العنف يضرب السياحة في مصر مجدداً... وآمال مؤجلة للانتعاش

30 ديسمبر 2018
قوات الأمن تطوق موقع استهداف الحافلة (Getty)
+ الخط -

تلقت السياحة المصرية ضربة جديدة، عقب استهداف حافلة تقل سائحين فيتناميين في منطقة الجيزة قرب الأهرامات، مساء الجمعة، وصدور تحذيرات من دول كبرى لرعاياها الموجودين في مصر، فيما أعاقت الحوادث المتكررة القطاع وجعلت آمال الانتعاش موجلة إلى أمد غير معلوم.

وأوصت وزارة الخارجية الروسية، الرعايا الروس في مصر بتوخي الحذر وتجنب زيارة المناطق الخطرة، كما حذرت السفارة الأميركية مواطنيها الموجودين في مصر أيضاً.

وهذا أول هجوم دام يتعرض له سياح أجانب في مصر منذ ما يربو على عام، ويأتي في وقت يأمل فيه قطاع السياحة، المصدر الحيوي للعملة الأجنبية، بالتعافي بعد تراجع حاد في أعداد الزائرين منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013.

وإلى الآن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم. وقالت السلطات المصرية إن "ثلاثة سياح من فيتنام، ومرشداً سياحياً مصرياً، قتلوا، وأصيب ما لا يقل عن عشرة آخرين، حين انفجرت عبوة بدائية الصنع أثناء مرور حافلة سياحية كانت تقلهم على بعد أقل من أربعة كيلومترات من أهرامات الجيزة".

ومنذ سنوات، تشهد مصر عمليات تفجير، إلا أن العديد من الأحداث طاولت السياح، كما تعرّض سياح لحوادث غامضة، أثارت قلقا متزايدا حول إمكانية خروج القطاع من كبوته.

وكانت آخر الأزمات، وفاة سائح بريطاني وزوجته، بشكل مفاجئ في فندق في مدينة الغردقة المطلة على البحر الأحمر (شرق) في 18 أيلول/سبتمبر الماضي، وسط تداول معلومات عن سرقة أعضائهما خلال عمليات التشريح للوقوف على ملابسات الوفاة في المستشفى، قبل إعادتهما بعد نشر معلومات في الصحف العالمية حول الحادثة.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وقعت أزمة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، التي كان على متنها 224 راكباً، بعدما انفجرت قنبلة على متنها.

وأدت هذه الحادثة إلى مشكلة كبيرة ما بين مصر وروسيا، إضافة إلى وقف عدد من شركات الطيران العاملية رحلاتها إلى القاهرة. وقاطع الروس مصر حتى إبريل/ نيسان من العام الحالي إثر إعلان موسكو استئناف الرحلات.

وفي سبتمبر/ أيلول 2015، أعلنت وزارة الداخلية المصرية وفاة 12 شخصا وإصابة 10 آخرين من السياح المكسيكيين والمصريين في منطقة الواحات الغربية بمحافظة الجيزة شمالي مصر في إطلاق نار نفذته الشرطة والجيش بطريق الخطأ على سيارات فوج سياحي مكسيكي دخل منطقة محظورة.

وخلال السنوات الماضية، عاش الاقتصاد المصري وضمنه السياحة على وقع الأزمات. وكان البنك المركزي المصري قد أعلن أن إيرادات بلاده من النقد الأجنبي في قطاع السياحة انخفضت إلى 3.4 مليارات دولار في عام 2016، وهو ما يقل 44.3% مقارنة عن مستواها في 2015.

كما قالت وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني، إن الإيرادات التي سجلها قطاع السياحة في مصر خلال الربع الأول من العام 2016، بقيمة 551 مليون دولار، أقل عائدات للقطاع منذ مارس/ آذار 1998.

وأجبرت الأزمة الحادة التي تشهدها السياحة في مصر في 2016، المنشآت الفندقية والسياحية على تسريح أغلب العمالة، الأمر الذي يقلص فرص تعافي القطاع، الذي تأمل مصر في حدوثه خلال العام الجديد 2017، لتقليل آثار الانحسار الكبير في موارد النقد الأجنبي التي زادت من معاناة الاقتصاد العليل.

وقال مسؤول بارز في وزارة السياحة في تصريح لـ "العربي الجديد" حينها، إن نحو 720 ألف عامل من إجمالي نحو 800 ألف عامل مدرب تم تسريحهم، بما يعادل 90% منذ 2014.

وبحسب خبراء في القطاع السياحي، فإن التحذيرات الجديدة التي أصدرتها روسيا والولايات المتحدة، سيكون لها عواقب سلبية وخيمة على القطاع السياحي، بينما كانت تقديرات رسمية، قد أشارت قبل أيام إلى زيادة أعداد الزائرين لمصر بنسبة 40% على أساس سنوي في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، بسبب تراجع العمليات الإرهابية وضعف قيمة الجنيه المصري، الذي يجعله أقل كلفة للسائحين ذوي الميزانيات المحدودة.

وفقدت مصر أعداداً كبيرة من مصادر سياحية رئيسة من روسيا وبريطانيا منذ توقف الرحلات المباشرة إلى شرم الشيخ، أكبر منتجع في مصر على البحر الأحمر، من تلك الوجهتين، بعد سقوط الطائرة الروسية.

ورغم أن موسكو استأنفت رحلاتها من موسكو للقاهرة والعكس في إبريل/ نيسان الماضي، بناء على بروتوكول استئناف الرحلات وتأمين المطارات الذي وقعه البلدان، ورغم الوعود التي تلقاها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من نظيره الروسي فلاديمير بوتين في زيارته الأخيرة لروسيا في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعتمد السياحة في مدن البحر الأحمر بنسبة 92% على الطيران المباشر، وليس الطيران الداخلي القادم من القاهرة، فضلاً عن أن إجبار السائحين الروس على استخدام الطيران الداخلي من القاهرة إلى أي مدينة أخرى للوصول إلى محل إقامتهم، يؤثر سلباً بنسبة تصل إلى 90% على إقبال الروس على الحجوزات الفندقية، علماً بأن السائحين الروس مازالوا يمثلون نحو 40% من إشغال الفنادق في مدن البحر الأحمر، ما يعني أن استمرار الوضع الحالي يحرم مصر من فرص كبيرة في زيادة عوائدها السياحية.

المساهمون