ما إن مرت أيام قليلة على تنصيب دونالد ترامب رئيساً لأميركا حتى تسارعت المراسيم والأوامر التي تصيب المهاجرين واللاجئين بشظايا شعبوية هذه الإدارة. الأمر تنفيذ لوعود انتخابية بمنع المسلمين من دخول البلاد، ولو بالتدرج الآن، إضافة إلى التزام بالانسحاب من تعهدات استقبال أميركا للاجئين. بدأ ترامب بأوامر تنفيذية يومي الأربعاء والخميس بقرارات مثيرة للجدل.
قد يجد البعض بأن تشديد/منع تأشيرات لمواطنين عرب ومسلمين، من سورية والعراق واليمن والصومال وليبيا والسودان، وإيران، أمر لا يخصهم كثيرا.
لكنه في الواقع تصرف يشير إلى بوصلة أخرى لم تخفها حتى "واشنطن بوست" المطلعة على كواليس ما يدور. ويبدو جلياً بأن حدود الشعبوية لن تقف عند هذه الدول، بل ربما ستشمل دولا كانت حتى الأمس القريب حليفة لواشنطن.
قال نهاد عوض، من مؤسسة كير لـ"العربي الجديد" "كل أمر يخرق القانون سيواجه وفقاً للقانون والدستور الأميركي الذي يمنع التمييز".
لكن في المقابل، ثمة رئيس مكسيكي، إنريكي بينا نييتو، رفض ودان إصرار ترامب على بناء سور مع بلده. بل طالب قنصليات بلده بـ "حماية حقوق المهاجرين في أميركا".
حتى الساعة لم يصدر موقف عربي واضح يدين هذا النشر الرهيب للكراهية والتخويف من المسلمين والعرب في تصريحات ترامب، بما فيها كلامه الاتهامي المتكرر والتعميمي عن الإسلام.
يحق لهؤلاء الملايين من العرب والمسلمين أن يستمعوا لأصوات دولهم الأصلية وهي ترى في الأفق ما يمكن أن يصل إليه جنون الارتياب، وبعضهم يعبر عن مخاوفه من تكرار قصص معسكرات الاعتقال، كما حدث لليابانيين قبل 6 عقود.
من قال إن دونالد ترامب، بتصريحاته الأخيرة عن "مناطق آمنة في سورية" يهدف منها حقا مصلحة الشعوب المسحوقة؟
إنها لون صارخ من ألوان العنصرية والتمييز الذي يحمل أوروبا، وتحديدا ألمانيا، استقبالها لهؤلاء اللاجئين... ومن يظن نفسه بمنأى، من خلال صمته على ترامب، مما قد يصيب جاليته أو طلابه أو مصالحه يحتاج الآن وليس غدا لإعادة حساباته... على الأقل كما تفعل بعض دول أوروبا والمكسيك... فأوامر واشنطن في قراءة الآخرين كتابعين لم تعد تحتملها حتى قوى غربية...
إذا، للجاليات حقوق لا يجب أن يُصمت عنها وإلا فنحن أمام مضاعفة وتعميق لجراح بالأصل لم تضمد منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001 وما تبعها من علنية الاستعلاء والاستهتار بقيمة البشر ولو بعد أجيال... كما في حالة الناشطة ليندا صرصور... أسوة باتهام حتى الصحافة بتهم مخزية لا تليق ببلد "الحريات والديمقراطية"... بل عالمثالثية. وربما يظن ترامب حقا بأنه "فوهرر العصر الجديد"... مسنودا بهوس ترامبيي الغرب المجتمعين في ألمانيا بعنصرية وقحة... ورغبة الرئيس الروسي بتقاسم "كعكة" العالم معه... لا وصف سوى: الجنون يطل برأسه مجددا... بذكرياته المدمرة.