في مشهد تمثيلي قصير، يؤدي الفنان محمد قاسم دور أبو عصام في المسلسل السوري الشهير "باب الحارة"، فيعود إلى منزله بعد غياب طويل. تحاول زوجته الاقتراب منه واحتضانه، لكن سرعان ما يصفعها، متسائلاً: "ألا تعرفين أن الاحتضان والقبلات ممنوعان؟ أين كمامتك؟".
يندرج هذا المشهد الذي يُتداوَل على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن أنشطة لجأ اليها فنانون من محافظة البصرة الغنية بالنفط في جنوب العراق، لعلّها تقنع المواطنين بالتزام تدابير الوقاية من وباء كورونا (كوفيد-19)، بعدما تبين أن الدعوات والتحذيرات الرسمية لم تردع العراقيين.
ويقول قاسم: "اليوم نمرّ بأزمة فيروس كورونا، وبالتالي وجهنا كل عملنا إلى الشق التوعوي، لناحية التزام توجيه وزارة الصحة، من تعقيم وغسل اليدين وما شابه".
في ساحة "حارة الضبع"، يدخل عصام، ابن "أبو عصام"، الذي يؤدي دوره الممثل يوسف الحجاج، في مشادة كلامية مع أبناء حارته، بسبب تجمعهم من دون أخذ الاحتياطات الصحية اللازمة.
ويقول الحجاج إن الهدف من التمثيلية القصيرة "رفع مستوى التوعية من خلال الكوميديا للبقاء في المنازل والتوقي".
وبلغ عدد الإصابات المعلنة بالفيروس في العراق 2085، بينها 93 وفاة.
وسُجِّل أكثر من 280 حالة في البصرة وحدها، نحو مئة منها خلال الأيام الأربعة الأخيرة، وبينها أفراد عائلات كاملة، أو سكان من حيّ واحد تجمعوا مثلاً لمناسبة عزاء، ما يشير إلى انعدام التزام الوقاية.
ويضاف إلى ذلك رفع السلطات حظر التجول خلال ساعات النهار.
ويعني ذلك زيادة الضغط على الطواقم الطبية العاملة في واحدة من أكبر محافظات البلاد التي تعاني من نظام صحي متهالك أثقلته سنوات من الحروب والحصار والعنف الطائفي.
لذلك، يقول قاسم، إن جزءاً من الأعمال كانت مخصصة للكوادر الصحية والقوات الأمنية التي تحاول منع التجمعات.
وعلى أنغام أغنية "بنت الجيران" المصرية التي لاقت رواجاً كبيراً في العالم العربي، أنشد مغنون في مشهد تمثيلي آخر يشارك فيه شرطي على حاجز أمني "حظر التجول من ورا كورونا، والدنيا مذعورة ومجنونة".
وفي مشهد آخر، يستقبل أب وابنه ضيفاً أخضر اللون يعرّف عن نفسه باسم "كورونا" ويدعوهما إلى توخي الحذر والتزام التعقيم.
ورغم الرفع الجزئي لحظر التجول، لا تزال قطاعات اقتصادية أساسية في حالة إغلاق، إذ لم تفتح المطارات، فيما التنقل بين المحافظات ممنوع، ولا تزال المدارس والجامعات مغلقة، وصلوات الجمعة متوقفة.
واعتبرت السلطات أن الرفع الجزئي قد يشكل متنفساً للناس خلال شهر رمضان، ويساعد أصحاب الرواتب الصغيرة والمياومين على تأمين قوت يومهم، في أوضاع معقدة.
في بغداد أيضاً، يسعى فنانون إلى تقديم المساعدة في مجال التوعية، لأن "هذه مسؤوليتنا"، وفق ما يقول مصمم الديكور الداخلي عبد الله خالد (28 عاماً) لفرانس برس.
ويظهر فيديو تمثيلي بُثّ على قناة تلفزيونية محلية طبيبة أنهكها العمل تتلقى اتصال دعم من زوجها، ليخبرها أن المرضى يحتاجونها، وليرفع من معنوياتها، فتعود مسرعة إلى غرفة العمليات بتصميم وعزيمة. وكان لافتاً دور الطبيبات العراقيات في الأزمة الحالية، مع تطوع كثيرات من اختصاصات مختلفة، للمساعدة في السيطرة على الجائحة، في بلد يسجّل أدنى معدلات توظيف بين الإناث في العالم، لا تتخطى 15 في المئة.
ويشير خالد إلى أن "حظر التجول مستمر، والوضع يتفاقم"، لذلك "عملنا على فيديو لشكر الطاقم الطبي في العراق والعالم كله، وحرصنا على أن يكون تعليمياً".
ويرى مخرج العمل مصطفى الكرخي (29 عاماً) أن "التوعية بالفيديو من أهم العناصر والأدوات التي تجعل الناس يحمون أنفسهم بأنفسهم".
ويضيف: "مهما كان لدينا من كوادر طبية أو تطور طبي، فلن نتمكن من استيعاب أعداد كبيرة" من المرضى في المستشفيات، معتبراً أن "مقاطع الفيديو هي من العوامل الرئيسة لتقييد انتشار الفيروس".
(فرانس برس)