العقوبات تُفقد مطاعم طهران زبائنها

02 يناير 2019
في أحد مطاعم العاصمة الإيرانية (عطا كيناري/ فرانس برس)
+ الخط -

بعدما أعادت الولايات المتحدة الأميركية فرض عقوباتها على إيران، عقب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، راح يُسجَّل بالبلاد ارتفاع في الأسعار. تمكّنت الحكومة من ضبط الأمر في بعض الأحيان، إلا أنّ قطاعات عدّة صارت تشتكي من ذلك، لا سيّما المطاعم التي بدأ عدد زبائنها يتراجع مع الغلاء.

يؤكّد رئيس اتحاد المطاعم الإيرانية ناصر حسيني تبريزي أنّ عدد زبائن المطاعم في المناطق الواقعة شماليّ العاصمة قلّ بنسبة 30 في المائة، علماً أنّ ميسوري الحال يسكنون فيها. يضيف أنّ النسبة تتراجع أكثر عندما يتعلّق الأمر بالمطاعم الواقعة جنوبيّ العاصمة، حيث يسكن الإيرانيون الأفقر حالاً. وقد قلّ عدد زبائن تلك المطاعم بنسبة 70 في المائة. ويشكو عدد من أصحاب المطاعم من ذلك التراجع في الإقبال نتيجة ارتفاع الأسعار الوجبات، وخسارة بعض الزبائن الذين باتوا أكثر حرصاً على مصروفهم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.

في السياق، التقت "العربي الجديد" صاحبَي مطعمَين، الأوّل رضا أشرف ويملك مطعماً في منطقة شهر ري (جنوبي العاصمة) والثاني مهدي شريفي الذي يملك مطعماً في تجريش (شمالي طهران) وهو أحد أكثر الأحياء شهرة وغلاءً. فيؤكد أشرف تراجع زبائن مطعمه الذي يقدّم وجبات إيرانية تقليدية، في مقدّمتها كباب اللحم والدجاج المشوي، قائلاً إنّ "نسبة التراجع تصل إلى 75 في المائة. زبائني الدائمون يغيبون عن المطعم كذلك". لكنّ أشرف يشير إلى أنّ "أسعار المواد الأولية لم ترتفع أكثر من 10 في المائة. لذلك، لم أضطر إلى رفع أسعار الوجبات كثيراً"، علماً أنّ المحلّ ملكه وبالتالي لا يدفع بدل إيجار. يضيف: "لو كنت مستأجراً لاضطررت إلى إغلاق مطعمي بسبب قلة الأرباح. وهذه بالفعل حال عدد من أصحاب المطاعم"، ملقياً اللوم على السلطات في ما يحصل. ويتابع أنّ "عدداً من تجار المواد الأولية يستغلون قلق المواطنين فيرفعون الأسعار بأنفسهم"، مطالباً بمعاقبة هؤلاء وفرض رقابة صارمة لمساعدة المواطنين وأصحاب المطاعم على حدّ سواء. من جهته، يؤكد شريفي أنّه رفع الأسعار في مطعمه "بنسبة 20 في المائة، لأنّي مضطر". ويشير إلى تراجع عدد الزبائن بالنسبة نفسها التي كان قد تحدّث عنها رئيس اتحاد المطاعم الإيرانية، عازياً السبب إلى "عدم قدرة الإيرانيين على تخصيص مصاريف أكبر لتناول الوجبات في المطاعم".




وبحسب ما تفيد مواقع إيرانية، فإنّ المجتمع الإيراني الذي يعاني من شرخ بين طبقتَيه الغنية والفقيرة، يتصرّف حالياً بحذر أكبر في ما يتعلق بإدارة مصاريفه. وتذكر بعض المواقع الإلكترونية أنّ الشخص المحسوب على الطبقة الغنية يخصّص نحو ثلاثة في المائة فقط من راتبه الشهري لتناول وجباته في المطعم، بينما لا تتعدى النسبة خمسة في المائة لشخص فقير، ما يؤثّر على وضع أصحاب المطاعم خصوصاً في مناطق وسط طهران وجنوبها.

في سياق متصل، يُذكر أنّ ثمّة مطاعم تقدّم أطباقاً غربية في طهران، مثل المطاعم الإيطالية والفرنسية التي انتشرت بشكل واسع في خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلى جانب أخرى تقدّم أطباقاً عربية، ولو أنّها أقل عدداً من تلك الغربية. تلك المطاعم المصنّفة غير تقليدية رفعت كذلك أسعارها، علماً أنّها في الأساس تقدّم وجبات بأسعار أغلى بكثير من تلك المخصصة للطعام التقليدي الإيراني أو حتى مطاعم الوجبات السريعة. وقد لاحظ زبائنها اختلاف الأسعار في خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة خصوصاً.

علمشاهي اعتادت تناول العشاء مع عائلتها في عطلة نهاية الأسبوع في مطاعم واقعة في أحياء محسوبة على الأغنياء، فتقول: "لاحظت ارتفاع أسعار الوجبات كثيراً في بعض المطاعم التي تقدم وجبات إيطالية على سبيل المثال، والحال ينطبق على المطاعم الإيرانية الشهيرة التي تتميّز بفئة خاصة من الزبائن". تضيف: "أنا موظفة وزوجي يدير شركة، وراتبانا جيّدان بالمقارنة مع آخرين. على الرغم من ذلك، أشعر بأنّني مضطرة إلى التقشف وتقليل تردّدي إلى المطاعم".




أمّا الطالبة الجامعية ليلا طاهري التي تقصد مع أصدقائها أسبوعياً أحد المقاهي، وتتناول العشاء فيه أحياناً، فتقول إنّ "المطاعم الإيرانية التقليدية التي تعدّ أطباقاً أقلّ ثمناً لم ترفع أسعارها كثيراً، لكنّ زبائنها مضطرون إلى التخلي عنها لأنّ المصاريف المعيشية الأخرى ارتفعت كذلك". وتذكر طاهري أنّ "بعض المطاعم والمقاهي رفعت أسعار أطباقها ومشروباتها بصورة غير مبررة"، مؤكدة أنّها تدرك "صعوبة الوضع على الجميع، لكنّ هذا لا يعني السماح للبعض بزيادة الأمور سوءاً".