الفلسطينية ندى القشيش تهزم السرطان وتتفوق دراسياً

10 يوليو 2018
لم يمنعها السرطان من اجتياز الامتحانات (فيسبوك)
+ الخط -

خاضت الشابة الفلسطينية ندى القشيش تحدّياً فريداً من نوعه، واجتازت امتحانات الثانوية العامة رغم وضعها الصحي الحرج، لتكسب الرهان وتستعيد الأمل الذي فقدته بعد إصابتها بسرطان الدم قبل الامتحانات بفترة وجيزة.

القشيش، من بلدة حلحول إلى الشمال من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، طالبة متفوقة، علمت قبل الامتحانات بعشرة أيام بخبر إصابتها بسرطان الدم، وتحديدا باللوكيميا أو ابيضاض الدم، فقلب الخبر حياة العائلة رأساً على عقب وأدخل ندى في حالة من التوتر والخوف على مستقبلها.

يقول أبو جهاد والد ندى لـ"العربي الجديد": "كانت ابنتي من الطالبات المتفوقات في مدرستها، كما أنها خاضت تحدي القراءة العربي واستطاعت أن تحصل على المراتب الأولى على مستوى الوطن العربي، وكنا نأمل أن تحقق نجاحاً كبيراً كما اعتدنا عليها، لكنها شعرت قبل الامتحانات بأسبوع ببعض المشاكل الصحية كالهزال وفقدان الشهية، فأخذناها إلى المشفى".

يضيف: "نزل علينا الخبر كالصاعقة عندما أخبرنا الأطباء بعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، أن ندى تعاني من لوكيميا حادة، وأنها بحاجة إلى علاج عاجل، وذلك وفقا لتأكيد مستشفى الخالدي في الأردن التي ذهبنا إليها للعلاج".

قررت العائلة العودة من الأردن إلى فلسطين، وذلك لاستكمال العلاج في مستشفى المطلع بالقدس المحتلة، لكن ندى أصرت على أن تخوض التحدي ورفضت فكرة تأجيل امتحاناتها، وهو ما حدث فعلا، إذ استعدت بشكل جيد رغم العلاج وجلسات الكيماوي.

تقول ندى لـ"العربي الجديد": "التربية والتعليم وفرا لي الامتحانات، وكانت غرفة المشفى الخاصة بي بمثابة قاعة للامتحانات، تلقيت الأسئلة في مغلف مغلق، مع وجود مراقبين اثنين، وكنت أستعد لكل امتحان دون الاكتراث للمرض، واقتنعت بداخلي بأن التجربة سهلة ولن يعيقني هذا المرض عن الوصول إلى ما أحلم به".

آمنت ندى بمصابها، لكنها لم تستسلم له، وخاضت التحدي بقوة وإرادة عالية، وبحبها الكبير للدراسة والتعلم واجتياز العقبات دون تردد أو خوف، وبهذه العزيمة رفعت ندى معنويات عائلتها واستمدت الأخيرة قوتها من ندى، إلى أن كانت العائلة ترقب النتائج، ليصلهم خبر نتيجة التفوق التي حصدتها بتعبها وإرادتها، إذ حصلت على علامة 96.4 بفرع العلوم الإنسانية، وهو ما غمر قلب عائلتها فرحاً، كما قال والدة ندى.

تعتبر ندى هذا النجاح أحد الإنجازات التي حققتها في حياتها، بعد تحدٍ وتعب ومثابرة، بالإضافة إلى أنها تستعد لتخوض تحديات أخرى جديدة في حياتها أولها أن تهزم مرضها وتتعافى منه.

تقول ندى: "بعد معرفتي بالنتيجة ارتحت أكثر وارتفعت معنوياتي، وحفزتني على أن لا أستسلم لأي شيء، وأن أواجه الحياة بقوة وصلابة إلى أن أقضي على المرض الذي أصابني وأكمل ما أحلم به، وهو أن أدرس تخصص اللغات في جامعة بيت لحم وأن أصبح مترجمة تتحدث العديد من لغات العالم".

قوة شخصية ندى، إلى جانب الدعم الأسري، ساعداها كثيرا كي تتخطى هذه المرحلة بتفوق ونجاح، إذ كان والداها وشقيقتها يقدمون لها الدعم والمساعدة وكل ما تحتاجه، إضافة إلى أن شقيقها جهاد الذي يدرس في مصر، قد عاد ليقف بجانبها في هذه المرحلة، وبقي معها لمدة أسبوعين يرفع معنوياتها ويشجعها على تجاوز المرحلة بنجاح وتفوق، وفق ما قالته ندى.

تشير ندى إلى دور الطاقم الطبي الذي وفر لها ظروفا ملائمة، من خلال لافتة صغيرة على باب غرفتها كتب عليها "الرجاء الالتزام بالهدوء يوجد طالبة توجيهي"، كما أن الدكتور كان يعطي جرعة الكيماوي لندى بعد الامتحان.

لا يخفي والد الطالبة ندى، فخره الكبير بابنته التي رفعت رأسه بقوتها وشجاعتها وإصرارها على خوض هذا التحدي الصعب في ظل ظروف صحية صعبة، عدا عن الفرحة الكبيرة التي أدخلتها ندى إلى بيتها وعائلتها وبلدتها حلحول.


تأمل العائلة أن تعمّ الفرحة الكبرى منزلها، بعد أن تتعافى ندى بشكل تام من مرض سرطان، إذ ستعود غداً إلى المشفى لاستكمال العلاج، ويشير والدها إلى أن آخر فحص طبي أجرته ندى كان يبشر بخير وطمأن العائلة بتحسن وضعها الصحي، آملين أن تطوى صفحة المرض بالانتصار عليه.

المساهمون