الذّاكرة هناك، في فلسطين، وإن كان قد مضىت 66 سنةً على نكبة الشعب الفلسطيني وتهجير أهله، ذاكرتهم التي ما زالت تعيش فلسطين بكلّ تقاليدها وعاداتها تأبى أن تُنسى. للعرس الفلسطيني وهج برّاق في ذاكرتهم، لأنّه ربما هو ما ينسيهم الأحزان، ويبعث في نفسهم الفرح والسرور.
تروي الحاجة عطاف سالم لـ"العربي الجديد" أنّ "العرس الفلسطيني كان له، في فلسطين، قبل النكبة، عادات وتقاليد لم تعد موجودة اليوم. فالعروس قبل الزّواج لم تكن تعرف العريس، ولا تحبّه أو تختاره هي. بل أمّ العريس هي التي كانت تأتي لزيارة أهل العروس، وإذا أعجبتها الفتاة تختارها عروساً لابنها. وعندها تصف العروس لابنها، بشكل دقيق ومفصّل، وعلى أساسه يقبل العريس بها أو يرفضها.
والعروس لم تكن تعرف العريس قبل الموافقة عليه، لأنّ الأهل هم الّذين يحدّدون ويختارون. فالعروس والعريس لا يريان بعضهما إلا في ليلة الزّفاف، على عكس ما يحصل في أيّامنا هذه". أما بالنسبة إلى العادات والتّقاليد المتّبعة ليلة الزّفاف فتقول الحاجة عطاف إنّ "الفرح لأهل العريس، فهم يعلّلون ليالي عدّة، أي يرفعون الزّينات والأفراح، ويقيمون الذّبائح يوم العرس، وأصحاب العريس يحمّمونه ويرقّصون بملابسه".
من بين الأغنيات الّتي كانت تغنّى يوم العرس "شو هالعريس اللي نحنا بيناتو.. من أرض عكّا شدّتلو رفقاتو، لا هو مزوّق ولا التزويق عاداته.. إلاّ شب أسمراني وكلّ النّاس تحلف بحياتو، وهاتولنا هالعريس لنشوف حلاتو". كذلك "عالروزانة" و"مرمر زماني" وأغانٍ أخرى للعريس والعروس، ورمز العرس تكون عادة "الفرس"، التي كانت تنقل العروس على ظهرها من بيت أهلها إلى بيت الزوجية.
أمّا بالنسبة إلى العروس فقد كانت تذهب إلى حمام السّوق، تذهب إليه مع رفيقاتها، تستحمّ هناك، وتلفّ جسدها بالمناشف، ترقص حولهنّ على وقع الدّفوف والدّربكة، وأغنيات الأفراح، وتجلّى بالشّمع الأبيض ويوضع لها الحنّاء. واللافت أنّ والد العروس لا يحضر العرس لأنه "عيبٌ"، أمّا الأمّ فلا تغنّي ولا تفرح، بل تبكي طيلة ساعات الفرح.