القنب الهندي: أساطير العلاج الطبّي

27 يونيو 2019
غياب الأدلة العلمية الكافية على فعالية المخدر (ميشال بورو/Getty)
+ الخط -
مع انتشار محالّ بيع المنتجات المشتقة من القنّب الهندي في بلجيكا، حذرت الأسبوع الماضي "الشبكة البلجيكية للمتخصصين في الآلام" من أنه لا يوجد دليل علمي كافٍ على فعالية القنّب الهندي في مواجهة الألم الجسدي. معتبرة أن الإعلان للجمهور عن فعالية هذه المنتجات يعطي صورة مطمئنة كاذبة لاستخدام القنب الهندي.

نظرًا لأن القنب الهندي مدرج على قائمة النباتات الممنوعة، يتم تقديم المنتجات المستخلصة من هذه النبتة بنسب صغيرة، وخاصة الزيوت، على أنها غير مؤذية. والكثير من المواطنين من المرضى يستعملون هذه الزيوت، التي تباع كأدوية طبيعية للألم، والقلق، والأرق، ولعلاج أمراضهم.

وفي تصريح مشترك صادر الأسبوع الماضي، حذرت "الشبكة البلجيكية للمتخصصين في الآلام" من عدم وجود أدلة علمية كافية على فعالية المخدر. وتصرّ الشبكة على أن وسائل الإعلام لا تعكس إلا النجاحات القليلة لهذه الموادّ، من دون التأكد من وجود أي دليل حول الآثار الطويلة الأجل للقنّب الهندي.

وما يقلق شبكة الأطباء المتخصصين في علاج الألم هو "المخاطر الكبرى المتعلقة بالإدمان والأمراض العقلية والاكتئاب والانتحار لدى الشباب، التي لا يتم الإبلاغ عنها بشكل كافٍ. كما ينتج عن هذه الموادّ أيضًا آثار جانبية، مثل مشاكل الجهاز الهضمي والأرق"، بحسب الشبكة. لذلك "من الضروري مواصلة البحث العلمي قبل اقتراح استعمال القنب الهندي للأغراض الطبية"، كما يشدد أعضاء الشبكة.

وحاليًا تم اعتماد دواء وحيد من منتجات القنب الهندي، من قبل "الوكالة الفيدرالية البلجيكية للأدوية" والمنتجات الصحية. وهو موجّه للمرضى البالغين المصابين بالتصلب المتعدد الذين لم تنجح، في حالاتهم، العلاجات الأخرى المضادة للتشنج. ويتم تعويضه من قبل إدارة الضمان الاجتماعي البلجيكية فقط في هذه الحالات. علماً أن الضمان يرفض التعويض عندما يستعمل لعلاج آلام السرطان. ذلك أن الدراسات المتعلقة بفعاليته بخصوص مواجهة آلام السرطان ما زالت مستمرة، ولم تصل لنتائج حاسمة.

ينتظر أن تظهر في السوق أدوية جديدة مستخلصة من القنّب الهندي. فقبل حلّه مباشرة أواخر الشهر الماضي، وافق مجلس النواب البلجيكي على مشروع قانون لإنشاء مكتب القنب الهندي. وستكون هذه الوكالة الحكومية مسؤولة عن التحكم في إنتاج القنب الهندي للاستخدام الطبّي.
وكما يقول لـ"العربي الجديد" الدكتور برونو ليروي، المتخصص في الطب النفسي في مركز الألم في مدينة لييج، الذي يرأس الشبكة، "لقد ظهر اعتقاد خطأ بأن القنب الهندي فعال أيضاً ضد الألم المزمن، ولكن عدم وجود دليل علمي للاستخدام الطبي للقنب، وخاصة في ما يتعلق بمخاطر استخدامه، يجب أن يشجع على توخي الحذر الشديد. لذا كانت ضرورة إنشاء هذه الإدارة الحكومية لمراقبة وتقنين هذا القطاع". ويضيف: "الطب التقليدي عاجز نسبياً في الوقت الحالي، عن مواجهة وعلاج الألم المزمن. إنها حقيقة معقدة تفرض علينا العمل بطرق مختلفة. وخاصة أن المرضى في كثير من الأحيان يائسون بعض الشيء، ويميلون لتجريب أي شيء بما فيه القنب".

ويشير إلى أن بعض المصابين بالسرطان، أحسّوا بتأثيرات إيجابية للغاية من جراء هذا الاستعمال، لم يجدوه خلال العلاجات التقليدية الأخرى. ويصرّ الدكتور برونو ليروي على أن "عدم وجود دليل علمي، لا يعني عدم وجود تأثير لهذه الأدوية عند بعض الأشخاص. فيمكن أن يعمل الجانب الوهمي. لكن الرسالة التي تنتشر لدى عامة الناس اليوم هي وجود دواء للمرضى الذين يعانون من الألم المزمن. وفي الحقيقة، هذا ليس صحيحاً. فلا يمكن اعتبار القنب الهندي دواءً، ولا نعتقد أنه سيشفي الجميع".

ووراء الجدل الطبّي هناك قضايا تجارية ضخمة، إذ يعاني من الألم المزمن نحو 20 إلى 30 في المائة من سكان العالم. وهو ما يمثل أرباحًا هائلة لشركات الأدوية. وهذه النسبة قد تندثر إذا سُمح للمرضى بمعالجة أنفسهم بمنتجات القنب الهندي.
دلالات
المساهمون