تهدد أزمة الغلاء الأسر التونسية فيما تلوح انطلاقة سنة سياسية واقتصادية صعبة رغم التطمينات الحكومية بسير الأوضاع نحو الانفراج، ويشعر عموم التونسيين بضغوطات مالية كبيرة مع اقتراب العودة المدرسية وبداية موسم مصاريف جديدة تلت مواسم مرهقة بعد انقضاء شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى وإجازات الصيف.
وحذرت النقابات العمالية من صعوبة الوضع الاجتماعي في تونس، معتبرة أن تواصل غلاء الأسعار يهدد بأزمة حقيقية قد تنفجر في أي لحظة في غياب إجراءات حكومية تكبح جماح الأسعار وتعالج التدهور المتواصل لقيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية.
ويقول الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي إن التونسيين يعانون من تراجع قدراتهم الإنفاقية وصعوبة الوضع الاجتماعي، متوقعاً تعمّق الأزمة مع العودة المدرسية وبداية موسم جديد من النفقات المرهقة.
وفي حديث لـ"العربي الجديد" قال الشفّى أن اتحاد الشغل سيكون صوت التونسيين المطالب بتحسين أوضاعهم الاجتماعية، مشيراً إلى أن المؤشرات الحكومية حول تحسن نسبة النمو واستقرار نسبة التضخم تتعارض وواقع التونسيين الذين يعانون من قدراتهم الشرائية.
وفي سياق متصل قال المسؤول النقابي أن الاتحاد قد يضطر إلى تنفيذ سلسلة من الإضرابات في قطاعات عديدة دفاعاً عن مكاسب الموظفين وحماية لهم بعد تنصل الحكومة من اتفاقات سابقة ما تسبب في تفاقم الصعوبات المالية للموظفين، وعجزهم عن مجابهة مصاريف المواسم القادمة بحسب قوله.
ويولّد الضيق المالي لدى أغلب التونسيين حالة من القلق وبسبب ضبابية الرؤية السياسية والاقتصادية وتواصل نزول المؤشرات ذات العلاقة المباشرة بالأسعار، ولا سيما منها تأثير انزلاق الدينار على أسعار المواد الموردة التي تشكل نحو 40% من مقتنيات التونسيين وفق منظمات استهلاكية.
ويقدر المعهد الوطني للاستهلاك (حكومي) الزيادة في كلفة العودة المدرسية هذا العام مقارنة بالسنة الماضية ما بين 11 و24%، حسب المرحلة وحسب المكونات.
وتعزى الزيادة بحسب تصريح المدير العام لمعهد الاستهلاك طارق بن جازية لـ"العربي الجديد"، إلى ارتفاع كلفة الإنتاج بالنسبة للمنتجات المحلية أو بفعل تراجع سعر صرف الدينار بالنسبة للمنتجات الموردة، فضلاً عن تأثير الزيادة المسجلة في الأداء على القيمة المضافة التي أقرها قانون المالية للعام الحالي.
في المقابل، تشكك المواطنة ماجدة عطية في المؤشرات الرسمية التي أفصح عنها معهد الاستهلاك حول الزيادة في كلفة مستلزمات المدارس، مؤكدة على أن المؤسسات الحكومية تعتمد في إحصاءاتها على سلة مخففة تكتفي فيها بالمواد الرئيسية والمدعمة.
وقالت عطية في حديث لـ"العربي الجديد" إن كلفة العودة إلى المدارس لا تقتصر على الكتب والكراسات وبقية الأدوات، بل يجب أن تشمل أيضاً مصاريف التسجيل في المؤسسات التعليمية والتنقل بين المدن بالنسبة لطلاب الجامعات وإيجار السكن في المبيتات الجامعية واشتراكات النقل، فضلاً عن بقية مصاريف الملابس، لافتة إلى أن معدل كلفة التلميذ الواحد يصل إلى 500 دينار (نحو 185 دولاراً) في مرحلة الابتدائي والثانوي وقد ترتفع إلى 1000 دينار (370 دولاراً) لطلاب الجامعات.
وتساءلت المواطنة كيف لأسرة معدل دخلها 1500 دينار أن تؤمن مصاريف المدارس لثلاثة أطفال في مستويات تعليمية مختلفة، مشيرة إلى أنها تنطق بلسان حال السواد الأعظم من التونسيين الذين وجدوا أنفسهم في مجابهة سيل مصاريف بأضعاف مداخيلهم.
وأضافت المتحدثة أن التونسيين يجدون الحل في اللجوء الاضطراري إلى المصارف طلباً لقروض قصيرة المدى لتأمين العودة المدرسية لأبنائهم وهو ما يحملهم أعباء جديدة في بقبول نسب فائدة تقارب 7,25%.
ووفق معهد الاحصاء استقرت نسبة التضخم في تونس خلال شهر أغسطس/ آب عند 7,5% وهي ذات النسبة المسجلة خلال شهر يوليو/تموز 2018 عقب وتيرة تصاعدية طاولت المؤشر الذي ارتفع من 6,9 % خلال شهر يناير/كانون الثاني لتبلغ ذروتها عند 7,8 بالمائة خلال شهر يونيو/ حزيران.