يترقب المواطنون والوافدون في الكويت زيادات جديدة في أسعار السلع والخدمات مع حلول العام المقبل، على ضوء تلويح اتحاد الجمعيات التعاونية الكويتي، بأن رفع الحكومة أسعار الإيجارات التجارية ورسوم الخدمات بنسبة تصل إلى 300% سيتسبب في "موجة غلاء كارثية" على حد وصفه.
ويقول اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية (يضم الجمعيات الاستهلاكية الحكومية)، في وثيقة، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، إن موجة الغلاء المرتقبة ستشمل جميع السلع والمواد الغذائية في الأشهر الأولى من 2017.
ويرجع الاتحاد في الوثيقة التي تم توجيهها إلى الحكومة قبيل استقالتها يوم الاثنين الماضي، الارتفاع المتوقع في الأسعار إلى اعتزام الدولة تطبيق لائحة الأسعار الجديدة لبدل استغلال الأملاك العقارية العامة ورسوم الخدمات وزيادة أسعار الكهرباء والمياه تباعا، مشيرا إلى أن ذلك سيرفع من تكاليف التعاونيات والأسواق المركزية ويكبدها خسائر.
وتأتي استقالة الحكومة عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم السبت الماضي، وذلك كإجراء دستوري يحدث بعد إعلان الانتخابات البرلمانية، فيما أصدر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمراً أميرياً بقبول استقالة الحكومة، وتكليف رئيسها الشيخ جابر المبارك الصباح بتشكيل حكومة جديدة، وفق وكالة الأنباء الكويتية "كونا".
وتضغط العديد من القطاعات الاقتصادية وكذلك شرائح من المجتمع، باتجاه عدول الحكومة عن قرارات تقشفية وغيرها من الإجرءات التي تسببت في زيادة الأعباء المعيشية بفعل ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات، بينما استهدفت الحكومة من ورائها زيادة الإيرادات العامة في ظل تراجع عائدات النفط وتسجيل عجز في الموازنة هو الأول منذ نحو 16 عاماً.
واعتاد نحو 1.3 مليون مواطن في الكويت، صاحبة سادس أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، على امتيازات مترفة مثل دعم للغذاء والوقود وزيادة في الرواتب وقروض عقارات بدون فوائد، وتعليم وعلاج مجانيين، لكن تراجع أسعار النفط عالمياً منذ منتصف عام 2014 أجبر الدولة، مثل غالبية بلدان مجلس التعاون الخليجي، على اتخاذ خطوات تقشّفية.
وأدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لكبح عجز الموازنة، ومنها رفع أسعار الوقود، إلى انتقادات واسعة من قبل المواطنين، ما دعا الحكومة السابقة إلى التخفيف من بعض القرارات.
وتشير وثيقة اتحاد الجمعيات التعاونية، برئاسة سعد الشبو، إلى أن إيجارات بدل استغلال أملاك الدولة لبعض الأنشطة والقطاعات المقرر تطبيقه مطلع أبريل/نيسان المقبل ارتفعت بنسبة تصل إلى 300%، ما سيؤثر بشكل مباشر على أسعار جميع السلع في الجمعيات التعاونية.
وتعاني الكويت من ارتفاع كبير في معدلات التضخم، بعد البدء في إجراءات الإصلاح الحكومية، والتي كان آخرها رفع الدعم عن البنزين في سبتمبر/أيلول الماضي.
وبحسب تقرير حديث لبنك الكويت الوطني، فإن معدّل التضخم قفز خلال سبتمبر/أيلول إلى 3.8% على أساس سنوي مقابل 2.9% في أغسطس/آب، نتيجة ارتفاع أسعار البنزين. وأظهر مسح حديث للإدارة العامة للإحصاء، أن 60% من مصروفات الأسر الكويتية يذهب الى الأمور الأساسية في المعيشة المتعلقة بالأغذية و35% إلى الإيجار و5% فقط إلى الترفيه.
ويعرب الوافدون بشكل خاص عن قلق من استمرار الأسعار في الارتفاع، لاسيما في ظل عدم تسجيل أي زيادات في رواتب وأجور الوافدين في القطاع الخاص منذ أكثر من خمس سنوات.
لكن عيد الرشيدي، الوكيل المساعد لشؤون الرقابة التجارية وحماية المستهلك في وزارة التجارة والصناعة، يقول إن وزارة التجارة ترفض أي زيادات مصطنعة في الأسعار، وبناء على ذلك فإن مفتشي الوزارة سيحيلون أي مخالفات للنيابة التجارية لتطبيق القانون على المخالفين. ويضيف الرشيدي لـ"العربي الجديد" "نرفض استغلال قرارات رفع بدل إيجار أملاك الدولة أو زيادة أسعار البنزين من اجل رفع الأسعار في الجمعيات التعاونية".
وكان وزير التجارة والصناعة في الحكومة المستقيلة، يوسف العلي، قرر في أبريل/ نيسان الماضي تجميد أسعار السلع الاستهلاكية، وذلك في خطوة استباقية لمحاربة أية زيادة قبل قرار حكومي بزيادة أسعار البنزين، غير أنه بعد مرور ثلاثة اشهر أصدر الوزير قراراً يلغي تجميد الأسعار.
وأقرت الحكومة زيادة في أسعار البنزين بنسب تتراوح بين 40% و83% حسب نوع الوقود، ما أثار انتقادات حادة، ما دفعها للإعلان عن توزيع 75 لتراً مجانيا شهرياً على المواطنين.
ويقول بدر العتيبي، الخبير الاقتصادي، إن الجمعيات الاستهلاكية التزمت بعدم اعتماد أي زيادة بعد رفع أسعار البنزين، إلا أنه من غير المقبول الاستمرار في الأسعار الحالية والتغاضي عن زيادة إيجارات أملاك الدولة وزيادة تسعيرة الكهرباء والمياه.
ويتوقع العتيبي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن يقوم مجلس الأمة الجديد (البرلمان) بإعادة دراسة القرارات الحكومية والعمل على تكيفها مع الأوضاع الاقتصادية والمالية التي يعيشها كل من المواطن الكويتي والوافد الأجنبي.
وما يطبع الانتخابات البرلمانية الأخيرة هو عودة المعارضة، بعدما قاطعت غالبية الأطراف فيها دورتي ديسمبر/كانون الأول 2012 ويوليو/تموز 2013، احتجاجاً على تعديل الحكومة النظام الانتخابي من جانب واحد.
واستثمر أغلب المرشحين، رفض المواطنين الإجراءات الحكومية التقشفبة، وقدّم بعضهم وعوداً تتخطّى رفض هذه الإجراءات، لتصل إلى حد العمل على إعادة الرفاهية التي تغرب عن أعين المواطنين.
ويقول العتيبي إن الشركات الموردة للمواد الغذائية ستزيد من أسعارها في الجمعيات التعاونية خلال الأيام المقبلة، إذا لم يتم تدخل سريع لإيقاف ذلك، بذريعة زيادة أسعار بدل استغلال أملاك الدولة والكهرباء والمياه، كما أن الجمعيات ستضطر لزيادة أسعارها ونسب أرباحها على السلع المعروضة لتعويض الزيادة في تكلفة الإيجارات على المواقع التي تستغلها أيضا.
ويقول مدير عام أحد فروع الجمعيات التعاونية، وقد فضل عدم ذكر اسمه، إن أسعار 900 سلعة من 23 شركة ستشهد زيادة في الأسعار مطلع العام المقبل. ويضيف أن لجنة الأسعار بوزارة التجارة، انتهت من دراسة طلبات الشركات، التي تود زيادة أسعارها بنسبه تتراوح ما بين 8% و14% للسلعة الواحدة. ويشير إلى أن من أبرز السلع التي ستطبق عليها الزيادة الألبان بمختلف أنواعها واللحوم المصنعة والمجمدات بمختلف أنواعها وبعض أنواع المعلبات.