قالت منظمة العفو الدولية إن وفاة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك تسلب من المصريين فرصة مهمة لإحقاق العدالة بسبب سلسلة الانتهاكات التي ارتكبت خلال حكمه الذي دام 30 عاماً، بما في ذلك مقتل مئات المحتجين في ثورة يناير 2011 التي أنهت رئاسته.
وأضافت في بيان لها أنه "حكم على حسني مبارك بالسجن مدى الحياة عام 2012 لتقاعسه عن حماية المحتجين من القتل والإصابة. وقد رحبت منظمة العفو الدولية في ذلك الوقت بالحكم باعتباره خطوة مهمة في إنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب، لكن ألغي حكم الإدانة، وأطلق سراح مبارك في مارس/ آذار 2017".
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: "لا تزال السياسات المميزة لحكم حسني مبارك - أي التعذيب الجماعي والاعتقال التعسفي - واقعاً يومياً في مصر. فلم يُحاسب مبارك أبدًا على مسؤوليته في ارتكاب سلسلة من الانتهاكات التي أشرف عليها.. إن إرث حسني مبارك مستمر من خلال أدوات القمع التي ابتكرها، وأبرزها في الأجهزة الأمنية غير الخاضعة للمساءلة، والتي تسيطر على البلاد بقبضة حديدية بعد تسع سنوات من سقوط مبارك".
وأضاف: "لقد قُتل ما لا يقل عن 840 شخصاً، وجُرح 6 آلاف خلال 18 يوماً من الاحتجاج الذي أطاح مبارك في نهاية الأمر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ضحايا الاحتجاز التعسفي المطول والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة خلال حكمه، الذي استمر 30 عاماً، لم يروا بعد أي شكل من أشكال الحقيقة أو العدالة أو التعويض".
وقد أصبح حسني مبارك رئيساً لمصر بعد اغتيال سلفه في 1981. وعلى الفور فرض حالة الطوارئ التي منحت سلطات شاملة لقوات الأمن، وقيدت حرية الصحافة والتعبير والتجمع، وبقيت سارية حتى بعد خلعه، قبل إعادة فرضها في إبريل/ نيسان 2017.
كذلك أنشأ قانون الطوارئ نظام عدالة الظل الذي تحايل على النظام القضائي العادي، والضمانات المحدودة التي يكفلها. وقد نجم عن ذلك احتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص بدون تهمة أو محاكمة، غالباً في ظروف مزرية. وقامت السلطات المصرية اليوم بإعادة إنشاء هذا النظام بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.
وذكرت المنظمة في بيانها: "خلال فترة رئاسته، كان حسني مبارك مهتماً بتعزيز دوره كقائد لسلاح الجو في حرب 1973 ضد إسرائيل لكسب الشرعية الشعبية. ومع ذلك، لم يكن لهذا صدى لدى جيل الشباب المحبطين، الذين أغضبتهم بشكل متزايد الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، وانعدام الفرص الاقتصادية، فأدت هذه العوامل إلى معارضة مستمرة لحكم مبارك وسياساته، وبلغت ذروتها بخروج الآلاف الذين غمروا الشوارع للمطالبة بالإصلاح الديمقراطي والعدالة الاجتماعية في عام 2011".
وأضاف فيليب لوثر: "أشرف حكم مبارك على إنشاء جهاز مباحث أمن الدولة سيئ السمعة والمثير للخوف، والذي بلغ عدد موظفيه في أوجه ذروته ما يزيد عن 100 ألف موظف، وكان يُعتقد أنه مسؤول عن مئات حالات التعذيب، وغيرها من الانتهاكات، مثل عمليات الاعتقال والاحتجاز بشكل تعسفي".
وعلى الرغم من أن جهاز مباحث أمن الدولة قد تم حله رسميًا بعد انتفاضة 2011، إلا أنه أعيد تشغيله تحت الاسم الجديد "قطاع الأمن الوطني". وحافظ قطاع الأمن الوطني على نفس أساليب التعذيب التي تتضمن تعليق الضحايا من المعصمين والكاحلين، والضرب الوحشي، والصدمات الكهربائية، وتمتع أفراده بنفس الحصانة من العقاب.
واختتم لوثر بالقول: "لقد رسخ مبارك جذور الدولة المصرية العميقة، والتي بدورها رسخت قوات الأمن فجعلتها محصنة وغير قابلة للمساءلة. ولم تحاسب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في عهد مبارك، وفي السنوات التي تلت ذلك. وما زالت تتصرّف حتى يومنا هذا وكأنها فوق القانون".
وختمت المنظمة بيانها بالقول: "اليوم، لا تزال مصر يحكمها رئيس من الجيش الذي يشرف على أزمة حقوق الإنسان غير المسبوقة، حيث تُمارس انتهاكات حقوق الإنسان المروعة نفسها بشكل ممنهج، وفي كثير من الحالات على نطاق أوسع. ولا يزال الاحتجاز التعسفي الجماعي دون محاكمة، والتعذيب الممنهج، هو الواقع اليومي للعديد من المصريين وعائلاتهم - وهو تذكير صارخ بأن الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان يديم المزيد من الانتهاكات والظلم".