الفلسطينيون منشغلون بلقمة العيش على حساب السياسة في 2020

01 يناير 2020
أوضاع الفلسطينيين المعيشية تتدهور (عصام ريماوي/ الأناضول)
+ الخط -


يتبادل الفلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبارات التهنئة بالعام الجديد، والتي يحمل كثير منها أمنيات التحرر من الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، وفي الشارع الشارع تتردد عبارة "الله يبدّل الحال" على لسان كثيرين يأملون أن يحمل العام الجديد ظروفاً معيشية أفضل.
بابتسامة ساخرة، أو بالصمت، رد مواطنون فلسطينيون على سؤال "العربي الجديد" حول أمنياتهم في عام 2020، ما يعكس حالة من الإحباط أو اللامبالاة التي يعيشها كثير منهم نظراً للظروف الحياتية الصعبة، وتراجع آمال إنهاء الملفات العالقة، سياسياً واقتصادياً.

وقال الموظف الحكومي مؤيد جواد، وهو رب أسرة مكونة من سبعة أشخاص، إن "عام 2019 كان صعبا على الصعيد الاقتصادي، والرواتب لم تكن مستقرة لمدة ستة أشهر، ويعلم الله كيف تدبرنا أمورنا، وأملي ألا يتكرر هذا مجددا في العام الجديد، وعلى الصعيد السياسي ليس هناك ما أتوقعه. الله يصلح الحال ونتوحد".

وأضاف التاجر صابر عبد الرحيم، من مدينة نابلس: "يتحدثون عن إجراء الانتخابات، ونحن نسمع هذا الكلام منذ سنوات. لا أظن أنها ستجرى في العام الجديد. الناس وضعها صعب، واهتمامها بلقمة العيش أكثر من أي شيء آخر، وكثيرون لا يعنيهم وجود تطورات أو تغييرات مرتقبة كما يدعي السياسيون".

وترى نور أحمد التي تحمل شهادة ماجستير في العلوم السياسية من الجامعة العربية الأميركية في جنين أن "المواطن البسيط لم يعد يكترث للخلافات السياسية بعد أن أجبرته الظروف على حصر أولوياته في البحث عما يوفر له الاحتياجات الأساسية، ودفع الديون المتراكمة عليه. الفصائل الفلسطينية فشلت في تطبيق برامجها السياسية، ولم تعد خطاباتها تقنع الناس، وأكبر مثال على ذلك ضعف المشاركة الشعبية في المسيرات ذات الطابع السياسي، ولو لم يحدث تغيير جذري في الخطاب السياسي للقيادة والفصائل، فلن يختلف تعاطي المواطنين مع المواضيع السياسية في العام الجديد عما كان عليه في العام الماضي".

وقالت الموظفة غيداء مفلح، من بلدة حوارة جنوب نابلس: "ليس لدينا شعور بالراحة، ونعيش في توتر دائم، نغفو على أخبار مزعجة، ونستيقظ على الحال نفسه. أملي أن تتحسن ظروفنا المعيشية، وعلى الصعيد السياسي ندعو الله أن تتوحد الفصائل، وأن تنجح جهود إقامة الانتخابات لأنها قد تكون مخرجا من الأزمات الداخلية".

وأضافت غيداء أن "أبرز القضايا التي تهم الفلسطينيين هي قضية الأسرى، والذين استشهد عدد منهم خلال 2019 داخل سجون الاحتلال، وكذا الهجمات التي يشنها المستوطنون على الريف الفلسطيني. قبل يومين علقوا مجسما ضخما باسم إحدى المستوطنات على حاجز (زعترة) الفاصل بين مدينتي نابلس ورام الله، وعلى طول الطريق ترى البناء الاستيطاني يتعاظم على حساب أراضي المزارعين".


وأشار الصحافي أمين أبو وردة، من نابلس، إلى أنه يلمس عزوف الناس عن المشاركة في الفعاليات السياسية، وهذا مرده إلى تعاظم مشكلاتهم المعيشية. ولفت إلى "انخفاض مستوى الحريات في الضفة الغربية، وملاحقة السلطة الفلسطينية للأصوات المعارضة، وهو ما برز جليا عقب قرار إحدى المحاكم الفلسطينية بحجب نحو 60 موقعا إلكترونيا وصفحة على (فيسبوك) قبل عدة أشهر، وهذا الأمر ألقى بظلال قاتمة على الوضع العام، وزاد الفجوة بين الفلسطينيين والقيادة".

وأكد المختص في شؤون الحريات، ماجد العاروري، لـ"العربي الجديد"، أن "خطوة حجب المواقع تعد الحدث الأبرز في العام الماضي، وكانت مؤشرا خطيرا على واقع الحريات العامة، وفتحت بابا كبيرا من النقاش المجتمعي لقانون الجرائم الإلكترونية، واحترام الحريات الصحافية، ومدى احترام استقلال القضاء، وتدخل جهات خارجية به"، معبرا عن خشيته من مواصلة السلطة في العام الجديد سياستها القمعية بحق من تعتبرهم معارِضين، ما سينعكس سلبا على الشارع.

وشهد عام 2019 حل مجلس القضاء الأعلى، وتشكيل مجلس انتقالي، وقال العاروري إن هذا مؤشر على "تسلط السلطة التنفيذية على بقية السلطات، وتدخلها المباشر في السلطة القضائية، واستمرار هذا الحال لا يبشر بخير على صعيد الحريات في العام الجديد".