مع تسجيل أوّل إصابة بالكوليرا في العاصمة العراقية بغداد، بعد انتشار المرض في عدد من البلدات، دقّ المعنيّون في العراق ناقوس الخطر. وبالفعل، بدأت وزارة الصحة العراقية وأجهزة ومؤسسات الدولة باتخاذ الاحتياطات اللازمة استعداداً لمواجهة هذا المرض الخطير.
وقد طالب رؤساء عدد من الكتل النيابية بإعلان حالة الطوارئ في البلاد. وفي بيان أصدره رئيس الكتلة العراقية الحرة قتيبة الجبوري، قال إنّ "مرض الكوليرا يعود مرة أخرى ليضرب بغداد بعدما اختفى من العالم نتيجة التطور التكنولوجي والعلمي في مكافحة هذا المرض والقضاء على مسببات انتشاره. ووصول المرض إلى العاصمة بغداد انتكاسة كبيرة جاءت في توقيت سيئ للغاية". أضاف: "على الحكومة إعلان حالة الطوارئ، استعداداً لمواجهة هذا المرض الخطير ومكافحته والقضاء عليه بأسرع وقت. ونناشد الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية كافة، بالوقوف مع الحكومة العراقية ومساعدتها، لمواجهة مرض الكوليرا، وتوفير العلاجات الطبية اللازمة كافة للمصابين".
وقد أعلن مجلس محافظة بغداد أمس، عن "أوّل إصابة لشاب من أهالي منطقة الكرادة في العاصمة، وحالته مستقرّة حالياً وتحت سيطرة الأطباء والفرق الصحية المختصة بالمرض". ووجّه المجلس تعليمات صارمة إلى جميع الدوائر والمؤسسات الصحية في العاصمة بغداد، تقول بتنفيذ حملات تفتيش واسعة النطاق تطاول المأكولات الشعبية المكشوفة والباعة المتجولين بشكل مستمرّ، محذراً من خطورة انتشار المرض في العاصمة.
من جهته، أعاد معاون دائرة الإعلام في وزارة الصحة رفاق الأعرجي أسباب انتشار المرض إلى "انخفاض مناسيب المياه في حوض الفرات، والتلوّث البيئي، وحالة النزوح التي تشهدها البلاد". وأشار الأعرجي إلى أن "ثمّة خطة سنوية للوزارة تهدف إلى الحد من انتشار المرض، وقد عُمّمت على كل المراكز والمؤسسات الصحية. كذلك وفّرت الوزارة حبوب تعقيم مجانية خاصة لمياه الشرب، لتوزّع على المواطنين. والعمل جارٍ على بعث رسائل نصية قصيرة للمواطنين، تهدف إلى التوعية، أملاً في الوقاية من المرض".
اقرأ أيضاً: انتشار الكوليرا يقلق أهالي أبو غريب العراقية
أما لجنة الصحة والبيئة النيابية، فأشارت في بيان أمس إلى أنّ "41 إصابة بالمرض سجّلت، من بينها أربع وفيات في ضواحي العاصمة بغداد". غير أنّ مصادر ميدانيّة أكّدت أنّ العدد أكبر من المعلن، مع ستّ وفيات، من بينها أربع نساء، بالإضافة إلى 70 إصابة، من بينها 22 حالة خطرة. وما زالت قرى عدّة في حاجة إلى متابعة للكشف عن إصابات محتملة بالمرض.
ودعت هذه المستجدات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى التدخّل، فوجّه تعليمات تقول بحصر المناطق التي سجّلت فيها إصابات بالمرض، وتوفير كميات كافية من مادة الكلور المعقمة لمياه الشرب وإرسالها بشكل عاجل إلى تلك المناطق.
أما الكوادر الصحية التابعة لوزارة الصحة، فأعلنت حالة استنفار قصوى، استعداداً لاستقبال الإصابات المحتملة وتوفير الأدوية اللازمة للمصابين. وقال مدير عام دائرة الصحة العامة في الوزارة حسن هادي في مؤتمر صحافي، إنّ "الوزارة اتخذت احتياطات لمنع انتشار المرض. وشكّلت فرق الرقابة الصحية خليّة أزمة للقيام بجولات تفتيش ميدانية مستمرة على المطاعم والمسابح". وشدّد على ضرورة أن تكون المستشفيات والمراكز الطبية والمختبرات على استعداد تام ومجهّزة بالأمصال الوريدية اللازمة والمضادات الحيوية، على أن ترسل الفحوصات إلى مختبر الصحة المركزي للتأكد من الإصابة".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" قد سجّلت في عام 2007 وفاة 11 شخصاً بسبب الكوليرا في إقليم كردستان العراق. أما آخر حالة وفاة على خلفية هذا المرض في البلاد، فقد سجّلت في عام 2012، قبل أن تعلن الجهات الصحية خلوّ العراق من الوباء.
المدارس في موعدها
العام الدراسي ينطلق غداً في العراق، فيوضح مصدر في وزارة التربية أنها اتخذت إجراءات احتياطية لتفادي إصابة التلاميذ في المدارس بالكوليرا، عبر توعيتهم والتعاون مع فرق صحية مختصة بمتابعتهم. يضيف لـ "العربي الجديد" أنهم يتابعون "إجراءات وزارة الصحة وآخر إحصائيات الإصابات، لوضع الخطط اللازمة بشكل يتلاءم مع حجم احتياجات التلاميذ". ويشدّد على أن "العام الدراسي لن يؤجَّل، ونحن مستعدّون لأي طارئ".
اقرأ أيضاً: ابتعدوا عن المأكولات المكشوفة وعقّموا مياه الشرب