ولأيام، ظلّت مواقع ومقالات صحافية تتناقل موعد المقابلة، وفيها أولوية الرسالة التي ينوي بعثها للعدو، إلا أنّ كلام نصر الله جاء في سياق آخر مختلف تماماً.
فرغم أنّ الإطلالة الإعلامية انطلقت من الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين والعدو المحتلّ، لكنها انتهت في مكان آخر تماماً، وهو المكان المقصود التصويب عليه في كلام نصر الله لا العكس، بحيث لم يقدّم نصر الله شيئاً جديداً على مستوى الحرب مع إسرائيل، وكرر، مرة أخرى، تهديد قيادة العدو في حال الإقدام على أي "مغامرة" في لبنان، واستعاد من خطاباته السابقة عنصرين أساسيين: أولاً القدرة الصاروخية التي بات يمتلكها الحزب، والتي يستطيع من خلالها إصابة أي هدف على طول الأراضي المحتلة وعرضها، وثانياً وجود بنك أهداف لدى "حزب الله"، منها مصانع كيميائية ونووية، في الوقت الذي تصدر عن المتابعين الفعليين للعدو الإسرائيلي تحاليل واضحة، تقول إنّ الهدف الرئيسي من تهديدات نصر الله إبقاء الجبهة الجنوبية مغلقة مع العدو، حتى يتمكّن من التفرّغ التام للمهمّات الأخرى التي يقوم بها.
اقرأ أيضا: نصر الله:لا حل سياسي بسورية طالما المطلوب رحيل الأسد
غلّف نصر الله إطلالاته الإعلامية بالخطاب الموجه إلى إسرائيل، علّ ذلك ينسي متابعيه، من الحلفاء والخصوم، ومن الجمهور العادي، أنه قال، خلال إطلالته السابقة، إنّ "أشرف وأعظم ما فعلته في حياتي هو خطابي في ثاني يوم من الحرب السعودية على اليمن"، مبرراً بذلك المعركة التي يخوضها مع السعودية ودول الخليج على المستويات كافة.
أمين عام "حزب الله" حاول، من خلال مقدمة كلامه، استعادة مشهد الطرف المعادي لإسرائيل، والحريص الأخلاقي والمعنوي على فلسطين، ليعود ويستكمل رسائله على الجبهة الفعلية التي يخوض الحرب عليها، أي الجبهة الشرقية في الحرب السورية، والحرب مع السعودية، وباقي دول الخليج العربي، فانتقل نصر الله، بسلاسة، وبمساعدة معدّ الأسئلة وطارحها، من الجبهة الجنوبية إلى "الجبهة الشرقية"، حيث كان كلامه واضحاً وموجّهاً وصارماً بأنّ للحكومات العربية وظيفة رئيسية، وهي "ضرب إيران"، بعد أن كانت التهمة الأولى الموجهة إلى حكومات الخليج العربي هي "ضرب المقاومة".
وفي سياق حديثه، أعلن نصر الله استمرار المعركة مع السعودية، من دون أي رادع، في تمهيد لأي عمل قد ينوي القيام به خلال الأسابيع المقبلة.
ولم يتوقف نصر الله عند هذا الحدّ، بل أكد أنّ الحرب مستمرة في سورية، مع استبعاد حلّ سياسي، لاعتبارات قدّمها، ومنها إصرار الحلفاء الإقليميين للثورة السورية على رحيل الأسد، بحيث يظهر أنّ الأمين العام لـ"حزب الله" يسير جدياً عكس التيار الدولي والإقليمي الداعم لوقف الحرب في سورية، وماضٍ في خياراته العسكرية حتى النهاية، على اعتبار أنّ "الحزب سيكون حيث يجب أن يكون".
كل كلام نصر الله يوضح أنّ الحزب ماضٍ في لعبته الإقليمية حتى النهاية، من دون أي توقف عند أي اعتبارات محلية أو إقليمية.
اقرأ أيضا: لبنان: "حزب الله" يستكمل هجومه السياسي على السعودية