كشفت مصادر مسؤولة في الكويت لـ "العربي الجديد"، أن الحكومة تتجه بشكل جدي إلى خصخصة قطاع التعليم، بعدما وصلت ميزانيته إلى قرابة 15% من الموازنة العامة للدولة التي تعاني من عجز شديد نتيجة انخفاض أسعار النفط، مصدر الدخل الرئيس.
وبحسب إحصائيات المكتب الفني في وزارة التربية، فإن تكلفة تعليم الطالب الواحد في المدارس الحكومية بالكويت تبلغ 15 ألف دينار (نحو 50 ألف دولار) حتى تخرجه من المرحلة الثانوية، بينما يبلغ معدل إنفاق الحكومة لتعليم طلبة مرحلة البكالوريوس (فيما عدا كلية الطب) 7350 ديناراً سنوياً (24 ألف دولار).
وتبلغ تكلفة طلبة الطب أكثر من مائة ألف دينار سنوياً ( ما يعادل 330 ألف دولار) وهو رقم كبير مقارنة مع تكلفة الدراسة في الجامعات الأوروبية والأميركية.
وتستهلك رواتب المعلمين 93% من ميزانية التعليم في الكويت، خصوصاً بعد ازدياد الإقبال على مهنة التعليم بشكل كبير عقب رفع الحكومة لرواتب المعلمين، وبلغ معدل زيادة ميزانية وزارة التربية خلال عقدين من الزمن أكثر من 400%.
وكانت وزارة التربية في الكويت أعلنت على لسان وزيرها السابق الدكتور بدر العيسى أنها ستقوم بخصخصة جزئية لبعض المدارس الحكومية في عدة محافظات، وذلك للوقوف على إيجابيات وسلبيات التجربة، ومن ثم القيام بالخصخصة الكاملة لقطاع التعليم ورفع يد الدولة عنه، في مسعى لتحسين جودة التعليم من جهة وتخفيف الضغط على الموازنة العامة من جهة أخرى.
غير أن حل مجلس الأمة وتعطيل "وثيقة الإصلاح الاقتصادي" التي وضعتها الحكومة، أوقفت المشروع بشكل مؤقت.
ويعاني القطاع التعليمي في الكويت من تدنٍ كبير في مستواه، وتراجع كبير في تقييماته، نظراً لعدم كفاءة الطواقم التعليمية الكويتية وتضخم البيروقراطية داخل الوزارة نفسها.
ويبلغ عدد أيام الدراسة في الكويت 160 يوماً، في حين أنها تبلغ في المعدل العالمي 200 يوم.
ويقول خبراء الاقتصاد الكويتي المؤيدون لخصخصة التعليم إن القطاع أثقل كاهل الدولة بمصروفات كبيرة جداً، وبالرغم من ذلك فإنه يعد من أفشل القطاعات في البلاد، نظراً لانتشار المحسوبيات والبيروقراطية.
ويؤكد هؤلاء أن هذا الإجراء يزيل جزءاً كبيراً من ميزانية الرواتب التي تثقل كاهل الدولة، فضلا عن تطوير التعليم، على اعتبار أن الشركات الخاصة ستطمح إلى جلب عدد أكبر من الطلبة الكويتيين إلى صفوف مدارسها، وذلك عبر تطوير الكادر التعليمي.
وقال الخبير الاقتصادي بدر رمضان لـ "العربي الجديد": "نظريا، تبدو فكرة خصخصة التعليم ذهبية للقضاء على البيروقراطية المنتشرة، حتى أصبحت وزارة التربية عاجزة عن اتخاذ أي قرار دون مروره على عشرات الإدارات القانونية والتنفيذية، لكن المشكلة هي في تحويل هذه الفكرة على الأرض، نظراً لفشل أفكار سابقة في الخصخصة مثل خصخصة محطات الوقود"، مشيرا إلى أن الحل الذي اقترحه وزير التربية السابق والمتمثل في خصخصة بعض المدارس في كل المحافظات على سبيل التجربة ثم تقييم هذه التجربة، هو الأمثل.
وأضاف رمضان، أن كل التحليلات تشير إلى أن خصخصة القطاع التعليمي قادمة، لكن الاختلاف يكمن في التوقيت فقط، وذلك لأن ارتفاع بند الرواتب في ميزانية الدولة بهذا الشكل، يثير مخاوف المسؤولين.
واعتاد نحو 1.3 مليون مواطن في الكويت، صاحبة سادس أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، على امتيازات مثل التعليم المجاني، وقروض عقارات بدون فوائد، وعلاج مجاني، ودعم للغذاء والوقود وزيادة في الرواتب، لكن تراجع أسعار النفط عالمياً منذ منتصف عام 2014 أجبر الدولة، مثل غالبية بلدان مجلس التعاون الخليجي، على اتخاذ خطوات تقشّفية بعد تسجيل عجز مالي ناجم عن تراجع الإيرادات العامة.