العرب يغرقون في الفقر.. والعدالة الاجتماعية لا تعرف حياتهم

10 ابريل 2014
مصريون يحاولون الحصول على علاج مجاني (GETTY)
+ الخط -
لا تعريف موحّداً للعدالة الاجتماعية. فالبعض يعتبر أن هذا المصطلح يعني التوزيع العادل للثروات الوطنية. والبعض الآخر يعتبره مرتبطاً بالعدالة الضريبية حصراً.
وكذلك، تصنفه التقارير الدولية على أنه يختصر كل ما له علاقة بالمساواة في المجتمعات والنظم الاقتصادية، بدءاً من المساواة بين الجنسين، وصولاً إلى عدم تركّز الثروات بيد أقلية من المواطنين.

أما الرئيس الأميركي باراك أوباما، فقد ربط موضوع العدالة الاجتماعية بتكافؤ الفرص. إذ قال في خطابه في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إنه لا عدالة في ظل عدم قدرة كل المواطنين على الارتقاء من دون تمييز.

كثرة الحديث عن العدالة الاجتماعية في العالم وخصوصاً في الدول العربية تعني أن هذه الدول بنظمها الاقتصادية والاجتماعية تفتقر الى العدالة، وأن مواطنيها يشعرون بانتقاص حقهم بالمساواة، إن كان في تكافؤ الفرص أو قدرة الوصول الى سوق العمل أو الأجر العادل أو الضريبة العادلة أو الحق بالعلاج والتعليم والرفاه... فما هو واقع العدالة الاجتماعية في العالم، وفي المنطقة العربية تحديداً؟

الثروة بيد الأقلية
تقول منظمة العمل الدولية في تقريرها الأخير: "إننا نواجه في العالم أزمة اجتماعية عميقة، وأزمة كبيرة تتعلق بالعدالة الاجتماعية".
أما المؤشرات فمذهلة. إذ إن 20 في المئة فقط من سكان العالم لديهم تغطية صحية، وأكثر من نصف السكان يفتقرون إلى أي تغطية على الإطلاق. كذلك، ارتفع عدد العاطلين من العمل في العالم بمقدار خمسة ملايين في العام 2013.

وأيضاً خرج قرابة 23 مليون عامل من سوق العمل، ومن المتوقع أن يرتفع عدد الباحثين عن عمل بمقدار يزيد على 13 مليون شخص بحلول العام 2018.

وبلغ عدد العاطلين من العمل ضمن الفئة العمرية 15-24 عاماً 74.5 مليون شخص في العام 2013، وعاش في العام الماضي نحو 839 مليون عامل مع أسرهم على أقل من دولارين يومياً. كما عاش في العام 2013 قرابة 375 مليون عامل مع أسرهم على أقل من دولار وربع دولار يومياً.

وتشرح المنظمة أنه قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية في العام 2008، كان نصف سكان العالم  يعيشون تحت خط 2 دولار في اليوم، ومات الملايين من الجوع. واليوم، ومع بطء الانتعاش الاقتصادي سار الملايين من الناس الى الوراء، من دون وظائف ولا غذاء وبخدمات قليلة.
إحدى ظواهر غياب العدالة الاجتماعية هي تركز الثروات بيد أقلية من الناس.

وبحسب منظمة العمل الدولية فإن ثروة 1 في المئة من أغنى سكان العالم تساوي ما يملكه 3.5 مليارات شخص فقير.

وتشرح منظمة "أوكسفام" البريطانية في تقرير "التفاوت واللامساواة في الثروة حول العالم" الصادر الشهر الماضي، أن 85 ثرياً في العالم يمتلكون ثروات تعادل ثروة نصف سكان العالم مجتمعين.

ويبيّن تقرير المنظمة أن نصف ثروة العالم التي تبلغ 110 تريليونات دولار موجودة في يد 1% من السكان، وهو ما يفوق بـ 65 مرة ثروة نصف سكان العالم الأقل فقراً.
ويوضح التقرير أن دخول هؤلاء الأشخاص بلغت 240 مليار دولار في العام الماضي.

وعن عدم ارتباط النمو بمعدلات الفقر والعدالة، يبرز خطاب أوباما في نهاية العام الماضي. إذ يؤكد الأخير أنه "منذ العام 1979، ارتفعت الإنتاجية في الولايات المتحدة بما نسبته أكثر من 90%، لكن دخل الأسرة النموذجية ارتفع بما لا يزيد على 8%". ومنذ 1979 أيضاً ازداد حجم الاقتصاد الأميركي أكثر من الضعف، بينما لم تذهب أكثر منافع النمو سوى لقلّة محظوظة".

ويضيف أن الـ 10 في المئة الأكثر غنى في أميركا كانت تستحوذ في العقود الثلاثة التالية  للحرب العالمية الثانية ما نسبته ثلث الدخل الأميركي، إلا أنه يعود ليؤكد أن هذه الفئة باتت تستحوذ اليوم على نصف الدخل الأميركي.

واقع الدول العربية
قليلة هي التقارير التي تحدد تماماً حجم الفجوة الاجتماعية في البلدان العربية. إلا أن تقريراً لبنك "كريديه سويس" السويسري يقول بداية هذا العام إن "ما لا يقل عن 48% من الثروة الخاصة في لبنان تتركز في أيدي 8900 مواطن، يشكلون 0.3% فحسب من السكان البالغين".
ويحتل لبنان المرتبة الرابعة عالمياً في اللامساواة بعد روسيا واوكرانيا وكازاخستان.

أما في مصر، وبحسب مؤشرات البنك الدولي، فإن 20 في المئة من السكان يمتلكون 80 في المئة من الثروات. في حين أن 1 في المئة من فئة الأثرياء تمتلك حوالى 50 في المئة من إجمالي الثروة.  

في الأردن، لا يختلف حال تركز الثروات، إذ تؤكد الأرقام الرسمية أن الطبقة الغنية تصل إلى 8.2% من السكان، فيما يشكل من هم دون الطبقة الوسطى نسبة 50.8 في المئة من السكان.
وفي تونس كذلك، تظهر تقارير صحافية أن نسبة الفقر العامة وصلت الى 30% في حين احتلت تونس المرتبة الأولى في المغرب العربي من حيث ارتفاع نسبة الثراء.

وتقول التقارير إن 20 في المئة فقط من أثرياء تونس يسيطرون على 80 في المئة من الثروات.

أما من حيث نسب البطالة، فقد حققت بلدان المنطقة العربية مستويات تعدّ من أعلى المعدلات في العالم ، حيث بلغ حجم البطالة 27.2 في المئة في الشرق الأوسط، و29 في المئة في شمال أفريقيا.

ويشرح التقرير الأخير لمنظمة العمل العربية أن نسبة البطالة بين الشباب وصلت في العام 2013 إلى نحو 19 في المئة في المغرب، وأكثر من 22 في المئة في الجزائر ولبنان، و25 في المئة في مصر، وحوالى 30 في المئة في الأردن والمملكة العربية السعودية، وحوالى 40 في المئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأكثر من 42 في المئة في تونس.

من جهة أخرى، تراجعت مستويات الحد الأدنى للأجور بنحو كبير في المنطقة العربية.

وبينما يشكل الموظفون 66 في المئة من اجمالي العاملين في العام 2011، فإن التغطية القانونية للحد الأدنى للأجور غالباً ما تكون أكثر تقييداً، هذا إن وجدت أصلاً.

فعلى سبيل المثال، يقول تقرير المنظمة إن الحد الأدنى للأجور في بعض البلدان العربية يقتصر على "المواطنين" أي من يحمل جنسية البلد، أو يتسم بالتمييز ضد العمالة الوافدة والتي تتلقى أجوراً أقل.

إذاً، دول العالم كما الدول العربية ترزح تحت مؤشرات لا تشير سوى إلى انعدام العدالة الاجتماعية. وفي حين تشهد بعض هذه الدول ثورات اجتماعية، تنتظر شعوب المنطقة الوصول إلى واقع آخر، واقع يعيد للناس حقوقها المهدورة.

المساهمون