الفائدة السالبة تهدد صناديق التقاعد العالمية... والأموال تتجه للعقارات

24 نوفمبر 2019
اقبال على شراء العقارات مع خفض سعر الفائدة (Getty)
+ الخط -

 

يبدو أن مخاطر أسعار الفائدة السالبة، التي تبنّتها العديد من البنوك المركزية في أوروبا ودول أخرى في العالم، بدأت تتسع لتهدد صناديق التقاعد والتأمين، التي تدير استثمارات بمئات مليارات الدولارات وتخدم مئات ملايين الأشخاص.

فقد تصاعدت مخاوف أكبر صناديق التقاعد في أوروبا، خلال الآونة الأخيرة، من امتداد النطاق الزمني لأسعار الفائدة السالبة في البنوك، ما يدفعها إلى البحث عن بدائل لاستثمار أموالها بعيدا عن البنوك والسندات الحكومية، بحثا عن عائدات تحول دون انهيارها.

ورغم مساعي العديد من البنوك المركزية لإنعاش الاقتصادات والهروب من الركود، بخفض أسعار الفائدة إلى مستويات صفرية وسلبية، إلا أن الأمر بدأ في التحول إلى نتائج مقلقة للكثير من القطاعات.

ومنذ الأزمة المالية العالمية في 2008 خفّض عدد كبير من البنوك المركزية نسب الفائدة إلى ما دون الصفر، بعد سلسلة من التخفيضات المتتالية التي لم تكن كافية لتحفيز النمو وزيادة معدلات التضخم. وتعتبر اليابان آخر دولة تلجأ إلى سياسة الفائدة السالبة، بعد أن قام البنك المركزي بهذه الخطوة في 2014، بالإضافة إلى عدة دول أخرى أوروبية كسويسرا والسويد والنرويج.

لكن أحد أكبر صناديق التقاعد في فنلندا تساءل عما إذا كانت هذه الحقبة التاريخية مجرد البداية في استمرار أسعار الفائدة السالبة، ما دعاه إلى تقليص حجم استقماراته في السندات الحكومية، والبحث عن أصول أقل سيولة على أمل الحصول على عوائد أعلى.

ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية، في تقرير نشرته الأحد، عن ميكو مورسولا، رئيس الاستثمارات في صندوق "Ilmarinen" للتأمين الفنلندي، قوله، إن الشركة "بدأت للتو في اتخاذ الخطوات الأولى لتعديل المحفظة الاستثمارية".

وتشرف الشركة على استثمارات بحوالي 48 مليار يورو (53 مليار دولار) من مكتبها في هلسنكي. وأشار مورسولا: "عندما أصبح من المستحيل تقريباً الحصول على سندات حكومية بعوائد إيجابية في معظم منطقة اليورو، فإن صناعة المعاشات التقاعدية أضحت أكثر ضبابية".

وتعد صناديق التقاعد في وضع غير مسبوق، حيث يجاهدون لإيجاد أوراق مالية ذات عائد كاف لتغطية التزاماتهم. وتقول الشركة الفنلندية إنها تحتاج إلى الحصول على أكثر من 3 في المائة لتغطية النمو في التزامات صندوق التقاعد.

في المقابل، يبلغ مخزون الديون ذات العائد السلبي على مستوى العالم حوالي 12 تريليون دولار، مع احتمال زيادة القيمة، وسط توقعات بأن يقدم البنك المركزي الأوروبي المزيد من الحوافز النقدية.

وفي فنلندا وحدها، تم تداول 131 مليار دولار من الديون بعائدات سلبية، اعتباراً من 18 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بينما كانت تبلغ 178.9 مليار دولار في أغسطس/آب، مع إصدار الحكومة معظم السندات دون الصفر في المائة.

بالنسبة إلى صناديق مثل الصندوق الفنلندي، كان الرد العملي هو التخلص من السندات الحكومية وسندات الاستثمار، والتوجه نحو مراكمة الاستثمارات البديلة، مثل العقارات والبنية التحتية، وذلك من أجل البقاء على قيد الحياة.

وتعتبر الفائدة السلبية من بين الأدوات غير التقليدية للسياسة النقدية التي لجأت إليها العديد من الدول، بعد أن فشلت الحلول الأخرى في إنعاش الاقتصادات، خصوصا دول الاتحاد الأوروبي، التي تعاني نسب نمو ضعيفة، وانخفاضا في معدلات الاستهلاك.

وتسعى هذه الدول من خلال تطبيق أسعار فائدة سالبة إلى إرغام البنوك التجارية على عدم الاحتفاظ برؤوس الأموال وضخها في النظام الاقتصادي، لتخفيض كلفة الاقتراض، وتشجيع الشركات والأفراد على الاستثمار والاستهلاك.

ومنذ مارس/آذار 2016، خفّض البنك الأوروبي معدل الفائدة الرئيسة إلى صفر في المائة، ما يسمح للبنوك باقتراض النقد مجانا لمدة أسبوع واحد. لكن منذ صيف عام 2014، قرر البنك المركزي الأوروبي أن تدفع البنوك عندما تضع فائض السيولة على المدى القصير لديها، ويبلغ معدل الفائدة على الودائع حاليا سالب 0.4 في المائة.

وباتت الشركات ومتاجر التجزئة في ألمانيا، على سبيل المثال، تدفع أموالاً مقابل وضع نقودها في حساباتها المصرفية في العديد من البنوك بالدولة، وذلك وفقاً لبيانات نشرها البنك المركزي الألماني بعد مسح شمل أكثر من مائتي مؤسسة مالية في ألمانيا، ونشرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية نتائجه في قت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وحسب المسح الذي أجراه البنك المركزي الألماني "بندسبانك"، فإن 58 بالمائة من البنوك الألمانية باتت تفرض فائدة سالبة على ودائع الشركات، و20 بالمائة منها تفرض فائدة سالبة على ودائع متاجر التجزئة.

دلالات
المساهمون