الكويت تدخل خارطة الصناعات الغذائية العربية

20 يناير 2015
الثروة السمكية فرصة استثمارات مجدية (ياسرالزيات/فرانس برس)
+ الخط -
تولي الكويت اهتماماً كبيراً بالأمن الغذائي معتمدة على قدراتها المالية المرتفعة. فهي تستورد منتجات غذائية بنحو 350 مليون دولار سنوياً، فيما تصدر بقيمة تصل إلى ما يقارب 3 ملايين دولار شهرياً، أي ما يعادل 36 مليون دولار سنوياً. وبالرغم من الفارق بين قيمة الاستيراد والتصدير، إلا أن العاملين في قطاع الصناعات الغذائية ينظرون بعين متفائلة نحو تطوير هذا النمط من الصناعات في المستقبل، خصوصاً مع اتجاه الدولة نحو تنويع الاقتصاد والارتكاز إلى استثمارات إنتاجية جديدة، خاصة مع توافر الإمكانات، ومنها مثلا الثروة السمكية. 

الاعتماد على الاستيراد
تستورد الكويت منتجات عديدة من الخضار والتمور والأجبان والألبان والعصائر من دول عديدة، فيما تورد أنواعاً مختلفة من الزيوت والطحين والخبز. وأشار المسؤول في شركة اليسرة الغذائية عبد الرحمن الخالد، إلى أن الصناعات الغذائية تعد من أهم القطاعات الإنتاجية، لكنها تعاني في الكويت من تحديات أساسية أبرزها الاعتماد شبه المطلق على الاستيراد. وقال لـ "العربي الجديد": "استوردت الحكومة الكويتية سلعاً وصلت قيمتها إلى 350 مليون دولار في العام 2014، حيث تقوم بتوزيعها عل المواطنين عبر البطاقات التموينية الشهرية. إذ يبلغ عدد المستفيدين ما يقارب 1.1 مليون شخص، بنمو قدره 21 %عن العام 2013. وأشار إلى أن الكويت ترتبط باتفاقيات مع السعودية والبحرين ولبنان، وبعض الدول الغربية لتامين المنتجات الغذائية على فترات طويلة.
وأكد الخالد أن إجراءات وزارة التجارة ساهمت في زيادة الاعتماد على الاستيراد، حيث تسعى إلى توفير مخزون استراتيجي يحميها من انقطاع بعض المنتجات. فقد أظهرت أرقام وزارة التجارة، أن الكويت تستورد 93 %من حاجاتها الغذائية، فيما لا تصدر سوى بعض المنتجات كالزيت والخبز إلى دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تشمل 7% من الصناعات الغذائية فيها.
وأوضح الخالد أن قطاع الصناعات الغذائية في الكويت، يحاول التطور برغم الضعف النسبي للإمكانات الطبيعية للدولة خصوصاً في المجال الزراعي، وعدم وجود الخطط لتطوير القطاع من قبل المعنيين، وهو ما يؤدي إلى تراجع ترتيب الدولة على صعيد الغذاء في العالم. ولفت إلى أن إجراءات بعض الجمعيات التعاونية وبعض شركات الأغذية في القطاع الخاص، والتي تستورد العديد من منتجات لتحقيق أرباح عالية أدت إلى الحد من الإنتاج الغذائي في الكويت.

اتفاقيات تعاون
وقد ساهمت اتفاقيات التعاون التي وقعتها الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي في تراجع الاهتمام في الصناعات الغذائية. وبحسب الخبير الاقتصادي داوود العلي، فإن الاتفاقيات التي وقعت عبر وزارة التجارة وإدارة حماية المستهلك في العام الماضي مع البحرين لاستيراد منتجات الخضار، والتي وصلت قيمتها الى 12 مليون دولار حدت من اتجاه المستثمرين نحو الصناعات الغذائية. وقال لـ "العربي الجديد": تسعى الكويت لتأمين المستلزمات الغذائية الأساسية، لذا فهي تعتمد على استيراد المنتجات الغذائية وأبرزها الخضار والحبوب والمنتجات الأخرى، مستفيدة من الإيرادات العالية التي يوفرها النفط والذي يساعدها على الإنفاق وعدم الاهتمام بالتحول إلى بلد منشأ. وأشار إلى حجم استيراد اللحوم من الخارج، فشركة المواشي، تعمل على استيراد الأبقار والأغنام من البرازيل وأستراليا وبعض الدول العربية من أجل توفير اللحوم والدجاج في الدولة. إذ يبلغ عدد الأبقار والأغنام التي تستوردها الكويت سنوياً نحو 16 مليوناً، مقابل ما يعادل 230 مليون دولار.
وأضاف العلي "وصل عدد المصانع الغذائية في الكويت إلى 25 مصنعاً، أغلبها يوفر الزيوت والطحين والخبز. وتحتل الكويت المركز الثالث في قطاع الصناعات الغذائية، حسب أرقام منظمة التعاون الخليجي، بالرغم من إمكاناتها المالية التي تجعلها في مقدمة الدول الخليجية اقتصادياً".
ووفق الخبير الاقتصادي إبراهيم المنصور فإن الكويت كغيرها من دول الخليج استفادت في الفترة الماضية من النفط، ما ساهم في عدم إيلاء السلطات والمستثمرين الاهتمام بقطاعات عديدة أبرزها الصناعات الغذائية، حيث لا تتجاوز نسبة مساهمته من الناتج المحلي أكثر من 1.6 في المائة. وأوضح أن الكويت لم تضع خططا طويلة الأمد للتحول إلى بلد منشئ لبعض المنتجات كما فعلت المملكة العربية السعودية والبحرين وغيرها من الدول، ما جعلها تحتل المرتبة الثالثة.
وقال المنصور لـ "العربي الجديد": تعد الصناعات الغذائية مصدرا أساسيا لتعزيز سمعة الدولة على الصعيد العالمي. فالاعتماد شبه الكلي على الاستيراد يؤدي الى تراجع ترتيب الكويت الغذائي العالمي، بالرغم من توافر كافة مقومات النجاح لتطوير القطاع من أراض لإنشاء المصانع والسيولة المالية العالية، والعدد الكبير من المستثمرين الذين يسعون لاقتناص الفرص وتحقيق الأرباح العالية والإيرادات الضخمة.
وأفاد المنصور بأن العدد الكبير من رجال الأعمال في الكويت كفيل بتطوير القطاع، خصوصاً مع انخفاض أسعار النفط، والاتجاه نحو الاستثمارات ذات العوائد المضمونة. خاصة وأن الإنفاق الشهري على شراء المنتجات الغذائية في الجمعيات التعاونية يبلغ نحو 10 ملايين دولار تقريباً، وهو رقم يرتفع باستمرار خاصة مع التقلبات في الأسعار. إضافة إلى إمكانية الإفادة من النمو المتواصل في أعداد السكان. وطالب الحكومة الكويتية بضرورة وضع خطة طويلة الأمد لتحسين واقع قطاع الصناعات الغذائية، وتقليل الاستيراد، ومنح الطاقات الموجودة في الدولة، لتعزيز النشاط الاقتصادي، وتوفير فرص العمل في جميع المناطق، وخصوصاً الواقعة على الأطراف والتي تعد بحسب رأيه المكان الأبرز لإقامة مصانع الأغذية في الدولة.
المساهمون