العرب وآفاق المستقبل

23 يناير 2015
+ الخط -

عرف الوطن العربي، منذ حرب الخليج الأولى، تراجعات متتالية على جميع المستويات والأصعدة، نتيجة سياسات فاشلة نهجتها القيادات العربية، أدت إلى تبخّر أحلام الشعوب العربية في الوحدة، واللحاق بركب الدول المتطورة. فهل نؤدي، اليوم، ثمن السلوكيات المتسلطة لنخبة عربية مريضة، حولت الأحلام إلى آمال؟ وما السبيل إلى استنهاض الهمم، والتوجه نحو مستقبل أفضل؟
يعكس الوضع المتشظّي الذي تشهده أقطار عربية عديدة، والمتسم بالتدمير والتخريب وتفكيك البنى الاجتماعية، يعكس هول السقوط الأخلاقي الكارثي الذي وصل إليه الإنسان العربي، حاكماً أو محكوماً، في لحظة زمنية أصبح فيها التضامن العربي من ذكريات الماضي، وتم التخلي التدريجي عن القضية الفلسطينية التي كانت توحد الأمة في أكثر من مناسبة، وأضحى فيها شعار التنمية يذكر مصادفة، على الرغم من الإمكانيات الضخمة التي يعج بها هذا الوطن، فتحولت النعم إلى نقم، وأدوات دنيئة تستعمل في إذكاء نار الفتن الطائفية، وتصفية الحسابات الضيقة. هذا فضلاً عن تقزيم دور جامعة الدول العربية، واستبدالها بتكتلات إقليمية، كمجلس التعاون الخليجي، والاتحاد المغاربي الذي لم يفعل شيئاً.
لو أردنا تعداد مستويات الفشل والإخفاق، لن تكفينا عشرات المقالات، إذ يكفي أن ننظر من أعلى الخريطة لهذا الوطن الجريح الذي أصبح لونه أحمر قانياً، وأصبح معه صوت أبي العلاء المعري ينبعث في ذواتنا، مرددا: خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا من هذه الأجساد.
في خضم التكهنات السياسية الراهنة، لا يمكننا إلا أن ننظر إلى المستقبل، بوصفه يقدم إمكانيتين تاريخيتين لا مفر منهما: إما استمرار هذه الأزمات الداخلية التي أصبحت تهدد وجود عدة أقطار عربية، أو تجاوزها إلى وطن عربي، يعانق حلم الوحدة والتضامن والتنمية المستدامة شكلا ومضمونا وآفاقا. فهل تستيقظ أمة العرب من سباتها، أم أنه لا حياة لمن تنادي؟

C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
C889CE5C-4284-433F-9F64-4EAE58CA3FFC
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)
عبد الفتاح عزاوي (المغرب)