العيسوي: السيسي يقود ثورة مضادة ويكرّس رأسمالية تلتهم الفقراء

04 مايو 2014
إبراهيم العيسوي
+ الخط -


"السيسي قائد الثورة المضادة ومن حق الإسلاميين المطالبة بالقصاص لكي تتم المصالحة. والانقلاب أرهق الاقتصاد وأصاب موارد الدولة في مقتل".

أن تأتي هذه الكلمات على لسان قيادي بالإخوان أو قيادي في تحالف دعم الشرعية مناهض لانقلاب الثالث من يوليو/تموز فإنها لا تثير أي دهشة ولا تضيف جديداً. لكن أن ينطق بها الدكتور إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي المصري المعروف ووكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فإنها قد تمثل صدمة لدى كثيرين في ظل حالة الانبطاح والتطبيل وطقوس التأليه التي تمارسها المعارضة مع قائد الانقلاب ونظامه.

ورصد العيسوي، وهو قيادي سابق بحزب التجمع ومستشار معهد التخطيط القومي، في حوار صادم مع "العربي الجديد"، مواطن الوجع التي تعاني منها المفاصل الرئيسية للدولة من عجز بالميزانية والمدفوعات وتأخر في الاستثمارات ومعدلات الادخار.

وقال إن معدل ادخار المواطنين تراجع من 8.4% في عهد الرئيس المنتخب محمد مرسي إلى 2.3% فقط بعد الانقلاب العسكري.

ولفت إلى ارتفاع الدين العام والديون الخارجية عقب الانقلاب بصورة ملحوظة رغم المساعدات الضخمة التي تلقاها النظام المؤقت من الدول الخليجية.

وأبدى العيسوي أسفه على بعض النخب الساقطة، واتهم بعضهم بالتبعية لأجهزة الدولة الأمنية.

وقال إن السيسي يكرس لنظام رأسمالي يستفيد منه رجال الأعمال على حساب الطبقات الفقيرة.

وإلى نص الحوار الذى أجرته "العربى الجديد" مع إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي المصري المعروف.


*في ظل هذه الحالة غير المنطقية من اعتقالات وحظر أنشطة سياسية وقتل وخلافه، كيف ترى مستقبل الاقتصاد المصري؟

- المسار الحالي غير مطمئن وحافل بكم كبير من المخاطر. هذا المناخ هو البيئة الخصبة لمزيد من التوتر ومزيد من العنف، سواء عنف من الدولة أو من أطراف أخرى محل اضطهاد أو تعذيب وانتهاك لحقوقهم. كل هذه الأمور تشكل عوامل اضطراب ولها انعكاسات سلبية جداً على الوضع الاقتصادي.


* وما هي تلك الانعكاسات.. وما هي الأزمات الحقيقية التي يعاني منها الاقتصاد المصري؟.

- يعاني الاقتصاد المصري في الوقت الراهن اختلالات هيكلية عميقة، ويتعرض أداؤه إلى تراجع كبير منذ وقوع ثورة يناير بوجه عام، ومنذ انقلاب يوليو/تموز 2013 بوجه خاص. هذه الاختلالات ليست جديدة؛ فهي اختلالات مزمنة، ولكنها تفاقمت على امتداد السنوات الثلاث الماضية لسببين.

 أولهما: ما شهدته البلاد من انفلات أمني واضطراب سياسي واستقطاب مجتمعي؛ مما كاد يصل بالبلاد إلى حالة من الاحتراب الأهلي، لاسيما بعد وقوع الانقلاب الذي زعم قادته وأنصاره أنه كان يستهدف إنقاذ البلاد من حرب أهلية كانت وشيكة في ظنهم.

 والثاني: التمسك بسياسات اقتصادية وتنموية ثبت عجزها على امتداد العقود الأربعة الماضية عن إخراج البلاد من تخلفها وتبعيتها، وهي سياسات اقتصاد السوق الحر المفتوح، المعروفة بالليبرالية الاقتصادية الجديدة أو توافق واشنطن.


*وما هي أخطر الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد حالياً؟.

- أول هذه الاختلالات هو تواضع معدل الادخار المحلي واتجاهه إلى الهبوط الشديد في الفترة الأخيرة؛ حيث تراجع من 13% في أكتوبر/تشرين الأول 2011 إلى 8% في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، ثم إلى 7.2% في ديسمبر/ كانون الأول 2013. وهو معدل بالغ الانخفاض، ويقل قليلاً عن المعدل الذي تحقق منذ نحو ثلاثة عقود في الفترة 82/1983-86/1987.

وفي الأشهر الثلاثة التالية للانقلاب انخفض معدل الادخار إلى 2.3% مقابل 4.8% في الأشهر الثلاثة الأولى من حكم الرئيس محمد مرسي و8.4% في الأشهر الثلاثة السابقة على إطاحته.

ثاني الاختلالات هو ضعف معدل الاستثمار المحلي الإجمالي واتجاهه للانخفاض في السنوات الأخيرة؛ فقد هبط هذا المعدل من 17.1% في أكتوبر 2011 إلى 16.4% في نوفمبر2012، ثم إلى 14.2% وهو ما يقل عن المعدل المتحقق منذ نحو ثلاثة عقود (18.5%).

وبلغ المعدل 10.5% في الستة أشهر التالية للانقلاب مقابل 11% في الأشهر الثلاثة الأولى من سنة حكم مرسي و16.5% في آخر ثلاثة أشهر منها.

وثالث الاختلالات ضعف النمو الاقتصادي من حيث الكم ورداءته من حيث الكيف؛ فقد هبط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 5.1% في سبتمبر/أيلول 2010 إلى 1.8% في أكتوبر 2011.

وبعد الانقلاب انخفض معدل النمو إلى 1% في الفترة من يوليو/تموز وحتى سبتمبر 2013، مقابل 2.6% في الفترة المناظرة في 2012، ومقابل 1.5% في آخر ثلاثة أشهر من حكم "مرسي".

وحسب تصريحات وزير المالية الجديد، هاني قدري، سوف يهبط معدل النمو من 3.5% مستهدف للعام 13/2014 إلى نحو 2% أو 2.5%.

وقد ترتب على الهبوط الحاد في معدل النمو الاقتصادي تناقص متوسط الدخل الحقيقي للفرد وذلك بعدما صار معدل النمو أقل من معدل نمو السكان الذي يقدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بنحو 2.5%.

ورابع الاختلالات هو العجز المزمن في ميزان المدفوعات؛ فقد تزايدت الضغوط على هذا الميزان الذي يصور العلاقات الاقتصادية لمصر مع الخارج، خصوصاً مع التراجع الكبير في إيرادات السياحة وتدفقات الاستثمار الأجنبي، ومع تحول مصر إلى مستورد صاف للمنتجات البترولية، وهو ما أسفر عن نقص ضخم في الاحتياطيات الدولية للبلاد لدرجة أنها صارت تغطي أقل من أربعة أشهر من الواردات (17.1 مليار دولار على وجه الدقة، وذلك بالرغم من تغذية الاحتياطي عقب الانقلاب بودائع الثلاثي الخليجي (السعودية والإمارات والكويت)).

ولقد ارتفع عجز الميزان التجاري من 27 مليار دولار في أكتوبر2011 ووصل إلى 34 مليار دولار في نوفمبر2012، ولكن هذا العجز انخفض في ديسمبر2013 (سنة حكم مرسي) إلى 31 مليار دولار.
 

*وهل لتراجع معدلات النمو علاقة بارتفاع عجز الموازنة؟.

- تباطؤ النمو الاقتصادي وتزايد وتيرة الاحتجاجات الاجتماعية الساعية إلى زيادة الأجور والمعاشات وتثبيت العمالة المؤقتة في الأجهزة الحكومية، رفعت نسبة عجز الموازنة من 9.8% في أكتوبر2011 إلى 10.8% في نوفمبر2012، ثم إلى 13.7% في ديسمبر2013.

*لكن لماذا لا تعزز الدولة أدواتها الضريبية التي تستهدف أصحاب الثروات مثلاً للمساهمة في سد هذا العجز؟.

- للأسف، سياسة الانفتاح الاقتصادي التي تتبعها مصر منذ سبعينيات القرن الماضي تنحاز للأغنياء وتميل لإلقاء أعباء ثقيلة على الفقراء ومحدودي الدخل.

 وقد بلغ هذا الانحياز ذروة عظمى عندما عُدّل هيكل الضريبة التصاعدية على الدخل في 2005، ليصبح حدها الأقصى 20%.

 وكان من تداعيات هذا الانحياز أن نسبة الإيرادات الضريبية إلى نسب الناتج المحلي لم تزد على 14% في عام 2013، بينما تصل هذه النسبة إلى ما يزيد على 25% في عدد غير قليل من الدول النامية.

ومن المفارقات أن أكثر من نصف إيرادات الضرائب على الدخل (56% في العام الماضي)، مثلاً، قد أتى من الضرائب على دخول المؤسسات العامة، مثل هيئة البترول وهيئة قناة السويس والبنك المركزي.

أما الضرائب على دخول باقي الشركات العامة والشركات الخاصة فلم تزد على 21.5% من إجمالي الضرائب على الدخول والأرباح.

وعموماً، هناك ضعف شديد في نسبة مساهمة القطاع الخاص في حصيلة الضرائب على الدخل، وذلك لانخفاض أسعار هذه الضرائب وللقصور في حصر المنشآت الخاضعة وتقييم دخولها، ولشيوع التهرب الضريبي المدعوم بالفساد.

كذلك يظهر الانحياز الاجتماعي للأغنياء في الموازنة العامة؛ فبالرغم من ارتفاع مخصصات الدعم، إلا أن الجانب الأعظم منه (70%) يذهب لدعم الطاقة الذي يظفر بمعظمه عدد محدود من الشركات التي يعتمد إنتاجها على الاستخدام الكثيف للطاقة. أما دعم السلع الغذائية، فلم يتجاوز 19% من إجمالي الدعم في العام الماضي 2013.

وثمة وجه آخر للخلل في النظام الضريبي المصري، وهو ارتفاع النصيب النسبي للضرائب غير المباشرة (مثل ضريبة المبيعات والضرائب الجمركية). فقد بلغ نصيب هذا النوع من الضرائب 44% من إجمالي الإيرادات الضريبية في 2013. ومن المعروف أن الجزء الأكبر من عبء الضرائب غير المباشرة يقع على عاتق أصحاب الدخول الثابتة والمحدودة. 

 
*وماذا عن الدين الداخلي والخارجي؟.

- في ما يتعلق بالدين العام الخارجي، فقد ارتفع من 33.7 مليار دولار بنسبة 15.9% من الناتج المحلي في يونيو/حزيران 2010 إلى نحو 35 مليار دولار في يونيو 2011، وإلى 34.4 مليار دولار في يونيو 2012، ثم قفز إلى 43.2 مليار دولار في يونيو 2013.

وهذا المستوى للمديونية الخارجية قريب جداً من مستواها في عام 1991 (42 مليار دولار) قبل أن ينخفض بشدة بعدها مكافأةً لمصر على مساهمتها مع قوات التحالف الذي تزعمته أميركا من أجل تحرير الكويت من الاحتلال العراقي.

ومن الملاحظ أن سنة حكم مرسي قد شهدت زيادة ضخمة في الدين الخارجي بلغت 8.8 مليارات دولار وهو ما يعني زيادة 100 دولار في متوسط نصيب الفرد من هذا الدين (من 390 إلى 490 دولاراً).

وبالرغم من الدعم الكبير الذي قدمه الثلاثي الخليجي عقب الانقلاب، فإن الدين الخارجي لم يتوقف عن التزايد. وبلغ 47 مليار دولار في سبتمبر/أيلول 2013 (وهو ما يتجاوز مستواه منذ نحو ربع قرن) بزيادة حوالى 4 مليارات دولار في إجمالي الدين، مع ارتفاع متوسط نصيب الفرد منه بنحو 43 دولاراً (من 490 إلى 533 دولاراً)، وذلك في ثلاثة أشهر فقط بعد الانقلاب.

أما الدين العام المحلي فقد ارتفع من 888 مليار جنيه في نهاية يونيو/حزيران 2010 إلى تريليون و44 مليار جنيه في نهاية يونيو 2011 ثم إلى تريليون و238 مليار جنيه في يونيو 2012.

وعندما عُزل الرئيس مرسي كان الدين العام قد بلغ تريليوناً و527 مليار جنيه بنسبة 87% من الناتج المحلي، ولم يتوقف الدين العام عن الازدياد بعد الانقلاب، فقد بلغ تريليوناً و652 مليار جنيه في ديسمبر/كانون الأول 2013 .


* بعيداً عن لغة الأرقام الكاشفة، أنت تحدثت عن دور للدولة في تنامي العنف. كيف ذلك؟.

- هناك مظالم كبيرة وقعت، منها مذبحة الحرس الجمهوري وما حدث في رابعة والنهضة والتعامل العنيف مع المظاهرات والمستمر حتى الآن. كل ذلك لابد من أن يؤدي حتماً إلى رد فعل عنيف من بعض الأفراد والجماعات، فعنف الدولة يولّد عنفاً في الاتجاه المضاد.

هذا ليس تبريراً للعنف وإنما تفسير له، وأحكام الإعدام الجماعي التي صدرت مؤخراً هي استمرار للنهج نفسه الذي يؤدي إلى العنف وتمثل انحرافاً خطيراً لميزان العدالة وتجاوزاً لكل المعقول، ويراد منها ترويع الآخرين عن طريق المثل الشعبي "أضرب المربوط يخاف السايب (الطليق)".

هذه الأجواء تؤدي إلى ردود فعل عنيفة، فلك أن تفكر ماذا سيكون شعور أبناء وأشقاء من صدرت ضدهم تلك الأحكام غير المسبوقة في تاريخ الأمم وأشقائهم.


*من وجهة نظرك .. ما هي نقطة التعادل التي قد يجلس عندها طرفا المعادلة في مصر، رافضو الانقلاب وفي مقدمتهم الإخوان، والسيسي والمؤسسة العسكرية، إلى مائدة حوار من أجل التوصل لحل وسط؟.

- أستبعد ذلك في الوقت الراهن، لأن السلطة الحالية تعاني من حالة استعلاء وتقول عبر أبواقها الإعلامية انه لا تصالح مع من تصفهم بالإرهابيين، وهذا يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الطرفين. لكن في لحظة معينة وفي ظل حالة الاضطراب، سيقوم الطرفان بوقفة مع النفس.

أي سلطة، لكي تستمر، عليها أن تبحث عن المصالحة. وعلى الإخوان أيضاً أن يقدموا بعض التنازلات لكي تتم المصالحة.


*وما هو المطلوب من الإخوان تقديمه لكي تنجح جهود المصالحة؟.

- التنازلات مطلوبة من الطرفين، السلطة والإخوان، فمن الممكن مثلاً أن يعلن الإخوان استعدادهم لوقف التظاهرات مقابل الإفراج عن المعتقلين مثلاً وإلغاء قرار حل الجماعة وقرار اعتبارها جماعة إرهابية.

وفي الوقت نفسه يقدم الإخوان اعتذاراً واضحاً إلى المجتمع عن أخطائهم خلال الفترة الماضية، سواء الأخطاء التي ارتكبوها في عهد المجلس العسكري أو في فترة حكم الرئيس مرسي.

وعلى الجماعة ألا تكتفي بالنقد الذاتي وإنما تعلن عن خطة لتصحيح وضعها القانوني وتوفيق أوضاعها والفصل التام بين الجماعة وحزب الحرية والعدالة.

وأن يعلن الإخوان بشكل لا لبس فيه أن مقاومتهم لما يحدث من ظلم واضطهاد وانقلاب ليست دفاعاً عن الإسلام او الدولة الدينية بل عن المسار الديموقراطي. وإعلان ميثاق شرف إعلامي للتيار الإسلامي لأن من حقهم أن يكون لديهم قنوات تتحدث عنهم.

وفي المقابل، وعلى الطرف الآخر المتمثل في السلطة اتخاذ إجراءات مماثلة، منها إلغاء قرار حل الجماعة ووقف الممارسات القمعية وإطلاق سراح المعتقلين وشطب القضايا الملفقة ووقف التحريض الإعلامي والأمني ضد الجماعة.

وإظهار الحقائق بشأن ما تم ترويجه عن الجماعة، كذباً وبدون أدلة، من أنهم باعوا سيناء وحلايب وشلاتين وأنهم متورطون في موقعة الجمل. والاعتذار الواضح عن هذا الكلام السخيف الذي ظل يردده ببغاوات السلطة بلا أدلة.

وإدماج الجماعة في الحياة السياسية ورد الاعتبار لمن قتلوا في رابعة والنهضة والمظاهرات، وضمهم إلى قائمة شهداء الثورة، ويجب إظهار الحقائق في حرق مقار الجماعة ومقر حزب الوسط وقضية الاتحادية التي قتل فيها 8 من الإخوان و2 من المتظاهرين، إذ لا يعتد بمن مات من الإخوان نهائياً، وتعديل الدستور الذي تم وضعه في غياب التيار الإسلامي.


*وماذا عن الدماء التي سالت من 30 يونيو ولا زالت والتي لا يتنازل عنها شباب الإخوان في الشارع؟.

- القصاص مطلب الإسلاميين وليس الشباب فقط، ولا بد من وضع إجراءات واضحة للعدالة الانتقالية، وليتم إلغاء وزارة العدالة الانتقالية إن لم تقم بهذا الأمر. القصاص يجب أن يحصل من كل من أراق الدماء بداية من 25 يناير وحتى الآن.


*هل تحدثت مع أحد بشأن أفكارك للمصالحة من أجل صياغتها كمبادرة لعرضها على الطرفين؟.

- لا. أنت أول شخص أتحدث معه في هذه الأفكار، وأتمني تحويلها إلى مبادرة حقيقية وجادة.


*لكن هل تعتقد أن السيسي والأطراف الإقليمية والداخلية التي شاركته في الانقلاب مستعدون للمصالحة؟.

- أعتقد أن التصالح في الوقت الحالي صعب جداً، لكن قد يلجأ إليه السيسي مضطراً. وعلى الرغم من أنني أعتقد أنه لن يحصل حالاً، لا استبعده كلياً، وأدعو الإخوان إلى أن يأخذوا هم زمام المبادرة ويُقبلوا على الخطوة الأولى في المصالحة، رغم أنه أمر غير منطقي أن نطلب منهم ذلك لأنهم الطرف المظلوم.


*وكيف استقبلت إشارة الكاتب جهاد الخازن حينما قال إن السيسي مستعد للتصالح مع الإخوان مقابل نبذ العنف؟.

- الإخوان نبذوا العنف في أكثر من بيان ومع ذلك القمع يزيد، والسبب في ذلك أن السيسي يعتبر أن أحد أسلحته في الدعاية لنفسه هو سلاح الحرب على الإرهاب، تماماً مثلما كان يفعل بوش الابن.


*هل يستطيع أي طرف من طرفي المعادلة أن يقضي نهائياً على الطرف الثاني، فهل بإمكان السيسي أن يستأصل الإخوان، وهل بإمكان الإخوان هزيمة الدولة العميقة؟.

- إبادة الإخوان أمر غير وارد إطلاقاً، فمن المسلّم به أن الإخوان أقوى فصيل سياسي في الشارع تنظيماً وتمويلاً، والقضاء على الإخوان فكرة مستحيلة وثبت ذلك على مدار 80 سنة، ومن المعروف أنه كلما زاد اضطهاد أي تيار سياسي زادت قوته على أرض الواقع.

من السخف قول بعض الكتاب إن جماعة الإخوان تلفظ أنفاسها الأخيرة، فهذا الكلام يتجاهل الأوضاع على أرض الواقع، صحيح أن تظاهراتهم ليست بالقوة نفسها، لكن تواصلها لمدة سنة كاملة يعني أن فكرة استئصالهم مستحيلة.

أما حكاية أن الإخوان يستطيعون هزيمة الدولة العميقة، فهم صامدون أمام العميقة وغير العميقة لمدة سنة، وهذا الصمود غير المسبوق في التاريخ المصري يكفي.


*هل تعتقد أن حمدين صباحي دخل مسرحية الانتخابات الرئاسية مجبراً أم بإرادته؟

- لا أستطيع الحكم على النوايا، وحمدين هو من وافق على المشاركة في تلك المسرحية وعليه أن يتحمل وزرها. لكن بالقطع هو يدرك أنه في معركة خاسرة ويعرف جيداً أن المسرح معدّ سلفاً لاستقبال السيسي.


*ما هو تفسيرك لانبطاح النخبة أمام الانقلاب وارتمائهم في أحضان السلطة الجديدة؟ وهل كنا مخدوعين في ثوريتهم؟.

- التعميم صعب، فهناك من هذه النخبة من يعود حالياً إلى معسكر ثورة يناير مثل علاء الأسواني ووحيد عبد المجيد، وهناك من حدث لهم قدر من التحول بعد الممارسات القمعية التي تشهدها البلاد. ولكن هذا لا يزيل دهشتي عن موقفهم الابتدائي حينما رفضوا المسار الديموقراطي وأيّدوا تمرد 30 يونيو.

أما الباقون فهم كانوا عملاء للأجهزة، وظهرت حقيقتهم بعد الانقلاب، وهؤلاء لا يجوز إطلاقاً أن نسميهم نخبة وطنية.


*وماذا جرى للناصريين؟ فجميعهم يشبّهون السيسي بعبد الناصر، بمن فيهم أبناء عبد الناصر نفسه رغم أن توجهات السيسي المعلنة توجهات رأسمالية؟.

-لقد تمت عملية غسل مخ كبرى لكل المصريين لتزييف الوعي تجاه التيار الإسلامي والحث على كراهيته، وبعدها عملية غسل مخ أخرى للترويج للسيسي، مع أنه لا يوجد وجه شبه بينه وبين عبد الناصر.

وجه الشبه الوحيد بينهما هو العداء للإخوان، ومنتهى الغرابة أن يترك الناصريون وأبناء عبد الناصر حمدين صباحي وينضموا إلى معسكر السيسي، بل والتسويق للسيسي على أنه زعيم وطني.

السيسي يغازل الناصريين بصور عبد الناصر ويغازل الفلول بكل تصرفاته، ويغازل الرأسماليين بتصريحاته.


* وفي المقابل هناك من يصف السيسي بأنه قائد الثورة المضادة، فما رأيك؟

- هذا الكلام صحيح، فالسيسي أعاد كل رجال مبارك والفلول إلى المشهد لأنهم هم من قدموا له الدعم المادي والدعم الإعلامي عن طريق قنواتهم، ودعك من حكاية الأحزاب والقوى السياسية فهؤلاء لا يحركون الشارع، فمن حرك الشارع ضد مرسي هو إعلام الفلول.


*هل تعتقد أن القانون الذي أصدره الرئيس المؤقت الذي قارب على مغادرة قصر الرئاسة المستشار عدلي منصور، والخاص بعدم جواز الطعن على العقود المبرمة بين الحكومة وبين أي شريك محلي او أجنبي هدفه بيع أراض لشركات دولية؟.

-هذا القانون غير دستوري، ويتصادم مع المجتمع والفقراء. أعتقد أنّ وراءه إما مستثمرين إماراتيين وسعوديين وكويتيين أو حكومات تلك الدول من أجل أن يكون مناخ الاستثمار في مصر هادئاً، وحتى لا يحصل الطعن على العقود التي سيوقعونها مع الحكومة خلال الفترة المقبلة.

 

المساهمون