القضاء المصري بين عادل إمام وأحمد زكي

08 ديسمبر 2016
أحمد زكي وعادل إمام (مروان نعماني - فرنس برس)
+ الخط -
يعتقد الكثيرون أن الفنان الراحل أحمد زكي كان أكثر ثورية من الفنان عادل إمام، ربما لتنوع واختلاف الأدوار التي قدمها ببراعة وحرفية في السينما المصرية، ومازالت عالقة في أذهان المشاهدين حتى اليوم.
لكن المدقق في أفلامهما، يدرك أن "الزعيم" كان ثورياً في معظم أعماله، وإن قام بتغطيتها برداء الكوميديا، لا سيما فيما يخص السلطة القضائية.
منصة القضاء، ظهرت في أفلام زكي وإمام، لكن التعامل معها اختلف من الشخصيتين، فنجد أن "زكي" رغم ظهوره في أدوار "المحامي الفاسد" أو المتلاعب بالقانون إلا أنه كان يعطي "المنصة" هيبتها، ويتعامل معها باحترام بالغ باعتبارها حامي العدالة والقانون في المجتمع.
في حين، نجد أن "إمام" ينال من القضاة في أعماله الفنية المختلفة، ويتعامل مع "المنصة" باستخفاف واستهانة كاسراً كل القيود و"التابوهات" التي فرضها المجتمع، كما لو كان امتلك رؤية مسبقة تكشف عن واقع معظم القضاة المصريين الفترة الحالية.
هذا الاختلاف بين الرجلين، يضاعف البحث اليوم عمّن كشف أسرار وتفاصيل القضاء بصورة أوضح، لكن في مكان غير بعيد، نجد أن زكي وإمام استطاعا التحايل على السلطة القضائية، عبر أفلام حملت سلسلة من الرسائل الموجهة، وكشفت طريقة تعاطي رجال القانون مع قضايا اجتماعية وسياسية، وحتى قانون الأحوال الشخصية.
تسمع اليوم في القاهرة، كلمة "القضاء الشامخ" كثيراً، وكأنها أصبحت مُرادفة للسخرية والتهكم، في ظل الواقع الحالي من فرض أحكام مُسيّسة، والإمساك بقاضٍ يتقاضى رشوة وآخر بحوزته كمية من المخدرات، صورة تعود بنا إلى عالم الأفلام التي تستمد حكاياتها من واقع، لا نزال نعيشه يومياً
وعند النظر إلى الأعمال الفنية للفنانين وطريقة تعامل كل منهما مع القضاة، تتبين لنا "ثورية" إمام، كما زكي. ففي مسيرة عادل إمام نستعيد مسرحية "شاهد ما شفش حاجة" 1976عام، (بطولة عادل إمام وعمر الحريري، تأليف ألفريد فرج وإخراج هاني مطاوع). في أحد مشاهد المسرحية يتحدث إمام مع ساعي المحكمة أمام قوس المحكمة، قائلاً: "أنت إللي مهضوم وسط العالم دي، بتاخد ملاليلم وهم بياخدوا بلاوي، وتلاقيك بتعمل كل حاجة وهم قاعدين، كل ده عشان لا بسين البتاعة إللي لابسينها دي أنا لو منك أفصل واحدة وآجي أقعد أول واحد الصبح هنا".. ويكمل: "أنا لومنك تأجر صعايدة وبالشوم تدغدغ المحكمة أو شوية عيال يزقلوهم بالطوب".




فيلم "الأفوكاتو" 1983، بطولة عادل إمام ويسرا، تأليف وإخراج رأفت الميهي. وكان "إمام" يلعب شخصية المحامي حسن سبانخ، وهو محام فاسد يعرف ثغرات القانون جيدا ويتلاعب به ويدافع عن المجرمين، في أحد المشاهد وجه كلامه للقضاة الذين يديرون جلسة للحكم على أحد المتهمين للتعامل بالدولار قائلا "من منّا في هذه القاعة لا يتعامل بالدولار"؟ صورة حقيقية لواقع مضى له اكثر من ثلاثين عاماً، ولا يزال تجار العملة يخافون الملاحقة القانونية إضافة إلى الصرافة السريّة.
- فيلم "الغول" 1983، بطولة عادل إمام ونيللي، تأليف وحيد حامد وإخراج سمير سيف. وفي أحد المشاهد يقول "إمام" للقضاة "القانون إللي بتطبقوه ده قانون ساكسونيا".
أما مع أحمد زكي فهناك فيلم "التخشيبة" 1984، بطولة أحمد زكي ونبيلة عبيد، تأليف وحيد حامد، وإخراج عاطف الطيب. يجسد أحمد زكي دور محام مقامر ومتحايل، لكنه كان جاداً في عمله وأظهر الكثير من الاحترام للقضاة أثناء الترافع في القضايا خلال أحداث الفيلم.
فيلم "ضد الحكومة" 1992، بطولة أحمد زكي ولبلبة، تأليف بشير الديك وإخراج عاطف الطيب. ورغم أن زكي، لعب دور محام فاسد يستولي على أموال الضحايا ويزّور الحقيقة، إلا أنه تعامل مع المحكمة والقضاة باحترام كبير حتى إنه في مرافعته الشهيرة في الفيلم الذي كان يعادي فيه الحكومة لجأ للسلطة القضائية طالباً منها العون وهو على ثقة ويقين بأنها السيف الذي تُطبق به العدالة حتى على باقي السلطات، قائلا "نلوذ بكم.. أغيثونا أغيثونا".

دلالات
المساهمون