القراءة والكتاب؟

12 ابريل 2018
الكتب متوافرة والقراءة ضعيفة (مهدي حسن/ Getty)
+ الخط -
لم يؤد التحول من الكتاب الورقي إلى الكتاب الرقمي المأمول منه في التشجيع على القراءة في البلاد العربية. وما زالت نسبة القراءة في حياة المواطن العربي متدنية، بل بالغة التدني بالمقارنة مع سائر الشعوب الآسيوية والأفريقية فضلاً عن الأوروبية والأميركية. وليس من المبالغة في شيء ما توصلت إليه دراسات من أن معدل القراءة السنوي للمواطن العربي لا يتعدى الـ6 دقائق فقط في العام مقابل 36 ساعة لدى المواطن الغربي. بالطبع هناك شعوب تقرأ أقل من 36 ساعة، لكن ليس هناك شعوب تقرأ ما هو أقل من 6 دقائق إلا في حالات استثنائية (جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى). وتبعاً لذلك يتبين أن 20 عربياً يقرأون ما معدله كتاب في العام، بينما الأوروبي يقرأ 7 كتب سنوياً. وإذا ما حسمنا من أعداد العرب الأميين وأشباه الأميين يمكن القول بثقة إن هناك الملايين التي لم تشاهد كتاباً في حياتها، حتى ولو كانت تجيد القراءة. إذن لماذا يذهب هذا المواطن إلى مكتبة لقراءة لا تعني له شيئاً بالأصل؟

ومثل هذا الوضع ينعكس على عالم تأليف الكتب ونشرها. إذ بات الحد الوسطي لطباعة الكتاب الواحد في بلادنا هو ألف نسخة، مع وعد من الناشر أنه في حال نفاد الكمية يمكن طباعة المزيد. ولأن هذا الناشر لا يملك الثقة بذلك، يفرض على المؤلف دفع كلفة الطباعة بما فيها أسعار الورق وأجور العاملين والآلات. وهكذا على المؤلف أن يمّول طباعة عمله. وهو ما يقود إلى شعور بالاحباط عن المجازفة. وعليه ليس غريباً أن تتحدث الإحصاءات عن مساهمة المؤلفين العرب في عالم النشر في العالم بما لا يتعدى الـ1.1 في المائة.




وبالمقارنة مع دول أوروبية وآسيوية وأميركية لاتينية متوسطة العدد يتبين أن ما تصدره المنطقة العربية من منشورات لا يصل إلى حدود ما تصدره دولة واحدة متواضعة العدد وذات لغة محلية. وينسحب الأمر من الإنتاج المعرفي إلى الترجمة، فالدول العربية مجتمعة لا تترجم سنوياً أكثر من 330 كتاباً، بينما الكيان الإسرائيلي وحده يترجم إلى العبرية ما معدله 15 ألف كتاب في العام الواحد. أما بيع الكتب فلا علاقة له بكمية الطباعة المتواضعة، إذ من النادر أن يباع في المعارض وسواها أكثر من عدة مئات من النسخ في أحسن الأحوال. ويعمد الكتّاب والأدباء لدعوة أصدقائهم ومعارفهم إلى حضور حفلات توقيع مؤلفاتهم لضمان رد جزء يسير من الكلفة. ويكاد يقتصر المبيع في المعارض على كتب الطبخ والأبراج وبعض المؤلفات التراثية التي يعاد طبعها مراراً وتكراراً. في المقابل هناك كتب أجنبية تترجم إلى عشرات اللغات وتطبع وتبيع بالتالي ملايين النسخ.

*باحث وأستاذ جامعي
المساهمون