القدس والفيتو الأميركي

20 فبراير 2018
+ الخط -
شغلت القضية الفلسطينية الحيز الأكبر في أروقة الأمم المتحدة، وكانت الأكثر تداولاً وتناولاً في مجلس الأمن الدولي منذ قرار التقسيم (رقم 181) لعام 1947 وحتى يومنا هذا.

إذا ما أردنا تناول مشاريع القرارات المتعلقة بكافة جوانب القضية الفلسطينية التي اتخذت الولايات المتحدة الأميركية الفيتو بحقها، فإن لا مقال ولا حتى رسالة دكتوراه يمكن أن يستوعبها.

تركز هذه الورقة على مشاريع القرارات المختصة بالقدس، وذلك على سبيل المعرفة، وضرورة المعرفة على الأقل فلسطينياً. وفي سياق آخر على سبيل فضح وتعرية الإدارة الأميركية الإمبريالية العنصرية المتنكرة لكل الحقوق الفلسطينية، والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تتضمّن حق الفلسطيني في تقرير مصيره.

لا بدّ من التركيز على هذا النوع من الحقائق وضخها في عقول وأدمغة الفلسطينيين والأجيال المقبلة، في سياق مواجهة قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأي قرار آخر من شأنه التغيير في الوضع القائم وفرض واقع جديد، واللعب والتزوير في الحقائق التاريخية، والتأثير في حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.


يمكن إجمال أبرز المحطات التاريخية التي تتعلّق بالفيتو الأميركي والقدس على النحو الآتي:
• مشروع قرار بتاريخ 25/3/1976: مشروع قرار يدعو إسرائيل إلى احترام حرمة الأماكن المقدسة التي تحتلها، والامتناع من مصادرة الأراضي والممتلكات العربية أو الاعتداء عليها، أو من إقامة مستوطنات إسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، والامتناع من أية أعمال وسياسات أُخرى تهدف إلى تغيير الوضع القانوني لمدينة القدس، وإلغاء الإجراءات المتخذة في هذا الاتجاه.

• مشروع قرار بتاريخ 20/4/1982: مشروع قرار يدين، أشدّ الإدانة، أعمال التدنيس المروّعة، التي ارتُكبت من قبل (إسرائيل) داخل فناء الحرم الشريف.

• مشروع قرار بتاريخ 30/1/1986: مشروع قرار يشجب بقوة استمرار رفض إسرائيل (السلطة القائمة بالاحتلال) الامتثال لقرارات مجلس الأمن، ويعرب عن استيائه الشديد من الأعمال الاستفزازية التي انتهكت حرمة الحرم الشريف بالقدس.

• مشروع قرار بتاريخ 17/2/1989: مشروع قرار يشجب بشدة استمرار إسرائيل في اتباع سياسات وممارسات ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها منذ عام 1967، بما فيها القدس، خاصة انتهاك حقوق الإنسان، وعلى وجه التحديد إطلاق النار الذي أسفر عنه إصابة ومقتل مدنيين فلسطينيين، من بينهم أطفال.

• مشروع قرار بتاريخ 17/5/1997: مشروع قرار يعتبر مصادرة الأراضي في القدس الشرقية إجراء باطلاً، ويطالب بإلغاء قرارات المصادرة، ويدعو إسرائيل إلى الامتناع عن مثل هذا الإجراء في المستقبل.

• مشروع قرار بتاريخ 21/3/1997: مشروع قرار يطالب (إسرائيل) بأن تكف فوراً عن بناء مستوطنة جبل في القدس الشرقية، وكذلك جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية الأخرى في الأراضي المحتلة.

• مشروع قرار بتاريخ 18/2/2011: مشروع قرار يدين عمليات الاستيطان منذ عام 1967 في الضفة الغربية والقدس، ويعتبرها غير شرعية، ويدعو إسرائيل إلى وقف الأنشطة الاستيطانية، ويعتبر الاستيطان عقبة رئيسية أمام تحقيق سلام عادل ودائم.

• مشروع قرار بتاريخ 18/12/2017: مشروع قرار يؤكد أن أي قرارات أو إجراءات تهدف إلى تغير طابع مدينة القدس الشريف أو وضعها أو تركيبتها الديموغرافية ليس لها أي أثر قانوني؛ وهي باطلة بطلاناً تاماً، ويجب إلغاؤها امتثالاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويدعو جميع الدول بهذا الصدد إلى الامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس عملاً بقرار مجلس الأمن 478 لسنة 1980.

إن هذه المشاريع دلالة على أن المسيرة النضالية الدبلوماسية ستبقى مستمرة، وهذا ما أكده مندوب فلسطين في الأمم المتحدة رياض منصور حينما أشار إلى أنه "يمكننا أن نجعل حياة الدبلوماسيين الأميركيين مزرية كل يوم".

اخترقت نضالات أبناء شعبنا أرواح الملايين من أحرار العالم. هذا وحده كفيل بأن يعزز صمودنا ويدفعنا إلى التقدم في مسيرتنا الوطنية حتى نهاية المشوار.

تكمن الإشكالية الكبرى في الانقسام البغيض الذي يعرقل مسيرتنا. ولكن كل شيء سيتغير حتماً، حينما يوقن كل واحد منا بأن الوحدة والتآزر هما جناحا قوتنا.

أما بالنسبة إلى ما وراء الفيتو الأميركي والمخطط الاستعماري الإمبريالي في المنطقة، الذي يندرج تحت إطار ما يُسمى بـ "صفقة القرن" فإنها لن تمر كما يأمل مصمموها، لأن التاريخ يقول إنه لا يوجد طريق مختصر للسلام والأمن.