وجد العراقيون أنفسهم في العيد محاصرين بين ثلاث مصائب، فهم بين قسوة النزوح، والخشية من الكوليرا، التي استشرت بسرعة في محافظات الوسط والجنوب، والخوف من القصف أو الانفجارات هنا وهناك، ما حدّ كثيراً من حركتهم وتنقلهم لزيارة بعضهم البعض.
وينشغل العراقيون في العيد بتحصين أنفسهم وعائلاتهم من وباء الكوليرا، كما يقللون من حركتهم خشية الانفجارات والسيارات المفخخة، أما القاطنون في المدن خارج سيطرة الحكومة فهم يستقبلون القذائف والصواريخ مع أول تكبيرة للعيد.
ويقول سفيان علي (31 عاماً) "لا طعم للعيد اليوم، فالجميع في خوفٍ وترقب من كل شيء، ولا ندري أنحصن أنفسنا وعائلاتنا من الكوليرا وخطرها الداهم، أم نحد من حركتنا خشية الانفجارات أو القصف؟ أصبح التزام المنزل هو الحل الأفضل، وهذا حد كثيراً من عاداتنا في التزاور".
أما ممدوح ظافر، فيشير إلى أنَّ "التجمعات خلال العيد خطيرة ومخيفة، خشية الانفجارات والسيارات المفخخة، ولا نشعر بطعم العيد لافتقادنا إلى الأمان، فضلاً عن الحالة الاقتصادية المتردية".
وكشفت مصادر طبية أنَّ وباء الكوليرا أصاب أكثر من 800 شخص في بغداد وضواحيها والأنبار وكربلاء والنجف وبلدات أخرى، موضحةً أنَّ الإصابات مرشحة للارتفاع، إذ توفي 11 شخصاً حتى الآن، بينهم طفلان.
اقرأ أيضاً: الكوليرا بمحافظة بابل ومخيمات النازحين في الأنبار
وهذا الأمر دفع العراقيين إلى الانشغال بتحصين عائلاتهم، عبر شراء حبوب تعقيم المياه أو محطات التنقية المنزلية، والحد من التحرك، خشية الإصابة بالوباء.
بدوره، يلفت مثنى الحسني إلى أنّ "وباء الكوليرا جعل العراقيين جميعاً في حالة من الإنذار وسط الإهمال والتعتيم الحكومي على هذه الكارثة، فأصبحوا لا يخرجون كما جرت العادة في العيد، خشية انتقال العدوى إلى أطفالهم".
ولم يعد يسمح الأهالي لأطفالهم بشراء حلويات العيد ومأكولاته من الباعة المتجولين، أو حتى تناولها عند الجيران، خوفاً من إصابتهم بالوباء. فيما يبتعدون عن أماكن اللهو ومدن الألعاب خشية الانفجارات والاستهداف بالسيارات المفخخة في الشوارع.
اقرأ أيضاً: أطفال نازحون يضحّون بالعيد هذا العام
في المقابل، فضّل آخرون الخروج إلى الحدائق أو مدن الألعاب القريبة، مصطحبين معهم مياه الشرب المعقمة، وبعض الطعام، لكنهم لا يخفون عدم ارتياحهم. ويقول فاضل علي "حتى لو خرجنا من المنزل، فلا ننكر التخوف من أي طارئ قد يحصل، فلا أمن في البلاد، في ظل التدهور الأمني وانتشار الأوبئة الخطرة والأمراض".
اقرأ أيضاً: خروف العيد.. أضاحي غزة "لمن استطاع إليها سبيلاً"