العنف يطال 89% من أطفال الأردن

15 يناير 2015
تربية الأطفال بالعقاب والتعنيف (GETTY)
+ الخط -
تعطي الأمثال التي يكررها الأردنيون على غرار "إلك اللحم وإلنا العظم" و"أضرب أبنك وأحسن أدبه" و"أكسر لابنك ضلع بطلعله ضلعين"، مؤشراً على طريقة تربية الأطفال القائمة على العقاب الجسدي والعنف سواءً في البيت أو المدرسة.

وتكشف أرقام رسمية استفحال ظاهرة العنف والإساءة بحق الأطفال في الأردن، حيث يشير المسح الوطني للسكان للعام 2012 إلى أن نسبة الأطفال المتعرضين للعنف بلغت 89%، فيما سجل المسح تعرض 20% من الأطفال لإساءة بدنية شديدة، مثل الصفع على الوجه أو الرأس أو الأذنين أو باستخدام أداة للضرب.

يقر نائب الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الخبير في شؤون الأطفال محمد مقدادي، بأن عقاب الأطفال في الأردن ظاهرة متفشية، وهي الظاهرة التي تساهم المفاهيم الاجتماعية السائدة في انتشارها، إضافة إلى محاولة تأصيلها في إطار شرعي خاطئ.

ويقول مقدادي، في حديثة لـ"العربي الجديد"، إن "الفهم الخاطئ للتبريرات الشرعية يساهم في تفشي ظاهرة العقاب الجسدي بحق الأطفال"، مشدداً على أن الشريعة الإسلامية التي أوجدت استثناءات للأم والأب والجد لممارسة العقاب بحق الأطفال، نظمت شكل العقوبة بأن لا تترك أثراً ولا تسيل دماء ولا دموع، وهو ما يغفله الأهل عند ممارسة العقاب بحق أبنائهم.


وبحسبه، فإن أفراداً في النخب المثقفة في الأردن لا تتوانى عن الإشارة إلى أنه مورس بحقهم العقاب الجسدي خلال طفولتهم، الأمر الذي يرون فيه سبباً لتميّزهم الحالي نتيجة لضبط سلوكهم بواسطة العقاب، لكنه يرى أنه إذا "خلق العقاب منهم أشخاص جيدين، فإن غيابه كان سيجعل منهم أشخاصاً أفضل".

وفيما سجلت إحصائيات إدارة حماية الأسرة في الأمن العام، المعنية بمتابعة العنف الواقع على الأفراد داخل الأسرة، خلال العام الماضي 1539 حالة عنف بحق الأطفال أحيلت منها 97 حالة إلى القضاء. ويتوقع مقدادي أن يكون عدد الحالات الحقيقي أضعاف ذلك، خاصة في ظل تكتم الأسر على حالات العنف التي تحدث بداخلها بحق الأطفال.

ويرى أن تنامي ظاهرة العقاب الجسدي بحق الأطفال عائد إلى جهل الأسر ببدائل العقاب التي تنسجم مع الثقافة العربية والإسلامية، وهو ما يعمل المجلس الوطني لشؤون الأسرة على التوعية بشأنها، ويضرب مثالاً على سياسة الثواب والعقاب، على أن لا ينحصر العقاب في الضرب أو الإيذاء والإساءة، فقد يكون عبر الحرمان من الثواب الذي كان سيحصل عليه الطفل.

ويحذر مقدادي، في حال عدم الوصول إلى معالجة جذرية للظاهرة، من توارث السلوك من جيل إلى آخر، مشدداً على أن "الأطفال الذين يتعرضون للعقاب والإساءة، سيستخدمونهما ضد أطفالهم في المستقبل"، إضافة إلى أن "إيمان الأطفال بالعقاب الجسدي في حال الخطأ سيدفعهم لاستخدام العنف بحق مَن هم أصغر منهم عند الخطأ".


العقاب الجسدي أسلوب للتأديب


وكشفت دراسة أجراها برنامج حماية الطفل مؤسسة نهر الأردن، العام الماضي، عن العقاب الجسدي للأطفال في أحد أحياء عمّان الشرقية (الفقيرة)، وشملت 515 أسرة، بأن 61% من تلك الأسر تعتمد العقاب الجسدي كأسلوب للتأديب مع أطفالها.


وتشير نتائج الدراسة إلى أن 74% ممّن شملتهم يقرون بأن الطفل الذي يتعرض للعقاب يصبح لديه خوف من الوثوق بالآخرين، و71% منهم يعتقدون بتطور تدني احترام الذات لديهم، فيما يرى 70% أن الطفل الذي يتعرض للعقاب سيقوم بالمستقبل بضرب أطفاله وزوجته، و77% يعتقدون أن الطفل الذي يتعرض للعقاب سيصبح عدوانياً جسدياً مع الآخرين.

ورغم النتائج الصادمة للدراسة، إلا أن مديرة قطاع التدريب والاستشارات في مؤسسة نهر الأردن، سامية بشارة، ترفض إلصاق العنف ضد الأطفال بالثقافة الاجتماعية للمجتمعات العربية، وترى أن العنف نتاج نقص الوعي وقلة المهارات الإيجابية التي تستطيع الأسر استخدامها لحل مشاكل سلوكية عند الأطفال.

وترى أن الحل يكمن في زيادة وعي الأسر، من خلال التدريب المستمر، لزيادة معرفتها في احتياجات لأطفال خلال مراحل تطورهم.