القضاء العراقي يحقق في "بيع المناصب" في حكومة علاوي

15 فبراير 2020
ليست المرّة الأولى التي تُطرح فيها هذه القضية (الأناضول)
+ الخط -
أوعز القضاء العراقي، اليوم السبت، بإجراء تحقيق عاجل بشأن "بيع المناصب" في الحكومة التي يعمل على تشكيلها المكلّف محمد توفيق علاوي. فيما شكك ناشطون وقانونيون في مهنية القرار، مؤكدين أنه سيمنع أي حديث مستقبلي عن بيع وشراء المناصب في الحكومة الجديدة، وسيعاقب كلّ من يتهمها بالفساد.

وأثار سياسيون ومراقبون، ملف "بيع المناصب" في الحكومة المرتقبة، مؤكدين أنّ هناك "بازاراً ومزاداً تباع المناصب المهمة فيه بمبالغ كبيرة".

ووفقاً لبيان أصدره المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى، القاضي عبد الستار البيرقدار، اليوم السبت، فإنّ "مجلس القضاء أوعز إلى محكمة تحقيق الكرخ بإجراء تحقيق عاجل بخصوص ما صرّح به المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي، بشأن عرض أموال مقابل تولّي مناصب في الحكومة المزمع تشكيلها".

وأكد أنّ "رئيس مجلس القضاء أوعز باستدعاء فوري لكلّ من يظهر اسمه في وسائل الإعلام، ويدّعي حصول مساومات لإشغال مناصب في الحكومة الجديدة"، مشدداً على أنه "في حال ثبت كذب الادعاء، فسوف يعاقَب كلّ من يصرّح خلافاً للحقيقة وللقانون".

وكان المحلل السياسي والمحسوب على فريق رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، إبراهيم الصميدعي، قد تحدّث، في مقابلة متلفزة، عن أن هناك بازاراً لشراء الوزارات، وأن السماسرة يحاولون شراء الذمم، ويشكلون الحكومة بواسطة المال، مبيناً أن سعر الوزارة وصل إلى 30 مليون دولار للخدمية، و100 مليون دولار للوزارة السيادية.

وعلّق الصميدعي على القرار بالقول: "وإن كنت أعتقد أنها بداية غير صحيحة في تقييد حركة الإعلام في كشف الحقيقة في الحدود التي يسمح بها الواقع السياسي والأمني. وإذ أطلب من الزملاء المحامين والصحافيين موقفاً مسانداً، فإنني لن أقول للقضاء إلا سمعاً وطاعة".


ولا تُعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها طرح موضوع بيع وشراء الوزارات مع تشكيل الحكومة، إذ شهد عام 2018 الاتهامات ذاتها إبان تشكيل حكومة عادل عبد المهدي، ووعد القضاء العراقي بفتح تحقيق، وفعلت الأمر ذاته حكومة عبد المهدي، من دون الكشف عما أسفرت عنه تلك التحقيقات من نتائج.


من جانبه، تحدّث النائب في البرلمان العراقي كاظم الصيادي، عبر حسابه الشخصي في "تويتر"، عن سوق بيع المناصب، وقال في تغريدة: "العراق للبيع، المناصب للبيع، القبعات للبيع، من يشتري؟".


وأثارت الاتهامات الموجهة لحكومة علاوي التي تمرّ بصراع بين الكتل للفوز بالمناصب فيها، مخاوف من أن يعاد إنتاج المحاصصة فيها، ومن أن تسيطر الأحزاب ذات النفوذ والمال عليها من جديد.

وحذّر "ائتلاف النصر" الذي يتزعمه حيدر العبادي، من "مغبّة إعادة إنتاج نظام المحاصصة العرقي الطائفي الحزبي، على أساس المصالح الأنانية، تحت ذرائع استحقاق المكونات أو الاستحقاق الانتخابي"، مؤكداً في بيان له، أن "تجاوز الأزمة الحالية يتطلب تحرير الحكومة القادمة من ابتلاع الأحزاب، واكتسابها لرضا الجمهور، وتبنّيها لمهام المرحلة الانتقالية، وإجراء انتخابات مبكرة بروح وطنية مسؤولة ومحايدة وشجاعة".

ودعا إلى "التضامن الوطني حفاظاً على البلد، وتسهيلاً لمهام الإصلاح الجوهري لبنية النظام السياسي، بعيداً عن الفساد وارتهان الإرادة الوطنية".




ورأى ناشطون أن دخول مجلس القضاء الأعلى على خط تشكيل الحكومة، يأتي لدعم الحكومة وليس لدعم نزاهة تشكيلها. وقال الناشط المدني ماهر السعيدي، وهو قانوني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الغريب في دخول القضاء على الخط، لم يكن للتحقيق في الاتهامات ومتابعتها، بل إنه نص على التحقيق مع مُطلقيها، وهذا أمر يكشف عن أن القضاء لا يسعى إلى كشف الحقيقة، بقدر ما يسعى إلى لجم ألسنة كل من يتحدث عن بيع وشراء المناصب".

وأكد أنّ "القضاء بقراره هذا، والذي سينطوي على عقوبات شديدة، سيحصّن الحكومة الجديدة من أي اتهامات، وسيمنع الحديث عن بيع وشراء المناصب فيها"، معتبراً التوجيه "شرعنة للفساد ولبيع المناصب".

المساهمون