وبحسب المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة غير حكومية)، فإنّ خطر استيراد الفحم واستخدامه في الصناعة، يتخطى الخطر الذي يمثله إحراق الفحم في مصنع الإسمنت، حيث يمثّل تهديداً لاستقرار أسعار الطاقة وسيادة مصر على طاقتها، كما يهدد النظام البيئي في البلاد.
ويرى المركز المصري أنّ خطة الحكومة المصرية تحويل محطات الكهرباء الموجودة إلى العمل بالفحم، ستعود بالضرر بشكل أساسي على المحافظات التي تضم العدد الأكبر من محطات توليد الكهرباء، وتشمل محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية، وهي الأكثر سكاناً في مصر. وعليه، فإنّ تعريض هذه المحافظات إلى أخطار الفحم الكارثية، التي ستسببها محطات توليد الطاقة سواء كانت من المحطات الجديدة التي يطلق عليها اسم "المحطات النظيفة" أو المحطات القديمة شديدة التلويث ـ كما هو متوقع ـ سيزيد المعاناة الصحية لسكان هذه المحافظات.
ويتحمّل الآثار الضارة لهذه الإجراءات، السكان الأفقر في محافظتي القاهرة والجيزة، الذين لا يستطيعون ترك مساكنهم الواقعة في مناطق ملوثة، كما أنهم غير قادرين على دفع فاتورة الصحة الباهظة التي تفرض عليهم لإقامتهم قرب محطات توليد الكهرباء.
والجدير بالذكر أنّ وزير البترول المصري الأسبق، أسامة كمال، كان قد انتقد توجه الحكومة المندفع إلى استخدام الفحم لحل أزمة الطاقة، مشيراً إلى عدم وجود نظام مناسب لنقل الفحم داخل مصر.
أضاف كمال أنّ الطرق غير مجهزة لزيادة عدد سيارات النقل من 250 ألفاً إلى 500 ألف سيارة جديدة في العام. فالتلوث الناتج عن استيراد الفحم لا ينتج فقط عن حرقه، لكن يضاف إليه عدم وجود طرق آمنة للنقل، وغياب النُظُم والقوانين الحاكمة لنقله.
حالياً، ينقل الفحم بطريقة غير قانونية وغير منظمة من الموانئ إلى مصانع الإسمنت. وعلى الأرجح ستستخدم محطات توليد الكهرباء الطريقة نفسها في نقل الفحم، وهو ما سيتسبّب بانتشار غبار الفحم الضار والسام من الموانئ مروراً بمناطق كثيفة السكان في القاهرة والجيزة، على سبيل المثال.
ويعتبر الفحم أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثاً للبيئة وتسبباً بالضرر لصحة الإنسان، وتنتج عن إحراقه أطنان من الانبعاثات والمخلّفات التي تحتوي عناصر سامة، وتسبب طائفة واسعة من الأمراض التي تشكل عبئاً على الموازنة العامة. إذ إن لكل تيرا وات من الكهرباء التي يتم إنتاجها بواسطة الفحم، هناك 24.5 حالة وفاة و225 إصابة مرضية خطيرة ونحو 13 ألفاً و228 إصابة مرضية بسيطة، بحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية لعام 2009.
يشار إلى أن الإنفاق على قطاع الصحة في مصر، في العام المالي 2010 ـ 2011 وصل إلى 4.17 في المئة من الموازنة العامة، ثم انخفض إلى 4 في المئة في 2011 ـ 2012، ثم ارتفع إلى 4.33 في المئة في 2012 ـ 2013، وما لبث أن انخفض مجدداً إلى 4.02 في المئة في 2013 ـ 2014.
تغيّر مناخي
إلى جانب خفض الميزانية، يتعّرض القطاع الصحي إلى الخصخصة على نحو متزايد، ما يشّكل عائقاً أمام الكثير من المرضى الفقراء.
وبحسب ورقة دراسية متخصصة أعدتها جماعة "مصريون ضد الفحم"، فإنّ استيراد الفحم يؤدي إلى تأثير رئيسي في التغّير المناخي. فوفقاً لتقرير صدر عن البنك الدولي عام 2012، فإنّ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بحلول عام 2100، وهو ما سيؤدي إلى تغييرات كارثية. كما أنّ التحّول نحو الفحم سيؤدي إلى أعباء اقتصادية كبيرة.
ولا يقتصر الأمر على غياب الإعداد اللازم لاستخدام الفحم فحسب، بل كذلك غياب الدراسات عن الأسعار العالمية للفحم وكلفة تحول المصانع إلى استخدامه.
يذكر أن الدول العربية تحتفل بيوم البيئة العربي في ذكرى انعقاد أول مؤتمر وزاري عربي يُعنى بشؤون البيئة العربية، في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 1989 في تونس.