النائب الكويتي فيصل الكندري قد تقدّم، في مايو/أيار 2016، باقتراح قانون ينص على أن تُفرض ضريبة تصاعدية على تحويلات الوافدين، لتكون بواقع 2% لما دون المائة دينار (330 دولاراً)، و4% للمبالغ من 100 حتى 499 ديناراً، و5% للمبالغ الأعلى من 500 دينار.
وتأتي المطالب المتلاحقة من قبل نواب في البرلمان بفرض رسوم وضرائب على التحويلات المالية للوافدين، في وقت اتخذت الحكومة الكويتية عدة قرارات تتعلق بخفض بدلات شرائح من العاملين الأجانب، وزيادة رسوم الإقامة والكهرباء والماء والعلاج.
ويرى الخبير الاقتصادي سالم الرميح، أنه يتوجب على الحكومة والنواب أيضاً إيجاد حلول عملية لاستثمار مليارات الدولارات التي يرسلها الوافدون في الكويت إلى بلادهم كل عام، بدلاً من التفكير بفرض رسوم أو ضرائب على تحويلاتهم المالية.
ويضيف الرميح لـ"العربي الجديد" أن الكويت تعتمد على عائدات النفط في تمويل موازناتها وتعتبر أيضاً واحدة من أكبر مصادرالتحويلات المالية في العالم، لذا يجب التركيز تجاه توظيف هذه الأموال بما ينفع الجانبين.
وذكر أن فرض أي رسوم أو ضرائب على تلك التحويلات يمثل تحولاً كبيراً في السياسات الاقتصادية، كونه قد يؤدي إلى زيادة التكاليف الاقتصادية وتراجع تدفق اليد العاملة الأجنبية.
وكانت النائب صفاء الهاشم قد تقدمت بالنصف الثاني من العام الماضي، بعدة اقتراحات تستهدف الوافدين أيضاً، أبرزها منع صرف الأدوية والعلاجات لهم في المستشفيات الحكومية وإجبارهم على شرائها من الصيدليات الخاصة، وفرض رسوم على استخدام الطرق السريعة.
ويرى الخبير الاقتصادي مشعل الإبراهيم، أن تحويلات الوافدين تسجل أرقاماً تصاعدية عاماً بعد عام نتيجة أسباب عدة، من بينها أن الأسواق الخليجية لا تزال تعتمد بشكل كبير في تسيير تعاملاتها على العمالة الوافدة.
ويضيف الإبراهيم لـ"العربي الجديد" أن تحويلات العمالة الأجنبية تشكل استنزافاً للسيولة المحلية، وضغطاً على موازين المدفوعات التي تأثرت أيضاً سلباً بتراجع العائدات النفطية، مشيراً إلى أن تأمين فرص لاستثمار أموال المستثمرين الأجانب عموماً والوافدين منهم بصفة خاصة، أفضل من فرض رسوم أو ضرائب على تحويلاتهم.
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي يحيى كمشاد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التفكير في فرض رسوم أو ضرائب على تحويلات العمالة الوافدة خاصة بعد ارتفاعها، قد يؤدي إلى زيادة التكاليف الاقتصادية وتراجع تدفق تلك العمالة التي ما تزال الحاجة إليها شديدة بسبب متطلبات التنمية.
ويعيش أكثر من 17 مليون أجنبي في دول مجلس التعاون الخليجي، ويرتفع العدد الكلي إلى 23 مليوناً أو أكثر بعد إضافة أفراد أسر العمالة الوافدة، أي ما يعادل قرابة نصف سكانها البالغ عددهم 48.8 مليوناً، بحسب أرقام "المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون".