تجتاح العراق أزمة كساد في سوق العقارات بسبب الأوضاع الامنية المتردية، بعد سيطرة مسلحين، من بينهم قوات الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" على محافظات عراقية، وساهمت أعمال العنف في العراق في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني خوفاً من عدم وصول المواد الغذائية من التجار إلى المستهلكين، بسبب سيطرة "داعش" على الطرق الدولية.
تردي الأوضاع المعيشية، انعكس بطبيعة الحال على القطاعات الإنتاجية والخدماتية كافة، ومنها سوق العقارات، على الرغم من أن العراق يعاني من أزمة سكن حادة منذ سنوات.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور، عبد الرحمن المشهداني، لوكالة الأناضول: إن تراجع النشاط داخل سوقي العقارات والسيارات في العاصمة بغداد، أمر طبيعي، في ظل الظروف الأمنية الحالية.
أعمال العنف
ويعم الاضطراب مناطق شمال وغرب العراق بعد سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على أجزاء واسعة من محافظة نينوى في الشمال بالكامل من بينها مدينة الموصل، في العاشر من يونيو/حزيران الماضي، كما تكرر الأمر في مدن محافظة صلاح الدين ومدينة كركوك في محافظة كركوك في الشمال وقبلها بأشهر مدن محافظة الأنبار.
وأكد تجار عراقيون: أن سوق العقارات تشهد حالة من الكساد التجاري، محملين الحكومة العراقية المسؤولية نتيجة عدم استقرار الأوضاع الأمنية.
وقال صاحب أحد مكاتب الوساطة لبيع وشراء العقارات في منطقة المنصور محمد عيدان، التي تعتبر من أهم مناطق العاصمة الراقية: إن سوق العقارات تشهد ركوداً غير مسبوق منذ عام 2006، مشدداً على أن حركة سوق العقارات باتت تقتصر على الإيجارات فقط، أما عمليات البيع والشراء فباتت شبه معدومة، على حد تعبيره.
كما تسببت أعمال العنف في حصول جمود كبير في سوق السيارات، وقال وكيل إحدى شركات السيارات في منطقة الكرادة في بغداد سمير حسين: إن عدم إقرار مسودة مشروع الموازنة العامة، وتراجع الوضع الأمني، عاملان رئيسيان وراء عدم إقبال المواطنين على اقتناء السيارات في الوقت الحالي.
وقال محمد عيدان، وهو مالك أحد معارض بيع السيارات في منطقة البياع في وسط العاصمة العراقية بغداد: إن الأوضاع الأمنية المتردية، تركت أثراً سلبياً على قطاع العقارات.
أما المواطن سعد فاضل فأشار إلى "أن تفاقم الوضع الأمني في عدد من المحافظات العراقية شكل مصدر قلق، منع غالبية المواطنين من مجرد التفكير في شراء السيارات والعقارات، في الوقت الراهن".
وأضاف فاضل: أن عدداً كبيراً من العراقيين يسعون حالياً الى بيع سياراتهم ومقتنياتهم الثمينة، وعقاراتهم، وتحويلها الى سيولة نقدية، مخافة تركهم منازلهم، في حال ساء الوضع الأمني أكثر من ذلك.
وشهدت أسعار العقارات ارتفاعاً غير مسبوق منذ سنوات، حيث ارتفعت أسعار العقارات بنسبة تزيد على 1000 في المئة منذ عام 2003، وبحسب تجار العقارات فإن أسعار المنازل تتراوح في منطقة الكرادة في الضاحية الجنوبية للعاصمة العراقية بين ثلاثة آلاف دولار وخمسة آلاف دولار للمتر الواحد، وينطبق الأمر على باقي المناطق الراقية مثل الجادرية والمنصور وغيرها.
أزمة سكن
إلى ذلك، يعيش العراق تحت وطأة أزمة سكن حادة، مما دفع الحكومة إلى وضع خطط لمعالجة أزمة السكن بحلول عام 2020، وذلك بإنجاز المشاريع السكنية التي أعدتها بالتعاون مع القطاع الخاص، في حين شكّك متخصصون في قدرة الحكومة على المضي بإقفال ملف السكن، بسبب البيروقراطية والفساد المالي والإداري.
وأعلن رئيس هيئة المستشارين في مجلس الوزراء، ثامر الغضبان، في تصريحات صحافية أن لـقطاع الإسكان أولوية في الخطط التي تضعها الحكومة العراقية عبر الهيئة الوطنية للاستثمار أو وزارة الإسكان والإعمار، مشيراً إلى أن الخطة الموضوعة تقضي بإنشاء مليون وحدة سكنية في مناطق العراق، كخطوة أولى لحل هذه الأزمة تتبعها خطوات أخرى مماثلة.
من جهتها، أكدت وزارة التخطيط أن قطاع السكن في العراق لا يزال يؤثر في شكل كبيرعلى ارتـفاع نسب التضخم وتراجعها، وأوضح وكيل وزير التخطيط، مهدي العلاق، أن الإحصاءات الأخيرة تشير إلى بلوغ تضخم الأسعار 3.5 في المئة.
وتبلغ الموازنة الاتحادية للدولة العراقية للعام الحالي حوالي 176.5 مليار دينار وهي الأضخم في تاريخ العراق، وقد أولت الاهتمام الأكبر لملفات الطاقة والأمن والخدمات، لكن الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم شمال العراق حال دون إقرارها.
الدولار الأميركى = 1168 دينار عراقي