واصل الفلسطينيون في قطاع غزة المحاصر مشاركتهم في فعاليات مسيرات العودة وكسر الحصار، للجمعة الـ32 على التوالي، التي حملت هذه المرّة عنوان "سنسقط الوعد المشؤوم"، في إشارة إلى وعد بلفور الشهير، الذي منح الصهاينة الحق في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين التاريخية، والذي تصادف ذكراه اليوم أيضاً.
وغيّر القائمون على المسيرات "تكتيكات" العمل الجماهيري والشعبي، من خلال الابتعاد عن السياج الحدودي، وتخفيف حدة التوتر في المناطق التي شهدت على مدار الأسابيع الماضية مواجهات عنيفة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي الرصاص الحيّ وقنابل الغاز، وقنابل جديدة فيها أجزاء إسفنجية، على عشرات المتظاهرين المشاركين في الفعاليات. لكن حدّة العنف الإسرائيلي بدت مختلفة بشكل كبير مقارنة مع الجُمع السابقة من الفعاليات.
وأصيب عدد من الفلسطينيين بجراح، بعضهم بالرصاص الحيّ، وفق مصادر طبّية محلية. ولا تزال الطواقم الطبّية في مخيمات العودة الخمسة على أهبة الاستعداد. ولم يُلحظ إطلاق بالونات حارقة هذه الجمعة، كذلك غابت عن نقاط التماسّ الخمس الإطارات المحروقة "الكوشوك"، في إشارة فعلية لبدء التفاهمات وتطبيقها على أرض الواقع.
وجاءت هذه التغيرات نتيجة تفاهمات داخلية، وأخرى مع الوسيط المصري الذي يعمل على خطي التهدئة والمصالحة الوطنية، وفي ظل مؤشرات حقيقية على قرب التوصل إلى اتفاق يثبت وقف إطلاق النار الذي وقّع عقب 52 يوماً من العدوان عام 2014.
وخلال مشاركته في الفعاليات شرقي مدينة غزة، أكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" خليل الحية أن "مسيراتنا مستمرة حتى رفع الحصار، وبعدها سنقرر شكلها بما يتناسب مع قضيتنا". وقال الحية إنه إذا تأخر رفع الحصار واستمرت المسيرات "فسترون (الاحتلال) في فصل الشتاء ما لم تروه في فصل الصيف"، في إشارة إلى المماطلة الإسرائيلية والرهان على فصل الشتاء لإخماد الفعاليات الحدودية.
وشدد على أن جهود كسر الحصار "توشك أن تنجح"، غير أنه رفض إعطاء مزيد من التفاصيل.
وقام الوفد الأمني المصري، برئاسة اللواء أحمد عبدالخالق، بزيارات متعددة وقصيرة لمناطق التماس الخمس شرقي القطاع على الحدود مع الأراضي المحتلة.
وكانت الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار قد دعت أهالي غزة للمشاركة الفعالة في جمعة "سنسقط الوعد المشؤوم" بمخيمات العودة، مؤكدة مواصلة المسيرات حتى تحقيق جميع أهدافها، وعلى رأسها إنهاء حصار غزة وإسقاط صفقة القرن.
وذكرت الهيئة أنّ استمرار المسيرات الجماهيرية يأتي لحماية حق الفلسطينيين بالعودة رغم كل المعاناة التي سببها الاحتلال، بالإضافة إلى رفع الحصار وكسره عن قطاع غزة، وتأكيد الحق في الحياة الكريمة دون معوقات وحصار جائر استمر لأكثر من 12 عاماً. ومساء أمس، انتهى لقاء بين الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار مع مسؤول ملف فلسطين في المخابرات المصرية أحمد عبد الخالق.
ووفق معلومات "العربي الجديد"، جرى الاتفاق فلسطينياً مع المسؤول المصري على تخفيف حدة التوتر على الحدود، مقابل ضمانات بتسهيلات حقيقية للقطاع، من ضمنها استمرار تدفق الوقود الذي تبرعت به قطر لتشغيل محطة الكهرباء، بالإضافة إلى السماح بوصول التبرع القطري لموظفي غزة.
ويجري الحديث، وفق المصادر ذاتها، عن تثبيت وقف إطلاق النار الموقع في 2014، لا عن مشروع تهدئة جديد، ويشمل ذلك توسيع مساحة الصيد، وإعادة المنطقة العازلة على الحدود، وتسهيل إدخال المواد الخام للقطاع، والعمل مع الدول العربية والأمم المتحدة لإنجاز مشاريع بنية تحتية ومساعدات للفلسطينيين.
وأكدت المصادر أنه تم الاتفاق على "فترة تجريبية" للتفاهمات لثلاثة أسابيع، قبل أن يتم تثبيت الاتفاق، رغم المخاوف في غزة من أن يعرقل الرئيس محمود عباس هذه التفاهمات، كما عرقلها في وقت سابق ومنع تحقيق إنجاز اتفاق تهدئة.