أبو محمد، رجل اقترب من السبعين من عمره، يرتدي ثياباً رثة ويهيم في الشوارع "بانتظار انتهاء حياتي"، كما يقول. ويضيف أبو محمد، لـ"العربي الجديد": "كنت أسكن مع ولدي الوحيد وعائلته في بيتنا، ولكن بدأ وجودي يسبب مشاكل مستمرة بين ولدي وزوجته خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد وفاة زوجتي، حتى كادت أن تصل الأمور بينهما إلى الطلاق".
ويضيف أبو محمد باكياً: "آثرت الانسحاب من حياة ابني خوفاً على وضعه العائلي وضياع أبنائه الذين لا ذنب لهم، إذا تفارق أبواهما. لذلك تسللت في جنح الليل بعد أن كتبت رسالة لابني أشرح فيها الأمر، وأوصيته بألا يتعب نفسه بالبحث عني لأنني سأهاجر خارج العراق، وانتقلت إلى الشوارع أدور في طرقاتها وأعيش بما يجود به عليّ المحسنون من ثياب وطعام وقليل من المال، وقد يسّر الله لي المبيت في زاوية أحد الدكاكين بعد أن اطمأن لي صاحبه".
تقول الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية الصادرة عن وزارة حقوق الإنسان العراقية: "تبلغ نسبة السكان البالغين 65 سنة فأكثر 3.1% من سكان العراق، أي حوالي 1.1 مليون مسن"، وتؤكد الوثيقة أن "كبار السن لا تتوفر لهم برامج للرعاية الصحية أو برنامج ضمان الشيخوخة". وفي حين كلفت الرئاسات الثلاث خزينة الدولة العراقية مبلغاً يتجاوز الـ15 مليار دولار سنوياً، خلال السنوات الثلاث الماضية، وفي حين يتم صرف الملايين على الوظائف الوهمية ومليارات الدولارات على الهجر والفساد، تمتنع الحكومات العراقية المتعاقبة عن تخصيص كبار السن بنفقات تؤمّن لهم الحياة اللائقة.
ويرى مسؤول العلاقات الخارجية في مركز بغداد لحقوق الإنسان الدكتور عبد العزيز الجميلي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "طبقاً لما أكده قسم العاجزين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فإن الوزارة لها دورٌ إيوائية للمسنين، اثنان فقط في العاصمة بغداد، هما دار الرشاد ودار الصليخ، كما توجد دار واحدة لرعاية المسنين في كل من محافظات البصرة، وميسان، والديوانية، والنجف، وكركوك، وبابل، وكربلاء وغيرها، تقدم خدماتها لعدد قليل من المسنين في عموم العراق".
وبخصوص كلفة إنشاء نظام تغطية صحية لكبار السن وضمان الشيخوخة، يقول الجميلي "ممكن قياس ذلك على ما قامت به دول الخليج حول رعاية كبار السن، لنجد أن ما أنفقته تلك الدول يعادل أضعافاً عدة ما تنفقه الحكومة العراقية. إن الأمر يزداد سوءاً عند النظر إلى شح النفقات على هذا القطاع الإنساني ومقارنتها بالإنفاق غير المجدي الذي تدفعه الحكومة العراقية على الوظائف الوهمية مثلاً".
ويشير المسح الذي أجراه جهاز الإحصاء المركزي العراقي إلى أن عدد المسنين المقيمين في دور الرعاية لا يتعدى 606 مسنين، ويتوزعون فقط على 13 داراً رسمية وخاصة في تسع محافظات، وهي لا تستوعب أكثر من 1238 مسناً في 246 غرفة فقط. وتعاني هذه الدور من الإهمال وقلة الإنفاق المالي، بحيث يواجه المسنون فيها ضعف الرعاية الصحية (53.8%)، وقلة الكادر الوظيفي (76.9%)، وسوء نوعية الطعام (24%).
ويلفت الجميلي إلى أن "الحكومة العراقية تعتبر مذنبة ومقصّرةً في ضمان الشيخوخة وفقاً للقوانين النافذة، كقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، حيث نصت المادة 383 منه على أن يُعاقب كل من عرّض بنفسه أو بواسطة غيره للخطر شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو النفسية أو العقلية، بالحبس أو الغرامة. كما رتبت المادة 371 عقوبات على كل من امتنع عن القيام بواجبه تجاه من كان مكلفاً قانوناً أو إنفاقاً برعايته سواء كان شخصاً عاجزاً لصغر سنه أو لشيخوخته".
ويعدد الطبيب عماد حسين لـ"العربي الجديد"، أمراضاً عدة قد يصاب بها كبار السن، كـ"أمراض السكري وعجز الكبد وأمراض الرئة، وعجز القلب وحالات الهذيان...". ويلفت إلى أهمية الاهتمام بصحة المسنين ورفع الإنفاق عليهم.
ويضيف أبو محمد باكياً: "آثرت الانسحاب من حياة ابني خوفاً على وضعه العائلي وضياع أبنائه الذين لا ذنب لهم، إذا تفارق أبواهما. لذلك تسللت في جنح الليل بعد أن كتبت رسالة لابني أشرح فيها الأمر، وأوصيته بألا يتعب نفسه بالبحث عني لأنني سأهاجر خارج العراق، وانتقلت إلى الشوارع أدور في طرقاتها وأعيش بما يجود به عليّ المحسنون من ثياب وطعام وقليل من المال، وقد يسّر الله لي المبيت في زاوية أحد الدكاكين بعد أن اطمأن لي صاحبه".
تقول الوثيقة الوطنية للسياسات السكانية الصادرة عن وزارة حقوق الإنسان العراقية: "تبلغ نسبة السكان البالغين 65 سنة فأكثر 3.1% من سكان العراق، أي حوالي 1.1 مليون مسن"، وتؤكد الوثيقة أن "كبار السن لا تتوفر لهم برامج للرعاية الصحية أو برنامج ضمان الشيخوخة". وفي حين كلفت الرئاسات الثلاث خزينة الدولة العراقية مبلغاً يتجاوز الـ15 مليار دولار سنوياً، خلال السنوات الثلاث الماضية، وفي حين يتم صرف الملايين على الوظائف الوهمية ومليارات الدولارات على الهجر والفساد، تمتنع الحكومات العراقية المتعاقبة عن تخصيص كبار السن بنفقات تؤمّن لهم الحياة اللائقة.
ويرى مسؤول العلاقات الخارجية في مركز بغداد لحقوق الإنسان الدكتور عبد العزيز الجميلي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "طبقاً لما أكده قسم العاجزين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فإن الوزارة لها دورٌ إيوائية للمسنين، اثنان فقط في العاصمة بغداد، هما دار الرشاد ودار الصليخ، كما توجد دار واحدة لرعاية المسنين في كل من محافظات البصرة، وميسان، والديوانية، والنجف، وكركوك، وبابل، وكربلاء وغيرها، تقدم خدماتها لعدد قليل من المسنين في عموم العراق".
وبخصوص كلفة إنشاء نظام تغطية صحية لكبار السن وضمان الشيخوخة، يقول الجميلي "ممكن قياس ذلك على ما قامت به دول الخليج حول رعاية كبار السن، لنجد أن ما أنفقته تلك الدول يعادل أضعافاً عدة ما تنفقه الحكومة العراقية. إن الأمر يزداد سوءاً عند النظر إلى شح النفقات على هذا القطاع الإنساني ومقارنتها بالإنفاق غير المجدي الذي تدفعه الحكومة العراقية على الوظائف الوهمية مثلاً".
ويشير المسح الذي أجراه جهاز الإحصاء المركزي العراقي إلى أن عدد المسنين المقيمين في دور الرعاية لا يتعدى 606 مسنين، ويتوزعون فقط على 13 داراً رسمية وخاصة في تسع محافظات، وهي لا تستوعب أكثر من 1238 مسناً في 246 غرفة فقط. وتعاني هذه الدور من الإهمال وقلة الإنفاق المالي، بحيث يواجه المسنون فيها ضعف الرعاية الصحية (53.8%)، وقلة الكادر الوظيفي (76.9%)، وسوء نوعية الطعام (24%).
ويلفت الجميلي إلى أن "الحكومة العراقية تعتبر مذنبة ومقصّرةً في ضمان الشيخوخة وفقاً للقوانين النافذة، كقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، حيث نصت المادة 383 منه على أن يُعاقب كل من عرّض بنفسه أو بواسطة غيره للخطر شخصاً عاجزاً عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو النفسية أو العقلية، بالحبس أو الغرامة. كما رتبت المادة 371 عقوبات على كل من امتنع عن القيام بواجبه تجاه من كان مكلفاً قانوناً أو إنفاقاً برعايته سواء كان شخصاً عاجزاً لصغر سنه أو لشيخوخته".
ويعدد الطبيب عماد حسين لـ"العربي الجديد"، أمراضاً عدة قد يصاب بها كبار السن، كـ"أمراض السكري وعجز الكبد وأمراض الرئة، وعجز القلب وحالات الهذيان...". ويلفت إلى أهمية الاهتمام بصحة المسنين ورفع الإنفاق عليهم.