يوم يبتعد
صهيلٌ جياد وشمس.
اتبعوني...
قبل أن يموت الضياء في مملكة الحلم.
داهمت العربات المدرّعة الحقول،
فاستيقظ الربيع.
صرخ جندي: أنتم، تعالوا إلى هنا،
وأخبروني، أين ينام الثلج؟
لم نحر جواباً.
وصاح جندي آخر:
هيا يا أوغاد،
أخبروني متى يحتفل القمر بكآبته؟
لم نحر جواباً أيضاً،
فاستجلسونا على "الكرسي الألماني" لنشاهد صندوق الدنيا:
"اتفرّج يا سلام ... الصورة بليرة يا شباب".
اعترفنا، واحدنا تلو الآخر:
أنها تعيش بمفردها،
هناك، في ذلك المنزل،
وكلّنا نحبّها، أجَلْ.
ماذا كانت تقول؟
كانت تقول دائماً:
اتبعوني...
لأن الفرح دائم مثل الكون،
وقلبي لم يخفق لأحد بعد.
وكانت تدّعي باستمرار:
خمسة عقود يا أحبائي،
امتداداً كنّا لفصول نائية،
لأغان ضجرة في ليالي الصمت الطويلة.
وماذا كانت تقول أيضاً؟
ثم فجأة لم تعد تعرف ماذا تقول،
انتظرتْ... بكتْ من الكمد،
دوّنت، على الجدران، أسماء أشخاص لا نعرفهم،
مزّقت يومياتها
وأودعتها مهبّ الريح.
وماذا بعد؟
اتبعوني...
صرخت مرّة بيأس،
القيامة يوم آخر،
ابتهلوا للغربان،
لتثمر أرض البوم حبقاً وبرقوقاً.
اتبعوني... أصرّت،
ها هي مملكتنا،
بيت وخمس نوافذ،
ومرج يمتد حتى سريرنا.
نحن الحقيقة،
كنت قد أخبرتكم، أليس كذلك؟
فلنهرب إذن من الحلم قبل أن يعي ذاته.
اتبعوني... هيّا تشجّعوا...
سنصل إلى الأفق قبل أن يموت البحر،
سنحلّق، ربّما، تحت سماء قاحلة،
ولكنها أرضنا،
ورصيف الكون
أصغر من أن يتّسع لحزنها العارم.
* كاتب سوري مقيم في إيطاليا