الغاز الطبيعي يطهو السياسة

08 مارس 2015
حقل تمارا، الذي يتحكم به الاحتلال الإسرائيلي (أرشيف/getty)
+ الخط -


بعد أن خرجت إسرائيل، في العام الماضي، من حربها الآثمة على غزة؛ غمغم قادتها الآمرون بتدمير البيوت على رؤوس ساكنيها، بما معناه أنهم عازمون على معالجة أمر سمعتهم الدولية السيئة، بوسيلة الغاز الطبيعي، الذي يدفئ العلاقات مع الجوار العربي، على النحو الذي يهدّئ روع العالم.

وما أن أَسدل العام 2014 الستار عن أحداثه القبيحة، حتى كانت إسرائيل قد أبرمت اتفاقات بمليارات الدولارات، لبيع الغاز لمصر والأردن والسلطة الفلسطينية.

وجرت المحادثات التمهيدية، عبر زبائن أتراك من مناهضي الرئيس رجب طيب أردوغان. وفي هذه أيضاً، كان لإسرائيل فعل العفاريت، إذ استغلت علو وتيرة الضجيج ضد أردوغان، وهو أشد مناهضيها وأكثرهم انتقاداً لها، لكي تتهامس في الأجناب، مع متمولين أتراك من أصدقائها القدامى الجدد، حسب وصف الكاتب الصهيوني كاليف بن دافيد.

في هذا السياق، لخّص الناطق باسم الخارجية الإسرائيلية، عمانوئيل نيخشون، الوضع قائلاً :"تتوافر الآن، لإسرائيل، فرص خارقة، تتيحها سياسة الطاقة، على النحو الذي يبدل قواعد اللعب، ويُنشئ مصالح ومنافع مشتركة، لكل اللاعبين في الإقليم، بل يمكن أن تُحسن هذه الفرص العلاقات مع تركيا، بقوة دفع الأمر الواقع، وتؤسس لعلاقات أخرى جديدة، مع أطراف لا اتصالات لإسرائيل معها".

معنى ذلك أن صفقات الغاز، تطهو السياسة قبل طهو الطعام، وفي الوقت نفسه، تحسّن ميزان إسرائيل التجاري وتعزز النمو وترفع مستوى الدخل.

ولم يكن سيتاح لهذه الدولة، التي تمارس سلوكاً شائناً، أن تحظى بسياسة وازنة في قطاع الطاقة، دون أن تكون متحررة كلياً من أية ضغوط. فهي على العكس من ذلك تماماً، فتحت سوقاً تتنافس فيها الشركات الكبرى المنتجة للمشتقات النفطية، وتحولت الى التصدير، قبل أن تكتشف حقلي "تامار" و"ليفياثان" العملاقين، تحت مياه البحر المتوسط، اللذين يزيد مخزونهما عن استهلاكها لعدة عقود (27 تريليون متر مكعب).
 
وكان محللون اقتصاديون في الغرب، قد حذروا إسرائيل من الإفراط في التفاؤل، بسبب ضخامة مخزون الغاز المكتشف، ومن اعتباره كافياً لتهدئة التوتر الإقليمي، الناجم عن سياساتها المتطرفة حيال الفلسطينيين وفي ملفات أخرى.

وقبل إبرام العقود، قال بعض المحللين، إن الاعتبارات السياسية والمصالح الاقتصادية، تجعل من الصعوبة بمكان إقامة علاقات في مجال الطاقة بين إسرائيل ومصر وتركيا، إن لم تنفرج الأمور على صعيد التسوية الشاملة في الشرق الأوسط.
 
لكن اتفاقات تصدير الغاز للعرب، جاءت على النقيض من توقعات محللين نظروا للأمور بالمنطق، دون أن يكون لهذا المنطق أي اعتبار في منطقة مسكونة بعجائب السياسات.


اقرأ أيضاً: إسرائيل تسطو على حقول الغاز وفلسطين تغرق في الظلام

المساهمون