الضغوطات الشعبية التي رافقت قضية العلم الكونفدرالي الأميركي أخيراً، أتت ثمارها من خلال انتصار مؤيدي إنزال العلم عن المباني الرسمية في ولاية كارولاينا الجنوبية.
سبق ذلك جدال في الولايات المتحدة بين مؤيد ومعارض لإنزال العلم عن المباني الرسمية أو العامة في بعض الولايات الأميركية. ويرمزُ العلم لاتحاد ولايات الجنوب التي طالبت بالانفصال عن الشمال، ما أدى إلى نشوب الحرب الأهلية الأميركية. وعلى الرغم من أن هذه المطالب ليست جديدة، إلا أنها ازدادت حتى صار إسكاتها صعباً، وخصوصاً بعد قتل الشاب الأميركي الأبيض ديلان روف تسعة أميركيين من أصول أفريقية داخل كنيسة تاريخية تعد رمزاً ومعقلاً للنضال ضد العبودية في مدينة تشارلستون، بكارولاينا الجنوبية.
ويعكسُ هذا النقاش حدة الجدال الدائر حول الذاكرة والرواية التاريخية في الولايات المتحدة. ففي حين يرى البعض العلم رمزاً للتفرقة العنصرية وسياسة الفصل العنصري والعبودية، يحاول آخرون، وتحديداً الأميركيين البيض ذوي الميول اليمينية، تسويقه على أنه رمز للفخر "الجنوبي" أي الولايات الجنوبية. وتجدر الإشارة إلى أن 55 في المائة من الأميركيين من أصول أفريقية، يعيشون في ولايات جنوبية بحسب إحصائيات رسمية.
وطُرحت قضية العلم الكونفدرالي بعدما تبين أن قاتل الأميركيين السود التسعة استخدم العلم في كثير من صوره التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، كرمز لـ "تفوق العرق الأبيض".
يرمزُ العلم إلى حقبات مختلفة من تاريخ الولايات المتحدة، استخدم فيها كعلم للولايات الجنوبية الانفصالية عن الشمال. إلا أن العلم بصورته الحالية التي نعرفها اليوم، كان قد مرّ بمراحل وتغييرات عدة. تشكل اتحاد ولايات الجنوب في كونفدرالية مكونة من سبع ولايات جنوبية، رفضت تحريم العبودية وسعت إلى الانفصال عن الولايات الشمالية. فشن الشمال حرباً أهلية (1861-1865) قتل فيها 600 ألف جندي من الطرفين. إلا أنه انتصر وحافظت الولايات المتحدة على وحدتها، ومنعت العبودية قانونياً في جميع الولايات المتحدة مع انتهاء الحرب.
لكنّ رمزية العلم وعنصرية رافعيه لم تنته مع انتهاء الحرب الأهلية الأميركية عام 1865، بل امتدت إلى القرن العشرين وعلى وجه التحديد فترة الفصل العنصري في الولايات المتحدة، حتى استخدم كرمز من قبل الحركات أو الأشخاص المؤيدين لسياسة الفصل العنصري وضد حركة الحقوق المدنية. بل إن تنظيم "كوكلوكس كلان" العنصري استخدمه في اجتماعاته ومناسباته المختلفة من دون اتخاذه كرمز رسمي. وعاد هذا التنظيم لينشط في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وعارض حركة الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة، إيماناً منه بالفصل العنصري وتفوق "العرق الأبيض".
واقترف أعضاء التنظيم جرائم كثيرة ضد السود بشكل عام، ورموز حركة الحقوق المدنيّة، من قتل وملاحقة وتفجير كنائس. ليس من المستغرب إذاً أن يغضب هذا العلم الأميركيين السود ويجرحهم إذ يذكر بالعبوديّة الرسمية واستمرار افتخار البعض بها.
التحركات الشعبية ضد العلم الفيدرالي حققت المطلوب في كارولاينا الجنوبية. فقد وقّع أكثر من نصف مليون أميركي على عريضة حملت عنوان "لا مكان للرموز العنصرية في حكومتنا". ونظم سكان من الولاية احتجاجات عدة أمام مبان رسمية، وهتفوا: "أنزلوه أنزلوه". وطالبوا المجلس التشريعي في الولاية بسن قانون يقضي بإزالته من الأماكن التي لا يمكن تنكيسه منها لأنه مثبت فيها. كذلك أعلن أحد المعامل الكبرى لإنتاج الأعلام أنه سيتوقف عن إنتاجه، فيما أكدت متاجر "وال مارت" الشعبية الشهيرة أنها ستتوقف عن بيعه. وقد دعا أيضاً قادة سياسيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وحتى اليمينيين منهم، إلى التوقف عن وضعه على المباني الرسمية.
كلّ ذلك أدى في النهاية إلى إنزال العلم أمس الأول الجمعة بعد توقيع حاكمة كارولاينا الجنوبية نيكي هايلي تشريعاً يقضي بذلك. وجاء ذلك بعد موافقة برلمان الولاية بأغلبية ساحقة على خطوة إنزال العلم.
من المعروف أنّ لبعض رموز الدولة كالعلم أو الأوراق النقدية وغيرها، دور رئيسي لفهم نظرة وتعامل المؤسسة الحاكمة في أي بلد مع تاريخه وبالتالي حاضره. وقد لا يتوقف كثيرون عند تلك الرموز ومعانيها، لكن بعض الذين تمعنوا بها تذكروا إشكالية علاقتهم بماضي البلاد، واستحقاقات ومظالم مستمرة وعنف لا يتوقف. هكذا هو الحال مع العلم الكونفدرالي الأميركي.
إقرأ أيضاً: اللامساواة تكذّب "الحلم الأميركي"
سبق ذلك جدال في الولايات المتحدة بين مؤيد ومعارض لإنزال العلم عن المباني الرسمية أو العامة في بعض الولايات الأميركية. ويرمزُ العلم لاتحاد ولايات الجنوب التي طالبت بالانفصال عن الشمال، ما أدى إلى نشوب الحرب الأهلية الأميركية. وعلى الرغم من أن هذه المطالب ليست جديدة، إلا أنها ازدادت حتى صار إسكاتها صعباً، وخصوصاً بعد قتل الشاب الأميركي الأبيض ديلان روف تسعة أميركيين من أصول أفريقية داخل كنيسة تاريخية تعد رمزاً ومعقلاً للنضال ضد العبودية في مدينة تشارلستون، بكارولاينا الجنوبية.
ويعكسُ هذا النقاش حدة الجدال الدائر حول الذاكرة والرواية التاريخية في الولايات المتحدة. ففي حين يرى البعض العلم رمزاً للتفرقة العنصرية وسياسة الفصل العنصري والعبودية، يحاول آخرون، وتحديداً الأميركيين البيض ذوي الميول اليمينية، تسويقه على أنه رمز للفخر "الجنوبي" أي الولايات الجنوبية. وتجدر الإشارة إلى أن 55 في المائة من الأميركيين من أصول أفريقية، يعيشون في ولايات جنوبية بحسب إحصائيات رسمية.
وطُرحت قضية العلم الكونفدرالي بعدما تبين أن قاتل الأميركيين السود التسعة استخدم العلم في كثير من صوره التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، كرمز لـ "تفوق العرق الأبيض".
يرمزُ العلم إلى حقبات مختلفة من تاريخ الولايات المتحدة، استخدم فيها كعلم للولايات الجنوبية الانفصالية عن الشمال. إلا أن العلم بصورته الحالية التي نعرفها اليوم، كان قد مرّ بمراحل وتغييرات عدة. تشكل اتحاد ولايات الجنوب في كونفدرالية مكونة من سبع ولايات جنوبية، رفضت تحريم العبودية وسعت إلى الانفصال عن الولايات الشمالية. فشن الشمال حرباً أهلية (1861-1865) قتل فيها 600 ألف جندي من الطرفين. إلا أنه انتصر وحافظت الولايات المتحدة على وحدتها، ومنعت العبودية قانونياً في جميع الولايات المتحدة مع انتهاء الحرب.
لكنّ رمزية العلم وعنصرية رافعيه لم تنته مع انتهاء الحرب الأهلية الأميركية عام 1865، بل امتدت إلى القرن العشرين وعلى وجه التحديد فترة الفصل العنصري في الولايات المتحدة، حتى استخدم كرمز من قبل الحركات أو الأشخاص المؤيدين لسياسة الفصل العنصري وضد حركة الحقوق المدنية. بل إن تنظيم "كوكلوكس كلان" العنصري استخدمه في اجتماعاته ومناسباته المختلفة من دون اتخاذه كرمز رسمي. وعاد هذا التنظيم لينشط في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وعارض حركة الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة، إيماناً منه بالفصل العنصري وتفوق "العرق الأبيض".
واقترف أعضاء التنظيم جرائم كثيرة ضد السود بشكل عام، ورموز حركة الحقوق المدنيّة، من قتل وملاحقة وتفجير كنائس. ليس من المستغرب إذاً أن يغضب هذا العلم الأميركيين السود ويجرحهم إذ يذكر بالعبوديّة الرسمية واستمرار افتخار البعض بها.
التحركات الشعبية ضد العلم الفيدرالي حققت المطلوب في كارولاينا الجنوبية. فقد وقّع أكثر من نصف مليون أميركي على عريضة حملت عنوان "لا مكان للرموز العنصرية في حكومتنا". ونظم سكان من الولاية احتجاجات عدة أمام مبان رسمية، وهتفوا: "أنزلوه أنزلوه". وطالبوا المجلس التشريعي في الولاية بسن قانون يقضي بإزالته من الأماكن التي لا يمكن تنكيسه منها لأنه مثبت فيها. كذلك أعلن أحد المعامل الكبرى لإنتاج الأعلام أنه سيتوقف عن إنتاجه، فيما أكدت متاجر "وال مارت" الشعبية الشهيرة أنها ستتوقف عن بيعه. وقد دعا أيضاً قادة سياسيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وحتى اليمينيين منهم، إلى التوقف عن وضعه على المباني الرسمية.
كلّ ذلك أدى في النهاية إلى إنزال العلم أمس الأول الجمعة بعد توقيع حاكمة كارولاينا الجنوبية نيكي هايلي تشريعاً يقضي بذلك. وجاء ذلك بعد موافقة برلمان الولاية بأغلبية ساحقة على خطوة إنزال العلم.
من المعروف أنّ لبعض رموز الدولة كالعلم أو الأوراق النقدية وغيرها، دور رئيسي لفهم نظرة وتعامل المؤسسة الحاكمة في أي بلد مع تاريخه وبالتالي حاضره. وقد لا يتوقف كثيرون عند تلك الرموز ومعانيها، لكن بعض الذين تمعنوا بها تذكروا إشكالية علاقتهم بماضي البلاد، واستحقاقات ومظالم مستمرة وعنف لا يتوقف. هكذا هو الحال مع العلم الكونفدرالي الأميركي.
إقرأ أيضاً: اللامساواة تكذّب "الحلم الأميركي"