الفساد في الإعلام التونسي: من يحاربه أولاً؟

08 يوليو 2017
الملف يختبر نوايا يوسف الشاهد (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -
منذ انطلاق حملة الحكومة التونسية لمحاربة الفساد التي أدّت إلى إيقاف العديد من رجال الأعمال والمهربين، منذ مايو/أيار الماضي، تعالت الأصوات المُنادية بمكافحة الفساد في القطاع الإعلامي، وتجلت هذه الأصوات في المؤتمر الرابع لـ "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين"، في مايو/أيار الماضي، ثم تصريح نقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري، أن "على رئيس الحكومة الشروع في فتح ملفات الفساد في الإعلام التونسي". 


كما تساءل البغوري عن "مصادر تمويل بعض القنوات التلفزيونية العاملة منذ سنوات، من دون الحصول على إعلانات تجارية، والتي تعدّ المصدر الرئيسي لدخل القنوات التلفزيونية"، وأكدّ أن مكافحة الفساد يجب ألّا تكون "موسمية"، بل "عملية مستمرة منضوية تحت لواء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، في إطار دعم الهيئات الوطنية المستقلة عن أي سلطة تنفيذية"، في حديثه لـ "العربي الجديد".

وفي سياق متصل، تواصلت "العربي الجديد" مع "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، وأكد كاتبها، كثير بوعلاق، أن الهيئة تضم ملفات فساد عدة متصلة بالقطاع الإعلامي، لكنه رفض تحديد عدد هذه الملفات، مشيراً إلى أنها ستُقدّم إلى الجهات المعنية.

بدورها، لم تنفِ الحكومة التونسية وجود ملفات فساد في قطاع الإعلام التونسي، إذ أكد الوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان، مهدي بن غربية، أن "شبكات الفساد في تونس تشمل إعلاميين وسياسيين وغيرهم"، ما أثبت أن الحكومة التونسية ستفتح هذه الملفات، لكن السؤال حول من سيبادر بفتح هذه الملفات لا يزال عالقاً. علماً أن بن غربية نفسه اتُهم بشبهات فساد، لكنه أكد، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الاتهامات التي يتعرض لها بتورطه في شبهات فساد، لا تستحق الرد، لافتاً إلى أنها تأتي في إطار محاولات الإرباك والتشكيك والافتراء التي تستهدفه شخصيًّا.

يبدو أن "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد" برئاسة عميد المحامين التونسيين السابق، شوقي الطبيب، في حوزتها ملفات عدة في هذا المجال ويُنتظر فتحها قريباً، خاصة أن "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" تضغط في هذا الاتجاه، من أجل تنقية الوسط الإعلامي التونسي من بعض التهم التي تحاصره، كخضوعه لسلطة رأس المال الفاسد وتوجيه الرأي العام التونسي نحو خدمة أجندات سياسية و"مافيوزية" لرجال أعمال وسياسيين متورطين في الفساد.

الحكومة، من ناحيتها، شرعت في فتح هذا الملف من خلال عملية إيقاف الإعلامي المشهور سمير الوافي، صاحب برنامج "لمن يجرؤ فقط" الذي يبث على قناة "الحوار التونسي"، في 21 يونيو/حزيران الماضي، بتهم تتعلق بالرشوة واستغلال صفته، في إطار حملتها لمقاومة الفساد، لكنها خطوة اعتبرها البعض غير كافية، خاصة أن بعض الفاسدين لا يزالون يتمتعون بحصانة تجعل عملية محاسبتهم أمراً يبدو صعباً.

أما البعض الآخر فيرى أن الأمر ليس صعباً، خاصة إذا توفرت الإرادة السياسية لتحقيق ذلك، وتم التسريع في فتح كل الملفات المتعلقة بالفساد، كما أشار إلى ذلك الوزير السابق والأمين العام السابق لـ "التيار الديمقراطي"، محمد عبو. هذا الملف سيكون بمثابة الامتحان الحقيقي، لاختبار نوايا الرئيس الحالي للحكومة التونسية، يوسف الشاهد، ومدى جديته في مكافحة الفساد في القطاعات كافة، من دون أي استثناء.

يذكر أن الحكومة التونسية أعلنت، في إطار حملتها على الفساد، عن إيقاف رجل الأعمال، شفيق الجراية، وإيداعه السجن، ورجل الأعمال والسياسي الذي ترشح للانتخابات الرئاسية عام 2014، ياسين الشنوفي، وهو كادر إداري عمل في الجمارك التونسية سابقاً.

وكان يوسف الشاهد، عندما استلم رئاسة الحكومة الحالية قبل عام، قد أعلن عن أولوياته، وهي كسب الحرب على الإرهاب، وإعلان الحرب على الفساد. لكن الآراء حول الحكومة التونسية متباينة، إذ رأى البعض أن حملة الشاهد على الفساد انطلقت فعلياً، وطالبوه بالاستمرار فيها إلى النهاية، من دون أي استثناءات أو محسوبيات، لكن أصوات أخرى في تونس شككت في حملات الحكومة ضد الفساد، وطالبتها بإيضاح حقيقة مواقفها، وشككت في نواياها حول إذا ما كانت حكومة الشاهد تسعى إلى محاربة الفساد أو تصفية حسابات.

المساهمون