لا وجود لديموغرافيا فلسطينية. كل ما في الأمر أن هناك شعباً في حال من الشتات الدائم، لا فرق إن كان بعضه على أرض عربية أو في المهاجر أو المنافي البعيدة. المؤكد أنه في الديارات العربية تعرّض الفلسطينيون في حقب زمنية متفاوتة إلى ما هو أدهى وأمرّ من لجوئهم الأول على يد العدو الصهيوني. يمكن التذكير بما يحدث في سورية الآن وما سبقه في العراق وما عانته أعداد منهم في ليبيا زمن العقيد القذافي وفي الكويت في أعقاب تحريرها بعد الغزو العراقي. كل هذا ولم نتحدث عما عاناه أبناء اللجوء في كل من الأردن ولبنان. ولا شك أن مثل ما حدث ترك بصماته على الاجتماع الفلسطيني وترك عشرات ألوف الأسر في حال يرثى لها.
تزداد المشكلة حدة إذا ما تذكّرنا أن الإسرائيليين أرغموا الفلسطينيين على مغادرة أرضهم وأرزاقهم وهم يحملون معهم إلى المنافي مفاتيح بيوتهم فقط، بينما البيوت بما فيها تمت مصادرتها، وكذلك الأراضي ومعها المؤسسات كبيرة وصغيرة وكل مصادر العيش. هناك أرقام عن الخسائر المادية التي أعقبت قيام دولة إسرائيل تتحدّث بأسعار اليوم عن مئات مليارات الدولارات. وعليه هناك سبب أصلي للفقر الفلسطيني يتمثل في الاحتلال أولاً وثانياً وعاشراً وبعده يأتي الحديث عما تبقى من عوامل وضغوط وظروف عربية ودولية.
غالبية الفلسطينيين يعيشون في مخيمات تفتقر إلى الحدود الدنيا من المواصفات الملائمة للعيش العادي. لا طرقات صالحة للسير ولا منازل قابلة للسكن، ولا خدمات نظافة ومياه شفة وصحة عادية. ثم هناك مدارس مكتظة معظمها لم تُبن بالأصل للتعليم. والأنكى أن هناك من يعتبر بقاء المخيمات على ما هي عليه ضمانة لاستمرار التعلق بالقضية الأم.
مثل هذا الكلام يطاول المجتمعين العربي والدولي. العربي في قصوره وتقصيره السياسي والاجتماعي، والدولي أيضاً في وضعه موازنة لوكالة "الأونروا" سنوياً تكفي لتأمين بقاء النوع فقط من دون زيادة أو نقصان. كأن الفقر والفاقة والعوز القاتل فقط هو ما يُبقي الفلسطيني على تماس مع قضيته.
لا يمكن الحديث عن الديموغرافيا الفلسطينية بمعزل عن أوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال وفي معازل القطاع وباقي مواقع اللجوء. وبناء على مقدمات من هذا النوع يعاني الفلسطينيون في معظمهم ظروفاً معيشية قاهرة قلما هناك شعب تعرّض لمثيلها في العالم. تزيد الطين بلة سياسات الإقصاء والتهميش والتضييق. وعبثاً منذ 67 عاماً تحاول "الأونروا" تحسين ظروف حياتهم بما يتوفر لها من إمكانات محدودة وما تعانيه من أعطاب. يكفي مثالاً أنه في غزة خلصت دراسة أجرتها "الأونروا" وجامعة بيرزيت عام 2016 إلى أن ثلث السكان أفادوا بأن مستواهم الصحي أقل من الجيد، و84 في المائة يعانون في حياتهم اليومية، و65 في المائة يعيشون الحرمان، و51 في المائة يعانون فقدان الأمن البشري. كذلك أكد 64.5 في المائة أنهم يشترون المواد الغذائية الأساسية بالدين.
*أستاذ جامعي
اقــرأ أيضاً
تزداد المشكلة حدة إذا ما تذكّرنا أن الإسرائيليين أرغموا الفلسطينيين على مغادرة أرضهم وأرزاقهم وهم يحملون معهم إلى المنافي مفاتيح بيوتهم فقط، بينما البيوت بما فيها تمت مصادرتها، وكذلك الأراضي ومعها المؤسسات كبيرة وصغيرة وكل مصادر العيش. هناك أرقام عن الخسائر المادية التي أعقبت قيام دولة إسرائيل تتحدّث بأسعار اليوم عن مئات مليارات الدولارات. وعليه هناك سبب أصلي للفقر الفلسطيني يتمثل في الاحتلال أولاً وثانياً وعاشراً وبعده يأتي الحديث عما تبقى من عوامل وضغوط وظروف عربية ودولية.
غالبية الفلسطينيين يعيشون في مخيمات تفتقر إلى الحدود الدنيا من المواصفات الملائمة للعيش العادي. لا طرقات صالحة للسير ولا منازل قابلة للسكن، ولا خدمات نظافة ومياه شفة وصحة عادية. ثم هناك مدارس مكتظة معظمها لم تُبن بالأصل للتعليم. والأنكى أن هناك من يعتبر بقاء المخيمات على ما هي عليه ضمانة لاستمرار التعلق بالقضية الأم.
مثل هذا الكلام يطاول المجتمعين العربي والدولي. العربي في قصوره وتقصيره السياسي والاجتماعي، والدولي أيضاً في وضعه موازنة لوكالة "الأونروا" سنوياً تكفي لتأمين بقاء النوع فقط من دون زيادة أو نقصان. كأن الفقر والفاقة والعوز القاتل فقط هو ما يُبقي الفلسطيني على تماس مع قضيته.
لا يمكن الحديث عن الديموغرافيا الفلسطينية بمعزل عن أوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال وفي معازل القطاع وباقي مواقع اللجوء. وبناء على مقدمات من هذا النوع يعاني الفلسطينيون في معظمهم ظروفاً معيشية قاهرة قلما هناك شعب تعرّض لمثيلها في العالم. تزيد الطين بلة سياسات الإقصاء والتهميش والتضييق. وعبثاً منذ 67 عاماً تحاول "الأونروا" تحسين ظروف حياتهم بما يتوفر لها من إمكانات محدودة وما تعانيه من أعطاب. يكفي مثالاً أنه في غزة خلصت دراسة أجرتها "الأونروا" وجامعة بيرزيت عام 2016 إلى أن ثلث السكان أفادوا بأن مستواهم الصحي أقل من الجيد، و84 في المائة يعانون في حياتهم اليومية، و65 في المائة يعيشون الحرمان، و51 في المائة يعانون فقدان الأمن البشري. كذلك أكد 64.5 في المائة أنهم يشترون المواد الغذائية الأساسية بالدين.
*أستاذ جامعي