الفيلم الطويل الأول.. مهمّة شاقة

04 يناير 2016
من "في رأسي دوّار" لـ حسن فرحاني
+ الخط -

في سياق مطالعة النتاجات السينمائية العربية لسنة 2015، تستوقفنا ملاحظات وإشارات عديدة، منها أن المواضيع المشتغَل عليها تركّزت بشكل أكبر ممّا هو عليه في 2014 على قضايا الراهن العربي ومآزقه من بؤس اجتماعي وهجرة وفساد سياسي.

الظاهرة الأكثر وضوحاً في نتاجات 2015؛ هي بروز تجربة الفيلم الأوّل، حيث أُتيح لنا أن نشاهد أفلاماً لمخرجين يختبرون أنفسهم للمرة الأولى في صناعة فيلم طويل، روائياً كان أم وثائقياً. بيّنت معظم التجارب الأولى اختلافاً في عقلية التعاطي مع الفيلم الأول، حيث وقع العديد من المخرجين العرب سابقاً في إرادة قول كل شيء في العمل الأول.

بفيلمه الطويل الأول "في رأسي دوّار"، كان المخرج الجزائري حسن فرحاني (1986) مفاجأة العام الماضي، حيث قدّم فيلماً وثائقياً يبشّر بموهبة سينمائية. فمن صور المسلخ وما يحتويه من عناصر، إلى العبور نحو داخل الشخصيات وتعقيداتها وأحلامها، كانت كاميرا المخرج الجزائري الشاب تنتقل بسلاسة وبحرفية نادراً ما نراها عربياً.

وفي الجزائر أيضاً، صنع الحدث "بابور كازانوفا"، الشريط الأول لـ كريم صياد (1984)؛ حيث يذهب المخرج الجزائري السويسري بعيداً في فهم شخصياته وأساليب التعامل معها.

وممّا يمكن أن نستشفه أيضاً عند أصحاب التجارب الأولى هذا العام هو ميل واضح نحو التجريب، هذا ما نلمسه في الفيلم الروائي الطويل الأول "الطريق" للمخرجة اللبنانية رنا سالم التي استغنت عن أصوات الممثّلين وقدمت فيلمها بشاعرية وأسلوب خاص. وفي السياق نفسه حقّقت المخرجة التونسية ليلى بوزيد حضوراً جيّداً بفيلمها "على حَلّة عيني".

سورياً، كان "هوم" للمسرحي الشاب رأفت الزاقوت من أفضل التجارب الأولى التي عالجت الشأن السوري، خصوصاً وأنه ابتعد عن المباشرة الفجّة أو افتعال الحدث أو استدرار الشفقة أو التعاطف، وهو الميزة الأساسية لقسم لا بأس به من الأفلام المنتجة عن سورية. أما مواطنته عفراء باطوس (1986)، فجاء فيلمها الأول "جلد" متواضعاً نتيجة الحشو والثرثرة البصرية التي جعلت العمل من دون موضوع.

لعل الأهم عند مطالعة التجربة الأولى سينمائياً، هو إدراك صاحبه أن العمل محطّة تجريب وتراكم واحتكاك وليس إثبات قدرات خارقة، وهو ما قد يجعل المخرج يصنع فيلماً "عظيماً" ثم يعلق بحفرته.

الفيلم الأول مهمّة صعبة ومسؤولية يتحمّلها المخرجون أنفسهم والمهرجانات التي تدعوهم وتتوّجهم، وكذلك الصحافيون والنقّاد الذين يراجعون أعمالهم. ولا بد أن نتذكر في هذا السياق أن واحداً من عباقرة السينما كـ ستانلي كوبريك كان فيلمه الطويل الأول شديد السوء، وكان يقرّ بذلك دائماً قبل غيره.


اقرأ أيضاً: "على حَلّة عيني": قبل الثورة بقليل

دلالات
المساهمون