العقارب والأفاعي تغزو بيوتاً في القامشلي

15 اغسطس 2020
تعب السكان من هذه الأزمة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

يعود تاريخ تأسيس حيّ الهلالية في مدينة القامشلي، شمالي شرق سورية، إلى عام 1929. لكنّ هذا التاريخ الطويل تنتهكه آفة قديمة متجددة هي العقارب والأفاعي التي باتت تُرى في بيوت الحيّ والأحياء المجاورة. للخبراء والمتخصصين وجهة نظرهم في حلّ هذه المشكلة. يشير الطبيب البيطري عماد خلف لـ"العربي الجديد" إلى جملة من الأسباب زادت العقارب والأفاعي وتسببت باختلال في التوازن البيئي، هي ارتفاع درجات الحرارة، والأمطار الصيفية الأخيرة، كما قتل السكان للأعداء الطبيعيين لتلك الآفات، خصوصاً الكلاب والقطط حتى في المناطق البرية. كلّ هذا يؤدي إلى تكاثر واقتراب الأفاعي والعقارب والجرذان والفئران من المناطق السكنية. أما طرق الوقاية الحيوية فأبرزها تربية كلب أو قط في المنزل، واستخدام طاردات الحشرات ومبيداتها من المواد الكيميائية. ويعلق الطبيب: "المكافحة الحيوية للعقارب والأفاعي أفضل صحياً، كما تحقق توازناً للبيئة من خلال تربية أعداء طبيعيين لتلك الآفات، مثل الكلاب والقطط (القنافذ أيضاً من الأعداء الطبيعيين لها) إذا كان البيت يحوي حديقة ترابية، كما أنّ إزالة الحشائش والأدوات القديمة والملابس البالية يسهم في التخفيف من تلك الآفات، بالإضافة إلى استخدام القرفة وحمض البوريك المتوافر باسم بودرة العين، وهما طاردان للعقارب".

من الأحياء التي تعاني من انتشار العقارب والأفاعي في مدينة القامشلي السورية، عدا الهلالية، أحياء جرنك والعنترية وعلاية، وكانت الفتاة سيفدا علي البالغة من العمر 7 سنوات قد تعرضت للدغة عقرب في ساقها، في منزل ذويها الطيني كحال أغلب منازل الحي، وتدخلت  والدتها لقتل العقرب على الفور، وجرى نقل الطفلة إلى المستشفى الوطني في القامشلي، فعولجت وأبقيت في المستشفى ساعتين تحت المراقبة.

تقول غدير حسن (24 عاماً) لـ"العربي الجديد" إنّها تعيش في حالة من القلق والخوف المستمرين من انتشار العقارب والأفاعي، وهي تعمل في صالون تجميل، في حيّ الهلالية، حيث غالبية البيوت من الطين والخشب. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها وجدت عقارب في الصالون ثلاث مرات، في فترات متقاربة هذا الصيف، ما أخافها مع النساء اللواتي يأتين إلى المكان. ولذلك، تجري يومياً تفتيشاً لأدواتها وتنظف الصالون بشكل دقيق خوفاً من العقارب.

يقول مصدر محلي لـ"العربي الجديد" إنّ الأمصال المضادة لسموم الأفاعي والعقارب، لا تتوفر بشكل دائم في المستشفى الوطني التابع للنظام في المدينة، ما يضطرهم لشرائها في أغلب الأحيان على نفقتهم من الصيدليات الخاصة، وهو عبء مالي كبير عليهم. يلفت إلى أنّ غياب الكهرباء ليلاً، وعدم قدرة الأهالي على ترميم البيوت الطينية، خصوصاً في حيّ الهلالية، يساعد في وصول العقارب والأفاعي إليها، فضلاً عن انتشار كثير من البيوت القديمة المهدمة والمهجورة التي تشكل بيئة مناسبة لانتشار هذه الآفات.

تجري يومياً تفتيشاً لأدواتها وتنظف الصالون بشكل دقيق خوفاً من العقارب

 

ومما يساهم أيضاً في انتشار العقارب والأفاعي في المنطقة التي يقع فيها الحيّ، تواجد مكب قريب للنفايات على مشارفه، ما يتسبب بانبعاث روائح كريهة وتكاثر الحشرات والبعوض وأيضاً يشكل ملاذاً للعقارب والأفاعي، التي بدأت تنتشر بشكل ملحوظ في الحيّ، ومعظم البيوت فيه مبنية بالطين ومسقوفة بالخشب أو ألواح الصفيح. وفي خصوص تعامل اللجان المشكلة من قبل الإدارة الذاتية (الكردية)، لإدارة الحيّ، يوضح المصدر أنّ الأهالي توجهوا بطلب للجنة الحيّ بضرورة مكافحة العقارب والأفاعي والجرذان التي تغزوه، ولم يحصلوا سوى على وعود من تلك اللجنة، موضحاً أنّ وعود تلك اللجنة لن تطبق على أرض الواقع، بينما يتخوف الأهالي في الوقت الحالي من ازدياد الأوضاع سوءاً، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة التي تساهم في زيادة نشاط العقارب والأفاعي، فيما يصعب على الأسر التي تضمّ أطفالاً ضبطهم وتعريفهم بخطر الأفاعي والعقارب، لا سيما أنّها تصل إلى البيوت التي يعيشون فيها.

يقول المصدر إنّه في السابق، كانت البلديات تعمل على رشّ المبيدات الخاصة بالتخلص من الحشرات والعقارب، وذلك بعد وقت قصير من تقدم الأهالي بطلب إليها في هذا الخصوص، أما الآن فهناك إهمال واضح وتهرب من المسؤولية. كذلك، يشكو الأهالي من موقف الهيئات المدنية التابعة للإدارة الذاتية من هذه المشاكل، داعين لإيجاد حلول جذرية لها. ويقول مسعود عمر، أحد سكان حيّ الهلالية، إنّ انتشار العقارب في الحيّ سبّب مخاوف كبيرة، خصوصاً في المنازل الطينية القديمة، مشيراً إلى أنّ السكان يقتلون يومياً كثيراً من العقارب الداخلة إلى بيوتهم. يضيف عمر أنّ المخاوف تزداد لدى الأسر التي لديها أطفال ممن لا يتحملون لسعة سامة من العقارب، لافتاً إلى أنّهم أبلغوا كومين الحي (اللجنة التي شكلتها الإدارة الذاتية) لرشّ مبيدات في جميع أنحائه، فوعدت بالقيام بكلّ ما هو مطلوب، من دون أن تفعل شيئاً حتى الآن. وهو ما يبقي الخطر المحدق بالسكان لا سيما الأطفال منهم على حاله.

المساهمون