يستمر الوضع متأزماً بين رجال الشرطة الأميركيين والمواطنين الأفارقة وغيرهم من المنتمين إلى أقليات أخرى، والذي أدى إلى سقوط ضحايا في صفوف رجال الشرطة برصاص مناوئيهم أو غاضبين عنهم. وبات رجال الشرطة الأميركيين، يشعرون بمطاردة الرأي العام الأميركي لهم وملاحقتهم بسبب تسرّعهم في قتل أكثر من مواطن، في ظروف يسود حولها نوع من الإجماع، أنه كان يمكن تجنّب القتل لو أن رجال الشرطة التزموا بالحد الأدنى من التعقّل.
وشاركت طائرات مروحية، أخيراً، في مطاردات جرت في غابات قريبة من مدينة شيكاغو في ولاية إيلينوي بين رجال الشرطة، ومشتبهين بقتل زميلهم. حدث ذلك بعد وقت قصير من قتل الشرطة الأميركية لرجل في ولاية تكساس رمياً بالرصاص، متجاهلين أنه رفع يديه عالياً معلناً الامتثال لهم. وقبل ذلك شوهد عدد من رجال شرطة مدينة سان فرانسيسكو الواقعة شمال ولاية كاليفورنيا، وهم يعتدون على رجل معوق وسط المدينة وفقاً لتسجيل مصور بهاتف خليوي، أثار غضباً واسعاً ضد رجال الشرطة.
في هذه الأثناء نجت مدينة بالتيمور الواقعة في ولاية ميريلاند قرب العاصمة واشنطن من اضطرابات جديدة، كانت السلطات تتخوّف منها خلال تظاهرات مقررة ضد رجال الشرطة، إذ أدى رفض قاضٍ أميركي سحب التهم الموجّهة إلى ستة من رجال الشرطة المتهمين بالتسبب في وفاة شاب أسود في المدينة إلى تهدئة نفوس الناس الغاضبة. في وقت يسود فيه التوتر بين رجال الشرطة الأميركيين والمواطنين المنتمين إلى الأقليات غير البيضاء في العديد من المقاطعات والمدن الأميركية.
وفي ذروة حوادث القتل والقتل المضاد، ظهر تسجيل صوره مواطن أميركي في هاتف خليوي، في الرابع من أغسطس/آب الماضي، وعرضه على موقع "يوتيوب" قبل أيام، الأمر الذي اعتبره كثيرون ممن شاهدوه بمثابة إدانة لشرطة سان فرنسيسكو. إذ ظهر أفراد الشرطة وهم يهاجمون معوّقاً من أصل أفريقي يقف بصعوبة على ساقٍ واحدة. وظهر الرجل في التسجيل مرمياً على الأرض، بينما يحاول خمسة من رجال الشرطة تكبيله من يديه، الأمر الذي أعاد الجدل بشأن العلاقة المأزومة بين رجال الشرطة والأميركيين الأفارقة في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
وأسوأ من ذلك أن أحد رجال الشرطة المهاجمين ظهر، وهو يدوس على ساق الرجل المعوق الصناعية، بينما يتوسل الرجل لرجال الشرطة أن يتركوه وشأنه، بعد أن أصبح شبه عارٍ من ملابسه تحت أقدامهم. وأظهر التسجيل قرابة 12 شرطياً يشكّلون سياجاً حول الرجل ومجموعة من المتفرجين يحملون في أيديهم عدداً من الهواتف المحمولة قبل إحضار كرسي متحرك له.
اقرأ أيضاً: عودة الاحتجاجات إلى شوارع فيرغسون في ولاية ميزوري الأميركية
وفي حادث لاحق، ظهر رجال شرطة في مدينة سان أنطونيو في ولاية تكساس، يقتلون رجلاً بالرصاص على الرغم من أنه رفع يديه عالياً في علامة واضحة على استسلامه، وفقاً لفيديو سجل الواقعة. ولم يفلح دفاع الشرطيَين، اللذين أطلقا النار على المواطن، في تبرير حادثة القتل، فقد كانت لقطة رفع اليدين أقوى من كل الحجج التي أوردها الشرطيان. وزعمت الشرطة أن الرجل كان يحمل سلاحاً أبيض وأنه كان قد طعن امرأة بذلك السلاح وحاول كذلك الاعتداء على طفل، وهي مزاعم لم تستند إلى أدلة بالصوت والصورة، كما كان عليه الأمر في واقعة رفع اليدين.
وبالقرب من إحدى ضواحي مدينة شيكاغو في ولاية إيلينوي التي ينتمي إليها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بحكم تمثيله لها سابقاً في مجلس الشيوخ، شارك رجال الشرطة الفدرالية (إف بي آي)، رجال الشرطة المحلية في الولاية بمطاردة مشتبهين بقتل شرطي أميركي في هجوم لم تتضح ملابساته بعد.
وذكرت محطات التلفزة الأميركية، أن زملاء الشرطي القتيل عثروا عليه ميتاً بعد دقائق من تلبيتهم استغاثة منه. وشارك لاحقاً في عمليات المطاردة إلى جانب ضباط "إف بي آي"، وحدات من الشرطة المحلية الراجلة، والكلاب المدربة، والطائرات المروحية لتمشيط المنطقة. ولم تؤدِ عمليات المطاردة الواسعة، حتى الآن، إلا إلى المزيد من المخاوف من أن يتفاقم الوضع.
اقرأ أيضاً: الادعاء يوجّه تهمة "القتل" لعناصر من شرطة بالتيمور