الكبة النيئة التركية: علامة تجارية تغزو خمسين دولة

21 مارس 2020
تركيا بدأت منذ أعوام بتصدير الـ"تشي كوفتة" (العربي الجديد)
+ الخط -
استجابة للقوانين الصحية للاتحاد الأوروبي، حظرت وزارة الصحة التركية، منذ عام 2008، وضع اللحم النيء أو حتى منكهات بطعم اللحم، ضمن الكبة النيئة التركية التي تنقل بالسيارات إلى المحال والمطاعم، خشية أن يفسد اللحم وتتحول الأكلة الشهيرة، إلى سمّ لمحبيها. ومنذ ذاك التاريخ، تحول الاسم إلى "تشي كوفتة" أي الخالية من اللحم، وتحولت الكبة إلى صناعة، دخلها مستثمرون كبار وهواة أثبتوا كفاءة ومنافسة، من قبيل مدرس الرياضيات الشهير، جيتين تاكديمير، والمغني التركي الأشهر إبراهيم تاتليسيس، وأسّس بعض أباطرة المال في تركيا سلسلة مطاعم وشركات للكبة، سمّوها باسم إمبراطورية "كوماجين" الأثرية.

وكعادة الأتراك بنسب المأكولات المتشابهة مع بلاد الشام إلى أنفسهم، وربطها بغابر الزمان، يتناقل الأتراك أن أصل "الكبة النيئة" تركية وليست سورية أو لبنانية، ويورد كتاب adim adim turkce 3 الخاص بتعليم اللغة والطبخ، أن رجلاً تركياً، في عصر النبي إبراهيم، صاد غزالاً وأحضره إلى زوجته طالباً أن تُعدّ له طعاماً، ولأن الزوجة لم تجد ناراً، قطعت من لحم الغزال قطعة وهرستها على الصخر، ثم أضافت إليها البرغل والتوابل والملح، فراقت زوجَها وكرر طلبها، فكانت نشأة الكبة النيئة في "شانلي أورفا"، ومن ثم انتقلت إلى باقي الولايات التركية.

وتحولت هذه الأكلة، جراء تحولها إلى صناعة، تجهزها مصانع كبيرة في تركيا، إلى الأكلة الأكثر شعبية والأقل ثمناً بتركيا، ففيما يعتبر بائع الـ"تشي كوفتة" في منطقة الفاتح بإسطنبول، إسماعيل يلماظ، أن الكبة النيئة رخيصة ومطلوبة أكثر من أي طعام جاهز تركي، يؤكد لـ"العربي الجديد" أن هناك نوعاً مرتفع السعر، وهو نوع خاص يدخل البندق وزيت الزيتون بصناعته، لكن الطلب عليه قليل. كذلك هناك نوعان متماثلان بالمكونات، لكن الاختلاف يكون في كمية الفلفل، إذْ ثمة نوع عادي وآخر حار.

يشرح يلماظ أن الكبة النيئة تباع ضمن عبوات حسب الوزن، إذ يزيد سعر الكيلوغرام الواحد على 35 ليرة (أقل من 5.5 دولارات)، ويقدم الخس والجرجير والبقدونس وخبز "اليواش" (مشروح يدخل الخل في صناعته) بالمجان، وتباع على شكل شطائر (سندويش) بسعر 5 ليرات تركية للواحدة، وتقدم على أطباق، مع مقبلات الخس والبندورة ودبس الرمان وشطة الفلفل داخل المحل.

ويروي بائع الكبة كيف تشتد المنافسة بين مصانع الـ"تشي كوفتة" من خلال الجودة وتقديم ألبسة للبائعين بالمجان عليها علامتهم التجارية، ومن خلال "الكرم" عبر وضع خسّ وحشائش كثيرة ضمن الشطيرة، يقول: "العادة عندنا أن نقدم قطعة ملفوفة بورقة خسّ لكل من يدخل المحل... حتى إن لم يشترِ".

ويقول رئيس "جمعية إسطنبول لتجار وحرفيّي تشي كوفته الخالية من اللحم"، أورهان غوزالايدن، إنّ تركيا بدأت منذ أعوام بتصدير "تشي كوفته" إلى العديد من أنحاء العالم. وأضاف غوزالايدن خلال تصريحات صحافية قبل أيام: "تحرز علاماتنا التجارية تقدّماً في إنشاء مرافق الإنتاج في أوروبا لجعل (تشي كوفته) علامةً تجاريةً عالمية، بعد أن تجاوز عدد مطاعم الـ"تشي كوفتة" التي افتُتحَت في أوروبا 200 مطعم، وزاد عدد المتاجر التي تبيعها داخل تركيا، إذ ثمّة 40 ألف متجر. نحن سعداء لأننا نقدّم هذا الطعم اللذيذ إلى تركيا وإلى العالم بأسره".

وسبق أن قال أستاذ الرياضيات السابق، وأشهر مصنّعي الكبة النيئة اليوم، جيتين تاكديمير، إنه يصنع الكبة في مصانع في إسطنبول وفي مدينة كولونيا الألمانية، ويحتفظ بالمنتجات في مخازن باردة في ثمانية مواقع قبل تسويقها للمستهلكين الأتراك والأوروبيين، مضيفاً أن منافذ بيع منتجه تصل إلى نحو 10,000 موقع، وتوظف منشآته التي تنتج الكبة النيئة، نحو 80 ألف عامل، وتبلغ أرباحها 400 مليون دولار، وقد أسس 35 فرعاً. وبحلول نهاية هذا العام سيكون لديه 35 فرعاً في 10 دول أوروبية، وهو يخطط لامتلاك 200 موقع في الخارج بنهاية عام 2020. ولفهم علاقة الأتراك الوثيقة بالطعام، كشفت إحصاءات رسمية في تركيا، أن إنفاق الأسرة على الطعام يبلغ نحو 20% من مجمل الإنفاق الشهري المقدَّر بنحو 2500 ليرة تركية، فيما تعدى إنفاق السياح على الطعام التركي 6 مليارات دولار العام الماضي.
دلالات
المساهمون