وأشار العقيد المنشق عن جيش النظام، صلاح أبومحمد، من ريف إدلب المحرر "ينضم كثيرون إلى الفصائل، بهدف تأمين لقمة العيش، أو حماية أنفسهم. وهذا خطر، لأنهم غير مدربين وغير مؤهلين، وعادة ما يخضعون لدورات سريعة في فنون القتال والشريعة، ما يجعلهم أهدافاً شبه سهلة خلال المعارك والمواجهات".
وأكد الضابط السوري أن ما يتلقاه المقاتلون من رواتب في صفوف الجيش الحر، أقل بكثير مما تصرفه باقي التنظيمات لمقاتليها، خاصة "داعش"، الذي يمنح، وفق أبومحمد، أجورا تتجاوز 300 دولار.
وفي وقتٍ لا يكاد يمر يوم من دون نشر أخبار عن غرق مراكب تقل سوريين قرروا الهجرة بشكل غير قانوني إلى أوروبا، قال المهرب أبوسلمى الدرعاوي، لـ"العربي الجديد": "لدينا عدة طرق للتهريب، منها عبر القارب المطاطي إلى اليونان بكلفة 3 آلاف دولار للشخص، وأخرى عبر سفن كبيرة لبعض الدول الأوروبية، خاصة إيطاليا، بنحو 5 آلاف دولار، وعبر الجو إلى دول أوروبية بطريقة مضمونة، وجواز سفر نظامي، بنحو 10 آلاف يورو".
وأضاف "نحن مسؤولون عن إيصال المهاجر إلى الطائرة"، لافتاً إلى أنّ بعض المهربين يستغلون ظروف وأزمات السوريين لجني الأموال، مقابل وعود بتمكينهم من الهجرة إلى أوروبا.
ويعاني السوريون، وفق محللين، من أسوأ ظروف معيشية بسبب الحرب وارتفاع الأسعار 10 أضعاف، وجمود الأجور أو انقطاعها، إضافة إلى تهاوي الليرة السورية إلى مستويات غير مسبوقة.
من جهته، أوضح الضابط المنشق عن جيش النظام، أبومحمد، أنّه "لا توجد إحصائيات دقيقة، ولكن يهاجر من تركيا يومياً أكثر من ألفي سوري بحرا في اتجاه أوروبا، أو الالتحاق بالفصائل المقاتلة، التي تؤمّن لهم الطعام ودخولا بسيطة".
وقال المفتش المالي السوري السابق، إبراهيم محمد، إن "الحرب وحصار نظام بشار الأسد للسوريين أفرزا حالات فقر وأنماط استهلاك وتقشف لم تعرفها سورية من قبل، كما تفشت ظواهر السرقة والتسول وانخراط أعداد كبيرة من معيلي الأسر في صفوف المقاتلين، بسبب ضيق ذات اليد".
وفي هذا السياق، قدّر الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان في سورية، عمر بلان، عدد السوريين المتضررين من الأحداث الجارية في بلادهم بنحو 12.2 مليون مواطن، منهم 3 ملايين امرأة في سن الإنجاب، و380 ألف امرأة حامل.
وبحسب تصريحات رئيس جمعية حماية المستهلك في سورية، عدنان دخاخني، فإن العائلة السورية المكونة من 5 أشخاص، تحتاج إلى أكثر من 100 ألف ليرة لتأمين احتياجاتها ونفقاتها خلال شهر واحد فقط.
بدورها، أشارت الناشطة في مجال الإغاثة في غوطة دمشق الشرقية، زين الخطيب، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن طعام سكان غوطة دمشق ومخيم اليرموك المحاصرين منذ أكثر من عامين، يقتصر على خضروات منتجة محلياً وخبز الشعير وبعض المساعدات الإغاثية، عندما "يسمح نظام الأسد بدخولها".
كذلك، رأى الناطق باسم اتحاد تنسيقيات الثورة في دمشق وريفها، يوسف البستاني، أن الخوف من استمرار القصف والحصار وجشع التجار، زاد من ارتفاع أسعار المنتجات وقلة عرضها في الأسواق.
وبيّن البستاني، لـ"العربي الجديد"، أن نظام بشار الأسد أحكم الخناق على مدينة دوما، بشكل رئيسي، ما زاد من ارتفاع الأسعار، حيث تجاوز سعر كيلوغرامين من الخبز 1200 ليرة، لتكون هذه الأسعار الأعلى على مستوى العالم".
ومما فاقم معاناة السوريين، تراجع المساعدات الدولية والصعوبات التي يواجهها اللاجئون منهم لإيجاد فرصة عمل في بلدان اللجوء.
كذلك، أفاد تقرير نشرته الأمم المتحدة وشركاؤها، في يونيو/حزيران الماضي، عن "الخطة الإقليمية للاجئين والمرونة 2015" بأنّ نقص التمويل للخطة، والذي بلغ نحو 3.47 مليارات دولار، هو ما يترك ملايين اللاجئين السوريين بدون دعم حيوي.
وأوضح التقرير أنّ "نقص التمويل يعرقل جهود المساعدات الإنسانية والإنمائية، لتلبية احتياجات 3.9 ملايين لاجئ فروا من الصراع في سورية، فضلاً عن أكثر من 20 مليون شخص في المجتمعات المحلية المتضررة التي تستضيفهم في بلدان مجاورة".
وحثت الأمم المتحدة وأكثر من 200 شريك لها في الخطة، التي تحتاج 5.5 مليارات دولار لدعم اللاجئين، منها نحو مليار لمساعدة المجتمعات المضيفة للاجئين، المجتمعَ الدولي على "التحرك بشكل أسرع، والوفاء بالتعهدات لدعم برامج الخطة".
وارتفعت نسبة البطالة إلى 80%، وفق تقرير للهيئة السورية لشؤون الأسرة الرسمية، وذلك بعد تدمير المنشآت الصناعية وتوقف أعمال البناء وفصل المظفين العاملين في الدولة الداعمين للثورة. وأسهمت هذه العوامل في رفع معدل الفقر إلى 70%، وفق إحصائيات رسمية، زاد من حدتها وقف صرف رواتب موظفي إدلب بعد تحرير المدينة.
ودفع الفقر الكثير من السوريين إلى الانضمام إلى المجموعات المقاتلة، لتأمين قوت يومهم. وبحسب العامل في مجال الإغاثة، محمود عبدالرحمن، فإنّ "أعدادا كبيرة من الموجودين على جبهات القتال، هم من موظفي القطاع العام المنشقين أو المفصولين".
وحول دخول المقاتلين في صفوف الجيش الحر، قال عبدالرحمن "لا يوجد رقم ثابت، لكل فصيل أجور ومساعدات عينية مختلفة، لكن أعلى الأجور والامتيازات يمنحها تنظيم "داعش"، حيث تصل إلى أكثر من 200 دولار (60 ألف ليرة سورية)".
وزادت سياسات حكومة الأسد القائمة على إلغاء دعم ورفع الأسعار، خاصة المحروقات والسكر والأرز، بدعوى تحرير الأسعار، من وتيرة إفقار السوريين.
وفي حين أكد خبراء اقتصاديون أن معالجي التفاوت الحاصل بين الدخول والإنفاق يتم من خلال رفع الحدّ الأدنى لأجور العاملين في القطاعين العام والخاص، ومنح إعانات نقدية للفقراء، نفى مصدر سوري، لـ"العربي الجديد"، ما تسرب عن زيادة وشيكة في الأجور.
وقال المصدر إنه "لا توجد موارد حاليا تكفي لزيادة الأجور"، مؤكدا أن دمشق "تفكر فقط في زيادة رواتب المقاتلين على خطوط المواجهة، أو تعويضهم بشكل عيني عبر الطعام واللباس".
اقرأ أيضاً: الغلاء يغير العادات الاستهلاكية للسوريين