الفوز بدون ظهير و"لعبة التحولات"..ما بين سطور البرتغال وألمانيا

17 يونيو 2014
المنتخب الألماني كان يملك خط وسط قوي منحه الفوز(Getty)
+ الخط -

كرة القدم هي دائماً أكثر من كونها مجرد لعبة، من الممكن أن نتفق أو نختلف عن تلك المقولة، لكننا في كل الأحوال لا نستطيع أن ننكر مدى الشغف والمتعة التي تصنعها المستديرة في قلوب الملايين حول العالم. ألمانيا تلعب ضد البرتغال في كأس العالم في البرازيل، يُسجل المانشافت، فتقوم المستشارة الألمانية ميركل وتفرح كالأطفال الصغار، بينما يجلس الى جوارها رجل برتغالي تبدو ملامح وجهه حزينة بقدر مدى كآبة الأحوال الاقتصادية في بلاده.

والأشياء التي لا تصلح في مجالات أخرى من الممكن معالجتها داخل ساحات اللعبة، وهذا ما فعله يواكيم لوف، مدرب الفريق الألماني الذي نجح في قيادة لاعبيه لتحقيق فوز كبير على رفاق كريستيانو رونالدو برباعية نظيفة، وعلى الرغم من توقع الغالبية بأن المانشافت أقرب للانتصار إلا أن نتيجة المباراة كانت مفاجأة خصوصاً مع الاستسلام الكامل لبرازيل أوروبا .

كيف تفوز من دون ظهير؟

لعب لوف برباعي صريح، ميرتساكر وهامليس بالعمق، هويديس وبواتينج على الأطراف، خط دفاعي لا يضم أي ظهير حقيقي قادر على الإضافة الهجومية الكبيرة، مركز الظهير المتكامل الذي يدين بالكثير إلى البرازيل، صاحبة الارض والجمهور، البلد الذي أخرج للعالم كارلوس ألبرتو بيريرا، والهدف التاريخي له في نهائي 1970 حينما انطلق من الخلف إلى الأمام ليتسلم الكرة ويسددها زاحفة في شباك الطليان.

إنها المحاولة الأولى لصناعة ظهير عصري داخل أورقة التكتيك، ومن ألبرتو إلى كافو نهاية بداني ألفيش، يظهر السيلساو وكأنه الراعي الرسمي لهذه النوعية من النجوم. والألمان على النقيض تماماً، الدخول بتشكيلة لا تضم أي لاعب خلفي يجيد التوغل إلى الأمام، وحتى الأجنحة الهجومية ليست أطرافاً بالشكل الكامل، أوزيل، يلعب كثيراً كصانع لعب بينما تبادل موللر وجوتزه المهمات على الجبهة الأخرى.

وإذا فتّشنا في أسباب الفوز سنؤكد بأن خط الوسط لعب دوراً كبيراً فيما آلت إليه الأمور. لعب الألمان بطريقة أقرب إلى 4-3-3، فيليب لام لاعب ارتكاز الريشة، أي الشوتلر الذي يبدأ المباراة في عمق الملعب، لكنه يميل إلى الطرف لإضافة مزيد من اللعب الطولي، بينما سامي خضيرة، هو لاعب البوكس الذي يقطع الملعب من الخلف إلى الأمام على اليسار، فيما تكفّل كروس بصناعة اللعب من الخلف وشغل مركز الارتكاز العميق.

الذكاء الفطري الذي يمتلكه لام، ساعد الألمان كثيراً، طريقة فهمه لقواعد وخبايا اللعبة مكّنته من التحكم في المساحات داخل الملعب، متى يمرر، وأين يتمركز، وكيف يتحرك، إنها عبقرية رفيعة المقام في فريق طالما وصفه المتابعون بقوته الجماعية... تحركات لام، في اليمين، خضيرة ولاعب من الهجوم في اليسار، أضافا توازناً خططيّا للتشكيلة، مما ساهم في ضرب دفاعات البرتغال والتوغل في المساحات بين ظهيري الخصم وأجنحته المتقدمة.

لعبة التحولات

كرة القدم في السنوات الأخيرة تسير باتجاه سريع نحو التحولات في اللعب، أي قلب الاستراتيجية الكروية من الدفاع إلى الهجوم، اليمين إلى اليسار، الجانب إلى العمق، والعكس. وقمة الفريقين أثبتت هذه النظرية تماماً، تمريرة واثنتان ثم اللعب في وبين المساحات سواء خلف وسط ألمانيا أو البرتغال، لذلك شاهدنا هجمات مرتدة بالجملة لمصلحة الفريقين حتى طرد بيبي، الذي أنهى المباراة تماماً وقتل كل محاولة للعودة.

البرتغال تلعب بدفاع متقدم، راهن بينتو، على هذا الخيار رغم أن فريقه لا يضغط أبداً بالشكل الكافي، لذلك كانت التمريرات الطولية تُشّكل خطراً كبيراً، كذلك الفروقات الشاسعة بين رونالدو وناني، ومن خلفهما في مشهد تكرر وأكد أهم عيوب طريقة اللعب 4-2-3-1 .

أما الألمان فما زالوا يعانون بعض الشيء في فهم طريقة 4-3-3، مشاكل الارتداد السريع نفسها، الذي عانى منه بايرن في الأشهر الأخيرة، اللعب بارتكاز واحد صريح يجعل المهمة أصعب، صحيح هناك تطور كبير في بناء الهجمة وشن الغارات الهجومية لكن الحذر واجب خصوصاً مع بطء خط الدفاع وعدم اللعب بثنائية المحور المعروفة عنهم .

قمة أكدت بأن الفريق الألماني كالعادة يضع عينه نصب اللقب، بينما التمثيل السيء والحضور الضعيف، هما العنوان الأبرز لكل مشاركة برتغالية خلال المعتركات العالمية.

المساهمون