02 يونيو 2020
العصفور الأبيض... صباح الخير (4)
يوم جديد على عملنا شهيد، استيقظت فيه على صياح أحد أولادي وهو ينادي على أم علي طالباً ماءً ليشرب، ويلح في الطلب على الرغم من وجود الزجاجة المملوءة بالماء بجانبه، إلا أنه لا يريد أن يمسك بها ويشرب منها وكأنه يخشى أن يعكر ماءها، أو أن أمه عندما تمسك بالزجاجة تزيد من عذوبة الماء فيها. وتردّ عليه أم علي من الغرفة البعيدة أنا آتية يا علي.. حاضر.
تأتي أم علي لولدها بسرعة غريبة أخاف كثيراً عليها بسبب فزعتها هذه، ويدور بينهما حديث قصير كله لوم أنها تأخرت عليه قليلاً مع وعد منها بألا تتأخر عليه مرة أخرى. وأنا أسمع وأشاهد وأتأمل، وأحاول أن أتذكر الأيام الخوالي يوم كنت في سن هذا الولد، هل كنت أصنع مع أمي صنيعه؟ وهل كانت تصبر كصبرها؟ ويشرب علي، وتنصرف أمه ليكمل هو نومه وتحاول هي أخذ قليل من الراحة، ولكن يأتيها نداء كالنداء الأول، ولكن هذه المرة من ولدها عمر يطلب الماء ويحدث بينهما تماماً ما حدث بينها وبين أخيه.
أنصرف إلى النافذة لأسقي الزرع، ولأستمع لصوت العصفور الأبيض وهو يصدح بصوته العذب، معلناً بداية يوم جديد ومسيرة جديدة من العمل والسعي للرزق الحلال، فاقتربت منه وسألته عن حاله وحال إخوانه العصافير، وسألته عن صديقته البطة، وكيف تقضي ليلها بغير أعشاش، ومن أين تأتين بأرزاقكِ من الحبوب؟
فقال: بعدما جف النهر، وفّر لنا الحاكم الصقر مكاناً خلف قصره تتجمع فيه المياه لنشرب منها، وتسبح فيها البطة وتقضي فيها يومها حتى يرزقها الله بفراخ غير فراخها التي ماتت بسبب جفاف النهر. أما الطعام، فقد أخبرنا الصقر أن جيراننا طيور الغابة المجاورة ستلقي لنا كل يوم بحبوب نأكلها حتى تنمو الأشجار التي وعد حاكمنا الصقر بزراعتها مكان الأشجار التي كانت تؤوينا ونأكل من ثمارها، والتي أمر الصقر لمصلحتنا بإزالتها وتجفيف النهر الذى يغذيها، و..
لم أستطع أن أستمع إلى المزيد مما يقوله، حتى بادرته بالسؤال عن حال العصافير والطيور التي شربت من مكان الماء الذي أعده الصقر لها كما يقول؟
فقال العصفور الأبيض: الغريب أن الكثير منها مات وقبل أن يموت اصفر وجهه وامتقع لونه لا نعرف لماذا! كما أن أولادنا يشكون كثيراً من آلام ببطونها، وحتى البطة صديقتي مريضة جداً لا نعرف لماذا؟
قلت له يا عصفوري العزيز ويا أصدقائي الطيور: ألا تعرفين أن هذه المياه التي تشربينها يُصب فيها ناتج نظافة معدة وأمعاء الصقر حاكمكِ وجنوده من الصقور، ثم ألا تعرفين أن مكان أشجاركِ قد تم تخصيصه لجنود الصقر ولا يمكن زراعتها بعدما بنى بها الجنود بيوتاً لهم ولأفراخهم؟
قال العصفور الأبيض: نحن نرى كل هذا ونعرفه، ولكن ما الضرر في هذا؟ ما دام الصقر حاكمنا فعل هذا فأكيد أنه فعله لصالحنا ولصالح أولادنا، لأنه يعرف الذي لا نعرفه ويخاف علينا أكثر من أنفسنا.. فقاطعه طائر آخر وقال: فعلاً لا نعرف من أين كنا سنشرب ونأكل لو تخلى عنا الصقر حاكمنا ولم يفكر لنا ويهتم بأمرنا، إنه نعمة لنا.
قلت: أيتها الطيور وماذا عن مرضاك التي ماتت بسبب الماء الذي خصصه لكم حاكمكِ الصقر، وهل وجدت حلاً لهذه المشكلة! وماذا لو توقف جيرانكِ عن إلقاء الحبوب لك؟
قالت: الصقر بالتأكيد يفكر في كل هذا ولديه حلول يريد أن يفاجئنا بها وعلينا ألا نستعجله، حتى لا يضطر لإخبارنا بخطته الذكية فيعرفها شرار الطير فتعمل على إفشالها.
قلت ولكن هذا الكلام غير....
قاطعتني ولم تدعني أُكمل وهتفت بصوت عال جداً: يحيا الصقر.. يحيا الصقر.. يحيا الصقر.
تأتي أم علي لولدها بسرعة غريبة أخاف كثيراً عليها بسبب فزعتها هذه، ويدور بينهما حديث قصير كله لوم أنها تأخرت عليه قليلاً مع وعد منها بألا تتأخر عليه مرة أخرى. وأنا أسمع وأشاهد وأتأمل، وأحاول أن أتذكر الأيام الخوالي يوم كنت في سن هذا الولد، هل كنت أصنع مع أمي صنيعه؟ وهل كانت تصبر كصبرها؟ ويشرب علي، وتنصرف أمه ليكمل هو نومه وتحاول هي أخذ قليل من الراحة، ولكن يأتيها نداء كالنداء الأول، ولكن هذه المرة من ولدها عمر يطلب الماء ويحدث بينهما تماماً ما حدث بينها وبين أخيه.
أنصرف إلى النافذة لأسقي الزرع، ولأستمع لصوت العصفور الأبيض وهو يصدح بصوته العذب، معلناً بداية يوم جديد ومسيرة جديدة من العمل والسعي للرزق الحلال، فاقتربت منه وسألته عن حاله وحال إخوانه العصافير، وسألته عن صديقته البطة، وكيف تقضي ليلها بغير أعشاش، ومن أين تأتين بأرزاقكِ من الحبوب؟
فقال: بعدما جف النهر، وفّر لنا الحاكم الصقر مكاناً خلف قصره تتجمع فيه المياه لنشرب منها، وتسبح فيها البطة وتقضي فيها يومها حتى يرزقها الله بفراخ غير فراخها التي ماتت بسبب جفاف النهر. أما الطعام، فقد أخبرنا الصقر أن جيراننا طيور الغابة المجاورة ستلقي لنا كل يوم بحبوب نأكلها حتى تنمو الأشجار التي وعد حاكمنا الصقر بزراعتها مكان الأشجار التي كانت تؤوينا ونأكل من ثمارها، والتي أمر الصقر لمصلحتنا بإزالتها وتجفيف النهر الذى يغذيها، و..
لم أستطع أن أستمع إلى المزيد مما يقوله، حتى بادرته بالسؤال عن حال العصافير والطيور التي شربت من مكان الماء الذي أعده الصقر لها كما يقول؟
فقال العصفور الأبيض: الغريب أن الكثير منها مات وقبل أن يموت اصفر وجهه وامتقع لونه لا نعرف لماذا! كما أن أولادنا يشكون كثيراً من آلام ببطونها، وحتى البطة صديقتي مريضة جداً لا نعرف لماذا؟
قلت له يا عصفوري العزيز ويا أصدقائي الطيور: ألا تعرفين أن هذه المياه التي تشربينها يُصب فيها ناتج نظافة معدة وأمعاء الصقر حاكمكِ وجنوده من الصقور، ثم ألا تعرفين أن مكان أشجاركِ قد تم تخصيصه لجنود الصقر ولا يمكن زراعتها بعدما بنى بها الجنود بيوتاً لهم ولأفراخهم؟
قال العصفور الأبيض: نحن نرى كل هذا ونعرفه، ولكن ما الضرر في هذا؟ ما دام الصقر حاكمنا فعل هذا فأكيد أنه فعله لصالحنا ولصالح أولادنا، لأنه يعرف الذي لا نعرفه ويخاف علينا أكثر من أنفسنا.. فقاطعه طائر آخر وقال: فعلاً لا نعرف من أين كنا سنشرب ونأكل لو تخلى عنا الصقر حاكمنا ولم يفكر لنا ويهتم بأمرنا، إنه نعمة لنا.
قلت: أيتها الطيور وماذا عن مرضاك التي ماتت بسبب الماء الذي خصصه لكم حاكمكِ الصقر، وهل وجدت حلاً لهذه المشكلة! وماذا لو توقف جيرانكِ عن إلقاء الحبوب لك؟
قالت: الصقر بالتأكيد يفكر في كل هذا ولديه حلول يريد أن يفاجئنا بها وعلينا ألا نستعجله، حتى لا يضطر لإخبارنا بخطته الذكية فيعرفها شرار الطير فتعمل على إفشالها.
قلت ولكن هذا الكلام غير....
قاطعتني ولم تدعني أُكمل وهتفت بصوت عال جداً: يحيا الصقر.. يحيا الصقر.. يحيا الصقر.