القائمة الموحدة... أداة السيسي للسيطرة على المجالس المحلية

16 يوليو 2016
مماطلة بإرسال قانون اﻹدارة المحلية إلى البرلمان(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
تكتسب انتخابات المجالس المحلية في مصر أهمية كبيرة، تفوق ربما أهمية انتخابات مجلس النواب، نظراً للصلاحيات الكبيرة التي تتمتع بها في المحافظات وفقا لتصريحات وزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر. ومن المنتظر أن تشهد الانتخابات المحلية سخونة شديدة نظراً ﻷهمية الصلاحيات الكبيرة، فضلاً عن صراع القوى واﻷحزاب السياسية من أجل حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد.

وبدأت ترتسم معالم المنافسة الشديدة على الرغم من عدم وصول قانون اﻹدارة المحلية إلى مجلس النواب حتى اﻵن، علماً بأن لجنة الحكم المحلي في البرلمان تدعو إلى الإسراع بإرسال القانون لمناقشته وسرعة الانتهاء منه، ﻹتمام الانتخابات قبل نهاية العام الجاري.

في غضون ذلك يتمسك حزب "المصريين اﻷحرار" برفض الانضمام لائتلاف "دعم مصر"، بعد خلافات بين رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، والقائمين على لائحة "في حب مصر" التي انبثق عنها التكتل البرلماني. وفي السياق تشير مصادر مقربة من الحزب إلى أنه يسير في مسارين، اﻷول تشكيل ائتلاف تحت قبة البرلمان، فضلاً عن السعي لتكوين تحالف انتخابي استعداداً للانتخابات المحلية.

في المقابل، ينوي ائتلاف "دعم مصر" البدء، خلال اﻷيام القليلة المقبلة، بمناقشة ملف الانتخابات المحلية، علماً بأن استعداداته لها لم تتوقف، ولا سيما في ظل وجود لجنة داخلية مشكلة لهذه الغاية.

وتشكل الانتخابات المحلية تحدياً أصعب بكثير من انتخابات مجلس النواب، نظراً ﻷن إجمالي عدد المقاعد المتاح المنافسة عليها يقدر بما يزيد عن 50 ألف مقعد. وتحتاج اﻷحزاب إلى تشكيل تحالفات انتخابية موسعة لكي تتمكن من المنافسة على هذا الكمّ الكبير من المقاعد، لا سيما أن القواعد الناشطة للأحزاب قليلة مقارنة بتجهيز كوادر جاهزة لخوض هذه المنافسة.

وأعلن وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية، المستشار مجدى العجاتي، أن مجلس الوزراء وافق على اعتماد النظام المختلط في مشروع قانون الإدارة المحلية، بواقع ثلاثة أرباع لنظام القوائم، وربع للنظام الفردي، لتحقيق النسب الدستورية التي أقرها القانون لصالح الشباب والمرأة وبعض الفئات الأخرى.


وتشير مصادر برلمانية مقربة من دوائر اتخاذ القرار إلى أنه تم تحديد أن تكون المنافسة على 75 في المائة للقوائم و25 في المائة للمرشحين المنفردين في الانتخابات المحلية، وذلك تفادياً لـ"الفوضى" التي يمكن أن تحصل في حال تم إعطاء الأغلبية للمقاعد الفردية.

وتقول المصادر نفسها لـ"العربي الجديد"، إن رئيس النظام المصري، عبدالفتاح السيسي، وافق على اقتراح جهات استخباراتية الطلب من اﻷحزاب المقرر أن تشارك في إطار تكتل "دعم مصر" تجهيز كوادرها وتقديم دورات تدريبية على إدارة الحكم المحلي وكيفية تقديم الخدمات والتعامل مع المواطنين، بانتظار تقديم ترشيحات للجنة المسؤولة عن إدارة الملف. وتضيف أن نظام القائمة المغلقة سيكون اﻷمثل، وسيتم تجميع اﻷحزاب التي يتكون منها تحالف "دعم مصر" وبعض المستقلين في المحافظات، فضلاً عن إمكانية ضم أحزاب أخرى إذا حدث توافق على اﻷمر، وهذا أمر وارد في ظل كثرة عدد مقاعد المجالس المحلية. وتشدد المصادر على أنه سيتم تشكيل قائمة موحدة على غرار "في حب مصر"، وستكون هي قائمة السلطة، بعد التنسيق مع الجهات اﻷمنية في فرز اﻷسماء واستبعاد مرشحين وضم آخرين.

وحول القائمة التي يسعى حزب "المصريين اﻷحرار" لتشكيلها لمواجهة تحالف "دعم مصر" في الانتخابات المحلية، تقلل المصادر من تأثيرها الكبير على تحركات "ائتلاف الدولة" على حد وصفها، مشيرةً إلى أن قائمة "في حب مصر" لم تتكبد أي عناء في انتخابات مجلس النواب، لا سيما أن الجميع يعلم أنها مدعومة من السيسي شخصياً.

وتستبعد أن يكون هناك استجابة من قوى وأحزاب سياسية لدعوة "المصريين اﻷحرار" حول القائمة المزعومة، خصوصاً أن الجميع يعلم أن الانضمام إلى تحالف كهذا، سيؤدي إلى خسارة رضى أجهزة الدولة، فضلاً عن وجود خلافات كبيرة في الرؤى بين القوى التي يمكن أن تكون معارضة للنظام وأن تفكر بالانضمام إلى تحالف مع "المصريين الأحرار". وترجح المصادر أن تحظى القائمة المدعومة من السلطة بما نسبته 75 في المائة من مقاعد المجالس المحلية، على غرار ما حصل في الانتخابات النيابية، وبالتالي يتبقى أمام كل اﻷحزاب حصة الـ 25 في المائة، مع إمكانية منافسة "دعم مصر" واﻷحزاب بداخلها على عدد من المقاعد الفردية في بعض المجالس المحلية.

وكانت مصادر مصرية كشفت، في وقت سابق، عن تمسك اﻷجهزة اﻷمنية بإجراء الانتخابات المحلية مطلع العام المقبل وليس العام الحالي، كما طالب السيسي، بتاحة الفرصة للاستعداد الجيد، في ظل عدد المقاعد الكبير.

من جانبه، يقول الخبير السياسي، محمد عز، إن انتخابات المجالس المحلية ستكون استنساخاً لتجربة مجلس النواب، من حيث سيطرة القائمة التي ستكون مدعومة من السلطة، مثلما حدث مع ائتلاف "في حب مصر" في البرلمان. ويضيف عز لـ"العربي الجديد" أنه تم اختيار توسيع نظام القوائم لسهولة السيطرة على المحليات، ولا سيما في ظل آﻻف المقاعد في المجالس المحلية، وبالتالي يصعب معها السيطرة في حالة إذا كانت النظام الانتخابي يعتمد أكثر على التمثيل الفردي.

ويشدد على أن قائمة السلطة التي سيشكلها ائتلاف اﻷغلبية في البرلمان "دعم مصر"، سيتم تذليل كل العقبات أمامها في حصد أكثر من 75 في المائة من مقاعد المجالس المحلية، وسيتم تسخير كل إمكانات الدولة لهذا اﻷمر، فضلاً عن الدعم اﻷمني ومحاولة إفشال المنافسين بغض النظر عن قوتهم.

المساهمون