12 مايو 2024
القرصان في مواجهة "أمازون"
ياسر أبو هلالة
كاتب وصحفي، عمل مديرا عاما لقناة الجزيرة (2014-2018)، ومراسلا. وصانع أفلام، وكاتبا في صحف الرأي والغد والحياة.
لو أتيحت لأي إنسان فرصة لمقابلة مؤسس شركة أمازون، الملياردير جيف بيزوس، ماذا سيفعل؟ هل يشكره باسم البشرية، لأنه ألغى قيمة الجغرافيا التي تميّز بين البشر، فصار في وسع متسوق في الربع الخالي أن يشتري من متجر في نيويورك؟ هل يهنّئه لأنه شكّل مصدر إلهام، عندما بنى أكبر ثروة في العالم من مرآب بيته؟ هل وهل؟ كل دقيقةٍ مع هذا العظيم مكسب. إذا أعطاك رقم جواله، كم تكون فخورًا بمراسلته في قضايا تهم البشرية!
أتيحت هذه الفرصة لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، فاستغلها لقرصنة هاتفه (بيزوس) وسرقة بياناته! ما خطر هذا الرجل على الأمن القومي السعودي؟ حسناً، هل سيستفيد من تلك البيانات في معرفة أسرار الشركة الأولى في العالم، والاستفادة منها في مشروع نيوم مثلا؟ ذلك ليس مهما، المهم انتهاك خصوصياته ومسائله الشخصية لابتزازه! وتدمير حياة أسرته، وهذا ما حصل، وشهدنا أكبر قضية طلاق في التاريخ. طبعا جيف يحمد ربه لأنه ليس سعوديًا، وإلا لقي مصير جمال خاشقجي.
فضيحة قرصنة ولي عهد السعودية هاتف مؤسس "أمازون"، جيف بيزوس، لا تقل عن فضيحة قتل جمال خاشقجي، ومرتبطة بها، ولن تمر في القضاء الأميركي. هي اعتداءٌ على أمن مواطن أميركي، وأغنى رجل في العالم، ورئيس شركة تعادل دولة. تتسبب القرصنة في أضرار تهدّد الاقتصاد الأميركي الذي تشكّل الشركات الرقمية أثمن أصوله (أمازون، غوغل، فيسبوك، آبل ماكنتوش، مايكروسوفت..)، فإذا كان متصدّر عرش هذه الشركات مهدّد في أمنه الإلكتروني، فما حال المواطن الأميركي؟ الفضيحة سبقتها فضيحةٌ رقميةٌ مع شركة تويتر، ارتبطت بمدير المكتب الخاص لولي العهد، عندما قرصن حساب مستخدم إثيوبي، اسمه سلمان، فعرّف نفسه بـ "كنغ سلمان"، وتم تجنيد موظفين داخل "تويتر" للقرصنة والتجسّس على الحسابات. معطوفًا على ذلك قضية جمال خاشقجي، وهي، في أحد تجلياتها، قرصنة لهاتفه وحساباته. فضلًا عن قرصنة حساب وكالة الأنباء القطرية، الحادثة التي كانت شرارة أزمة الخليج. وبحسب "فايننشال تايمز" القرصنة حصلت في شهر 5/2018، أي قبل اغتيال جمال خاشقجي، وهو ما يعني الغدر بـ "صديق" من دون سبب. جيف قطع التواصل بعد قضية خاشقجي، لكنه أعاد التواصل بعد الحملة عليه من السعودية في فبراير/شباط العام الماضي (2019) رد على جيف: "كل ما تسمعه أو تخبره أنه غير صحيح، وسيستغرق الأمر وقتًا أن تخبر [كذا] أنك تعرف الحقيقة، لا يوجد شيء ضدك أو ضد "أمازون" أو من المملكة العربية السعودية" (أرفقت صورة المحادثة) في 16/2/2019 تحقيق "الغارديان" والفايننشال تايمز" شاغل الإعلام العالمي، وهو يكشف مستوى الحكم في السعودية، وهذا سيفتح باب مساءلة جديدا في أميركا، فهذه ليست جريمة شخصية، صديقان مختصمان، إنها دولة تعتدي على شركة بوزن دولةٍ من مفاخر ما تملكه الدولة التي تحمي السعودية.
ليست هذه الفضيحة شخصية، إنها مخجلة لنا أمة توقفت عن الإنتاج الحضاري، لم تكتف بالاستهلاك، تحولت إلى عبء من خلال تخريب حضارة العالم، الثورة الصناعية الرابعة التي تغير حياة البشرية، اعتمادًا على التحوّل الرقمي، مساهمة أغنى بلد عربي فيها هي القرصنة. لن يتعرّض محمد بن سلمان للمحاكمة، فهو رئيس دولةٍ محصّن، وعندما أسقط القذافي طائرة مدنية لم يحاكم، حوكم ضباط ودفعت تعويضات. هذا ما قد يحصل مع "أمازون". الضرر الذي لا يُمحى هو تشويه صورة العرب، إرهابٌ وقرصنةٌ وموبقاتٌ لا تليق بأفراد فضلا عن دول. شكلت الثورة الرقمية فضاءً من الحرية والتواصل بين البشر، طغاة العرب تمكّنوا من تحويلها إلى ما بات يُعرف بـ "الاستبداد الرقمي"، الذي صار أداة عدوانية للتشويه والاغتيال المعنوي والهيمنة.
ما يبعث على الأمل أن هذه المنتجات وروادها خارج بلادنا. الشركات الرقمية ترفض التعاون مع الأمن لقرصنة هواتف الضباط السعوديين المتدرّبين في أميركا، حماية لمبدأ الخصوصية. في المقابل، يخترق حكامنا هواتفهم.
فضيحة قرصنة ولي عهد السعودية هاتف مؤسس "أمازون"، جيف بيزوس، لا تقل عن فضيحة قتل جمال خاشقجي، ومرتبطة بها، ولن تمر في القضاء الأميركي. هي اعتداءٌ على أمن مواطن أميركي، وأغنى رجل في العالم، ورئيس شركة تعادل دولة. تتسبب القرصنة في أضرار تهدّد الاقتصاد الأميركي الذي تشكّل الشركات الرقمية أثمن أصوله (أمازون، غوغل، فيسبوك، آبل ماكنتوش، مايكروسوفت..)، فإذا كان متصدّر عرش هذه الشركات مهدّد في أمنه الإلكتروني، فما حال المواطن الأميركي؟ الفضيحة سبقتها فضيحةٌ رقميةٌ مع شركة تويتر، ارتبطت بمدير المكتب الخاص لولي العهد، عندما قرصن حساب مستخدم إثيوبي، اسمه سلمان، فعرّف نفسه بـ "كنغ سلمان"، وتم تجنيد موظفين داخل "تويتر" للقرصنة والتجسّس على الحسابات. معطوفًا على ذلك قضية جمال خاشقجي، وهي، في أحد تجلياتها، قرصنة لهاتفه وحساباته. فضلًا عن قرصنة حساب وكالة الأنباء القطرية، الحادثة التي كانت شرارة أزمة الخليج. وبحسب "فايننشال تايمز" القرصنة حصلت في شهر 5/2018، أي قبل اغتيال جمال خاشقجي، وهو ما يعني الغدر بـ "صديق" من دون سبب. جيف قطع التواصل بعد قضية خاشقجي، لكنه أعاد التواصل بعد الحملة عليه من السعودية في فبراير/شباط العام الماضي (2019) رد على جيف: "كل ما تسمعه أو تخبره أنه غير صحيح، وسيستغرق الأمر وقتًا أن تخبر [كذا] أنك تعرف الحقيقة، لا يوجد شيء ضدك أو ضد "أمازون" أو من المملكة العربية السعودية" (أرفقت صورة المحادثة) في 16/2/2019 تحقيق "الغارديان" والفايننشال تايمز" شاغل الإعلام العالمي، وهو يكشف مستوى الحكم في السعودية، وهذا سيفتح باب مساءلة جديدا في أميركا، فهذه ليست جريمة شخصية، صديقان مختصمان، إنها دولة تعتدي على شركة بوزن دولةٍ من مفاخر ما تملكه الدولة التي تحمي السعودية.
ليست هذه الفضيحة شخصية، إنها مخجلة لنا أمة توقفت عن الإنتاج الحضاري، لم تكتف بالاستهلاك، تحولت إلى عبء من خلال تخريب حضارة العالم، الثورة الصناعية الرابعة التي تغير حياة البشرية، اعتمادًا على التحوّل الرقمي، مساهمة أغنى بلد عربي فيها هي القرصنة. لن يتعرّض محمد بن سلمان للمحاكمة، فهو رئيس دولةٍ محصّن، وعندما أسقط القذافي طائرة مدنية لم يحاكم، حوكم ضباط ودفعت تعويضات. هذا ما قد يحصل مع "أمازون". الضرر الذي لا يُمحى هو تشويه صورة العرب، إرهابٌ وقرصنةٌ وموبقاتٌ لا تليق بأفراد فضلا عن دول. شكلت الثورة الرقمية فضاءً من الحرية والتواصل بين البشر، طغاة العرب تمكّنوا من تحويلها إلى ما بات يُعرف بـ "الاستبداد الرقمي"، الذي صار أداة عدوانية للتشويه والاغتيال المعنوي والهيمنة.
ما يبعث على الأمل أن هذه المنتجات وروادها خارج بلادنا. الشركات الرقمية ترفض التعاون مع الأمن لقرصنة هواتف الضباط السعوديين المتدرّبين في أميركا، حماية لمبدأ الخصوصية. في المقابل، يخترق حكامنا هواتفهم.
دلالات
ياسر أبو هلالة
كاتب وصحفي، عمل مديرا عاما لقناة الجزيرة (2014-2018)، ومراسلا. وصانع أفلام، وكاتبا في صحف الرأي والغد والحياة.
ياسر أبو هلالة
مقالات أخرى
22 ابريل 2024
18 مارس 2024
07 يناير 2024