الكونغرس يكشف خفايا إمبراطورية المضاربات

24 نوفمبر 2014
مضاربة كبيرة تشهدها البورصة الأميركية (أرشيف/getty)
+ الخط -

تكلف المضاربات التي تديرها مصارف أميركية ضخمة، من بينها مصرف "غولدمان ساكس" و"جي بي مورغان" و"مورغان ستانلي" و"سيتي بانك"، المستهلكين في أنحاء العالم مئات مليارات الدولارات سنوياً.

ويذكر أن هذه المصارف لم تؤسس من أجل المضاربة في السلع الاستهلاكية؛ وإنما أسست بالأساس من أجل العمليات المصرفية.

ويذكر أن مذكرة داخلية لمصرف "غولدمان ساكس"، كشفت أن المضاربات على النفط تمثل نسبة 30% من سعر برميل النفط.

وهو ما يعني أن المضاربات على البراميل الوهمية في سوق العقود المستقبلية، ترفع سعر البرميل الحقيقي المنتج بنحو 25 دولاراً، وقدر بعض الخبراء الكلفة المترتبة على المستهلكين في أنحاء العالم من المضاربات على النفط بنحو 200 مليار دولار سنوياً.

وكشف تقرير مجلس الشيوخ، الذي اطلعت عليه "العربي الجديد" أن مصرف "مورغان ستانلي" يملك منشآت تخزينية، تبلغ طاقتها 55 مليون برميل، ومائة حاوية نفطية يستخدمها في المضاربات على أسعار النفط. كما تناول التقرير دور مصرف "مورغان ستانلي" في المضاربة على وقود الطائرات، وعمليات التحوط المتعلقة بخطوط طيران "يونايتد أيرلاينز" الأميركية وخطوط طيران الإمارات.

كما كشف كذلك دور المصرف في تجارة الغاز الطبيعي المتعلقة بخطط إنشاء وحدة معالجة للغاز الطبيعي في تكساس، وعلاقته مع شركة أنابيب نقل الغاز الطبيعي في منطقة الوسط الغربي بالولايات المتحدة.

وتناول التقرير، الكيفية التي يستخدمها مصرف "غولدمان ساكس" للتلاعب بأسعار الألمونيوم، وكيف أنه أشترى مخازن في منطقة ديترويت بولاية ميشيغان الأميركية، لهذا الغرض.

وذكر، أن مصرف "غولدمان ساكس" حقق مئات ملايين الدولارات عبر استغلال التشريعات التي تحكم تجارة الألمونيوم والمستمدة من بورصة لندن. وقدر خبراء الخسائر التي يتكبدها المستهلك الأميركي من تلاعب "غولدمان ساكس" بأسعار الألمونيوم بنحو 5 مليارات دولار سنوياً.

وأشار التقرير إلى الحيل التي يستخدمها مصرف "جي بي مورغان" للتلاعب بأسعار الكهرباء في أميركا، وهي حيل باتت الآن موضوع تحقيق من قبل السلطات الأميركية.

ويسعى مصرف "جي بي مورغان" لتسوية هذه القضية مع سلطات البورصة الأميركية، عبر دفع غرامة تقدر بنحو 500 مليون دولار، ولكن يبدو أن فتح مجلس الشيوخ التحقيق في قضايا المضاربات المصرفية في أسعار السلع الأولية سيعقد موضوع التسوية.

وأشار تقرير الكونغرس الأميركي إلى قوة "لوبي المصارف" وتأثيره على القرارات السياسية، وكيف أنه تمكن من الضغط على سلطات البورصة الأميركية للسماح لثلاثة مصارف وهي "غولدمان ساكس" و"جي بي مورغان" و"بلاك روك" باحتكار 80% من معدن النحاس في الأسواق، وهو اتفاق أصبح الآن موضوع تحقيق.

وهو ما حدا بالمرشح الجمهوري السابق للرئاسة الأميركية، جون ماكين، بالقول إن السلطات التشريعية في البورصة ليست على دراية بخطورة الدور الذي تلعبه المصارف في المضاربة على السلع الأولية.

قيود على المضاربات

وفي أعقاب صدور التقرير، قال مسؤول نقدي كبير إن مجلس الاحتياط الفدرالي يخطط لوضع قيود جديدة على المتاجرة في السلع الأولية، ستجعل من الصعب على المصارف الأميركية الكبرى تنفيذ صفقات ضخمة أو إجراء مضاربات كبرى في أسواق السلع الأولية.

جاء ذلك في الإفادات التي أدلى بها رئيس مجلس الاحتياط الفدرالي بنيويورك، دانيال تارلو، يوم الجمعة الماضي أمام لجنة مجلس الشيوخ التي تحقق في مضاربات المصارف الكبرى على السلع وآثارها على المستهلك الأميركي، والمخاطر المالية والخسائر المتوقعة من هذه المضاربات.

وقال تارلو، أمام اللجنة، إن مجلس الاحتياط الفدرالي سيقر التشريعات الجديدة الخاصة بالمتاجرة في السلع الأولية في الربع الأول من العام المقبل 2015.

 وأشار إلى أن هذه التشريعات المتوقعة، ستجبر المصارف الأميركية على رصد احتياطات كافية لتغطية أية خسائر محتملة من مضارباتها على السلع الأولية، وتحد من عملياتها في المتاجرة ببعض الصفقات التي تنفذها حالياً.

ويذكر أن لجنة مجلس الشيوخ قد حققت لمدة عامين في عمليات المتاجرة في السلع الأولية قبل إصدارها هذا التقرير.

ويذكر أن الحكومة الأميركية لم تضع تشريعات للمتاجرة في السلع الأولية، بيعاً وشراء على أساس أنها سلع تحدد سعرها الصناعات. ولكن لاحظ بعض نواب الكونغرس في السنوات الأخيرة أن هنالك نشاطاً متزايداً للمصارف، للمضاربة على هذه السلع والتأثير على أسعارها بشكل أضر بالمستهلكين.

وقال السناتور جون ماكين، الذي يعد من كبار أعضاء لجنة التحقيق يوم الجمعة الماضي، "لقد وجدت اللجنة أن المشرعين ليسوا على دراية كافية بمدى تأثير حيازات المصارف من هذه السلع على الأسواق الاستهلاكية".

وأضاف: "في حالات أخرى وجدت اللجنة أن المصارف التي تضارب على هذه السلع، ليس لديها التأمين الكافي أو حتى رأس المال لحماية نفسها ضد القضايا القانونية المحتملة التي تتعلق بالبيئة والكوارث الطبيعية".

وحسب تصريحات لجنة مجلس الشيوخ، فإن اللجنة ستعقد جلسة استماع يومي الأربعاء والخميس، للاستماع إلى إفادات مصرفيين من المصارف الثلاثة في واشنطن.

خلفية تاريخية

كانت المصارف الأميركية ذات دور محدود في المتاجرة بالسلع حتى عقد السبعينيات. ولم تبدأ المضاربات على السلع بشكل كبير إلا في عقد التسعينيات، وما فاقم من مشكلة المضاربات على السلع، عقود المشتقات المالية والأدوات المستقبلية.

وكثير من الأدوات المالية المستخدمة حالياً في سوق العقود المستقبلية، هي عبارة عن مراهنات على حركة صعود ونزول السلع أكثر منها متاجرة فعلية على السلع نفسها. وهذه المضاربات على سلع وهمية، أكثر منها عمليات بيع وشراء.

المساهمون