الفريضة رغم الإعاقة والسنّ والمرض

11 سبتمبر 2016
إصرار على أداء الفريضة (فايز نور الدين/ فرانس برس)
+ الخط -

ليست فريضة الحج سهلة حتى على الشباب الأصحاء، إذ هي تشتمل على مشقّة وصعوبة. لكنّ كبار السنّ والأشخاص المعوّقين يمثلون أكثر من 40 في المائة من الحجاج، خصوصاً الوافدين من خارج السعودية.

"الإعاقة، مهما كانت طبيعتها لا تمنع الحاج من أداء فريضة الحج"، بحسب ما يقول أستاذ الشريعة الدكتور عقيل العقيلي. لكنّه يستثني "الحالات التي تمثّل خطورة حقيقة تهدد حياة الفرد، الأمر الذي ينطبق كذلك على كبار السنّ". يضيف لـ "العربي الجديد" أنّ "الشخص المعوّق أو المتقدّم في السنّ، عند وصوله إلى المشاعر من دون أن يكون عاجزاً بطريقة تمنعه من أداء الفريضة، وجب عليه ذلك". ويؤكد أنّ "للشخص المعوّق بالتالي، أجراً عظيماً في حال تأديته فريضة الحج. فالحجّ ليس واجباً عليه، إذ إنّ الإعاقة تسقط عنه الفرض".

وتحاول السعودية التخفيف من معاناة الأشخاص المعوّقين الذين يصرّون على أداء الفريضة، وكذلك المرضى وكبار السنّ، من خلال توفير خدمات خاصة لهم تلزم حملات الحج بها. وقد كشف الرئيس العام لشؤون الحرمَين الشريفَين، الشيخ عبد الرحمن السديس، عن "توفير كامل الخدمات والعربات الخاصة للمعوّقين وكبار السنّ، وتهيئة مداخل مخصصة لتلك العربات. كذلك كُلّفت جهات متخصصة بترجمة الخُطب إلى لغة الإشارة للإخوة الصمّ، وتهيئة الفرش وعربات الغولف الخاصة بنقل كبار السنّ من الحجاج، وتنظيم دخول وخروج المصلين".

من جهته، يقول كبير مطوفي حجاج دول شرق آسيا، عبد الله المطرفي، لـ "العربي الجديد"، إنّ "أكثر من عشرة آلاف سيارة غولف حديثة تتوفّر حول الحرم المكي الشريف، لمساعدة كبار السنّ والمرضى من الحجاج والمعوّقين في التنقل، وللعمل على إيصال الحجاج المسنّين من خلال مراكز خدمات الحجاج التابعة لوزارة الحج والعمرة حول الحرم المكي". ويشير إلى أنّ "أكثر من 120 ألف حاج نُقلوا في العام الماضي، فيما تشير التوقعات إلى نقل ضعفَي هذا العدد في العام الجاري".




إلى ذلك، تؤمّن السعودية لكبار السنّ غير القادرين على أداء الطواف أو السعي، كراسي متحركة خاصة، فيما وفّرت أكثر من ثلاثة آلاف و500 مطوف لدفع تلك الكراسي في الطواف والسعي لقاء مقابل مادي بسيط.

ويؤكد عاصم كرشي وهو أحد المشرفين على حجاج شمال أفريقيا، أنّ اللجان المشرفة على الحج توفّر على كبار السنّ والأشخاص المعوّقين عناء رمي الجمرات، الذي يشهد عادة زحاماً كبيراً. ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ "الحوادث دائماً ما تقع عند رمي الجمرات، ومعظم ضحاياها هم من كبار السنّ. لذا، نحاول قدر الإمكان حمايتهم، عبر توفير عناء رمي الجمرات عنهم". يضيف أنّ "في كل عام، يلقى عشرات الحجاج حتفهم إمّا بسبب الأمراض أو التدافع الطبيعي أو ضربات الشمس. لكنّ هذا أمر طبيعي بسبب كبر سنّ معظم الحجاج".

إلى ذلك، تحذّر وزارة الصحة كبار السنّ والمصابين بالأمراض الخطيرة والأشخاص المعوّقين من خطر الإصابة بالإرهاق أو التعرّض لضربات الشمس. ويشدّد طبيب التوعية في الحج، الدكتور فؤاد هاشم، على أنّ "ضربات الشمس هي الأكثر خطورة على مرضى القلب لأنها تزيد من سرعة حدوث الاجتفاف، بالإضافة إلى أنّ مسيّلات الدم المختلفة كالأسبرين تزيد من خطورة الإغماءات والسقوط المفاجئ واحتمالات النزيف". يضيف لـ "العربي الجديد" أن "لا بدّ للحاج أن يراعي كبر سنّه ووضعه الصحي من مرض أو عجز أو عاهة، فلا يغالي في التوجّه إلى الأماكن المزدحمة بشدة، ولا يحمّل نفسه ما لا تستطيع حمله. فالازدحام الشديد يعرّض الحجاج للإصابة بالأمراض المعدية، وقد يتسبب في سقوط بعض الحجاج، خصوصاً المسنّين منهم، الأمر الذي قد يؤدّي إلى كسور".

وكانت وزارة الصحة قد عالجت في موسم حج العام الماضي 405 آلاف و542 حاجاً، وأجرت 22 جراحة قلب مفتوح، و668 عملية قسطرة للقلب، وألفَين و213 جلسة غسيل كلى، بالإضافة إلى 31 عملية مناظير للجهاز الهضمي. على الرغم من ذلك، توضح الوزارة أنّ إصابة الحاج بمرض مزمن أو أحد أمراض القلب، لا تعيق إتمامه الشعائر. ويشير أحد أطباء بعثة الحج الصحية في مكة المكرمة، أنّ "آلاف المنشورات توزّع لتوعية مرضى القلب حول المخاطر التي قد تهدد حياتهم". ويشدّد لـ "العربي الحديد" على أن "تكون الحالة الصحية للحاج المصاب بمرض القلب، مستقرة، وأن يتوجه مباشرة إلى أقرب مستشفى عندما يشعر بألم في الصدر أو ضيق في التنفس". يضيف أن "من المهم التحكم بمستوى السكري وضغط الدم، لكنّ الأهم من هذا كله هو استشارة المريض طبيبه قبل السفر إلى مكة والحصول على اللقاحات الضرورية قبل بلوغ الأماكن المقدسة".