في موازاة الفوضى السياسية الحالية في العراق، إثر اتهامات بتزوير وتلاعب في نتائج الانتخابات التشريعية، ومع انشغال الكتل والقوائم السياسية بنسج خيوط تحالفاتها المقبلة للظفر بلقب الكتلة الأكبر في البرلمان التي يحق لها تشكيل الحكومة الجديدة، يبرز مجدداً إلى السطح ملف الفصائل العراقية المسلحة المنضوية ضمن مليشيات "الحشد الشعبي" التي تأسست عام 2014 بفتوى من المرجع علي السيستاني عقب اجتياح تنظيم "داعش" مساحات واسعة من العراق، وذلك بعد تقارير تحدثت عن إدراج الكونغرس الأميركي أسماء ثلاث مليشيات عراقية مقرّبة من إيران وتمتلك أجنحه مسلحة لها في سورية لدعم نظام بشار الأسد، على قائمة الإرهاب.
وبحسب التسريبات، تصنّف وثائق الكونغرس كمجموعات إرهابية، مليشيا "عصائب أهل الحق" التي يتزعمها أحد أبرز قادة "الحشد" قيس الخزعلي، وحركة "النجباء" بزعامة أكرم الكعبي، الذي يتبنّى مشروع ولاية الفقيه في العراق، إضافة إلى "حزب الله" العراقي، وهو الأكثر غموضاً بين مليشيات "الحشد"، ويملك شبكة واسعة من المكاتب السرية داخل العاصمة بغداد، وهو المتهم بالتصفيات الجسدية التي تحدث لناشطين ومعارضين، وآخرها مهاجمة مقر الحزب "الشيوعي العراقي" في بغداد قبل أيام.
وعلى الرغم من أن المشروع مدرج منذ عام 2017 ضمن طلب قدّمه العضوان في الكونغرس الأميركي ترينت فرانكس وبراد شيرمان، إلا أنه تمت إحالته أخيراً إلى مجلس الشيوخ الأميركي لإقراره، بحسب وثائق نشرتها وسائل إعلام غربية. والمليشيات الثلاث هي نفسها صاحبة أعلى معدل انتهاكات في العراق، ومتورطة بمئات الجرائم ذات الدوافع الطائفية وتمتلك سجوناً خاصة لها وسط وجنوب العراق، عدا عن تسجيل انتهاكات لها في حمص والقصير وريف دمشق وحلب ودير الزور، خلال تواجدها إلى جانب قوات النظام السوري.
الجديد في الملف أن تلك المليشيات حصلت فعلاً على مقاعد لها داخل البرلمان العراقي الجديد، إذ حصلت مليشيا "عصائب أهل الحق" على 15 مقعداً، و"حزب الله" العراقي على مقعدين، و"النجباء" على مقعد واحد، من خلال شخصيات تدعمها أو تابعة لها.
وتعليقاً على هذا التطور، اعتبر تحالف "الفتح"، الواجهة السياسية لمليشيات "الحشد"، أن قرار الكونغرس بإدراج "العصائب" في لائحة الإرهاب يدل على فشل الإدارة الأميركية. وقال القيادي فيه أحمد الكناني، لـ"العربي الجديد"، إن "عصائب أهل الحق مجازة في ممارسة العمل السياسي وفق قانون التنظيمات السياسية الصادر عام 2015، والقرار الأميركي يُعدّ تدخلاً في الشأن العراقي".
اقــرأ أيضاً
وأوضح الكناني "أننا مارسنا عملنا السياسي والثقافي منذ نهاية عام 2011 في عموم محافظات العراق، ولدينا ممثلون في البرلمان العراقي الجديد للعام 2018، ونرفض أي تدخّل أجنبي في العراق وتحت أي مسمى، وعلى الحكومة أن ترفض أي تدخّل، ونحن نرفض أي تدخّل حتى لو كان من قبل إيران"، مضيفاً: "لكنْ، هناك فرق بين التدخّلات الإيجابية والتدخّلات السلبية، فإيران هي الدولة الوحيدة التي قدّمت المساعدات لنا بعد سقوط عدد من المدن العراقية بيد تنظيم داعش، وساعدت قواتنا الأمنية بكافة تشكيلاتها بالسلاح والعتاد ودعمت قوات البشمركة وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد الشعبي". وأشار إلى أن "الحشد الشعبي مؤسسة مستقلة تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، شُرّعت بقانون من البرلمان العراقي، ومن يصنف عصائب أهل الحق بالإرهاب، نطالبه بالدليل على ذلك".
وفي ما يتعلق بقرار الكونغرس، قال: "نفتخر بأنه وضعنا على لائحة الإرهاب، وهذا دليل على أننا نسير في الطريق الصحيح، فاليوم نحن أمام خيارين، إما مسايرة المشروع الأميركي ليقال عنا غير إرهابيين، أو العكس".
من جهته، اعتبر القيادي في "حزب الله" العراقي، قاسم الساعدي، وضع عدد من الفصائل العراقية على لائحة الإرهاب الأميركية، "أمراً طبيعياً". وقال الساعدي في تصريح لـ"العربي الجديد": "حزب الله وباقي فصائل المقاومة الإسلامية تستنكر بشدة وضعها على لائحة الفصائل الإرهابية، ومع ذلك فالأمر ليس غريباً، خصوصاً بعد إفشال المخطط الأميركي في العراق". وأضاف أن "أميركا والدول التي صنعت تنظيم القاعدة ومن ثم داعش ودعمت إرهابهما، تعتبر كل من يقف بوجه الإرهاب إرهابياً"، مشيراً إلى أن "ضمّ حزب الله والعصائب والنجباء للائحة الإرهاب، سيزيد من قدرتها على مجابهة الإرهاب ومواجهة المخططات الأميركية في العراق".
أما الخبير في الشأن السياسي، سعد الدين الفضلي، فاعتبر أن القرار من ضمن جملة ضغوط على إيران تمارسها الولايات المتحدة، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العراق ملزم بالتعامل مع تلك القرارات كونه يمتلك اتفاقية استراتيجية مع واشنطن حول محاربة الإرهاب، وفي حال اتُخذ القرار فعلاً وصُنّفت تلك الجماعات الثلاث على أنها إرهابية، فاعتقد أن الحكومة ملزمة بتطبيق جملة أمور، من بينها إبعاد هذه الجماعات عن أي مناصب حكومية، وخصوصاً الأمنية والعسكرية على أقل تقدير، فضلاً عن تجميد تعاملات أعضاء هذه الفصائل المالية". ولفت إلى أن القرار قد يكون مانعاً إضافياً أمام تحالف رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي والكتل السياسية التي تخطب ود أميركا مع تحالف "الفتح".
غير أن أستاذ القانون الدولي في جامعة بغداد، علي التميمي، شرح لـ"العربي الجديد"، ما يترتب على المليشيات المتأثرة بوثائق الإرهاب الأميركية، معتبراً أن هذه القرارات "لن تحدّ من العمل السياسي للفصائل المسلحة كما يُتوقع منها". وقال إن "القرارات التي تصدرها أميركا أو الرئيس الأميركي بحق فصائل الحشد الشعبي المتواجدة في العراق، هي قرارات أميركية بحتة، أي أنها لا تُلزم العراق بتطبيقها من ناحية عملية"، مشيراً إلى أن "مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، هي الجهات التي تُلزم العراق في حال إقرار قانون أمني على جهة معينة، لأن هاتين الجهتين لهما الحق بالتدخل في الشأن العراق، بسبب الصفة الدولية واجبة التطبيق في كل دول العالم، خصوصاً الأمنية، فمجلس الأمن هو أعلى سلطة قانونية في العالم، وكل دول العالم وقّعت على وثيقة الأمن في العام 1945".
وأشار التميمي إلى أن "القرار الأميركي يشمل تجميد أرصدة هذه الفصائل المسلحة والأموال والتحويل المالي والمساعدات، داخل أميركا فقط، وهذا ما حصل في إيران، فقد تم تجميد كل التعاملات الخارجية مع إيران، أما العراق فهو غير مُلزم بتطبيق القرارات الأميركية".
اقــرأ أيضاً
وبحسب التسريبات، تصنّف وثائق الكونغرس كمجموعات إرهابية، مليشيا "عصائب أهل الحق" التي يتزعمها أحد أبرز قادة "الحشد" قيس الخزعلي، وحركة "النجباء" بزعامة أكرم الكعبي، الذي يتبنّى مشروع ولاية الفقيه في العراق، إضافة إلى "حزب الله" العراقي، وهو الأكثر غموضاً بين مليشيات "الحشد"، ويملك شبكة واسعة من المكاتب السرية داخل العاصمة بغداد، وهو المتهم بالتصفيات الجسدية التي تحدث لناشطين ومعارضين، وآخرها مهاجمة مقر الحزب "الشيوعي العراقي" في بغداد قبل أيام.
وعلى الرغم من أن المشروع مدرج منذ عام 2017 ضمن طلب قدّمه العضوان في الكونغرس الأميركي ترينت فرانكس وبراد شيرمان، إلا أنه تمت إحالته أخيراً إلى مجلس الشيوخ الأميركي لإقراره، بحسب وثائق نشرتها وسائل إعلام غربية. والمليشيات الثلاث هي نفسها صاحبة أعلى معدل انتهاكات في العراق، ومتورطة بمئات الجرائم ذات الدوافع الطائفية وتمتلك سجوناً خاصة لها وسط وجنوب العراق، عدا عن تسجيل انتهاكات لها في حمص والقصير وريف دمشق وحلب ودير الزور، خلال تواجدها إلى جانب قوات النظام السوري.
وتعليقاً على هذا التطور، اعتبر تحالف "الفتح"، الواجهة السياسية لمليشيات "الحشد"، أن قرار الكونغرس بإدراج "العصائب" في لائحة الإرهاب يدل على فشل الإدارة الأميركية. وقال القيادي فيه أحمد الكناني، لـ"العربي الجديد"، إن "عصائب أهل الحق مجازة في ممارسة العمل السياسي وفق قانون التنظيمات السياسية الصادر عام 2015، والقرار الأميركي يُعدّ تدخلاً في الشأن العراقي".
وأوضح الكناني "أننا مارسنا عملنا السياسي والثقافي منذ نهاية عام 2011 في عموم محافظات العراق، ولدينا ممثلون في البرلمان العراقي الجديد للعام 2018، ونرفض أي تدخّل أجنبي في العراق وتحت أي مسمى، وعلى الحكومة أن ترفض أي تدخّل، ونحن نرفض أي تدخّل حتى لو كان من قبل إيران"، مضيفاً: "لكنْ، هناك فرق بين التدخّلات الإيجابية والتدخّلات السلبية، فإيران هي الدولة الوحيدة التي قدّمت المساعدات لنا بعد سقوط عدد من المدن العراقية بيد تنظيم داعش، وساعدت قواتنا الأمنية بكافة تشكيلاتها بالسلاح والعتاد ودعمت قوات البشمركة وجهاز مكافحة الإرهاب والحشد الشعبي". وأشار إلى أن "الحشد الشعبي مؤسسة مستقلة تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، شُرّعت بقانون من البرلمان العراقي، ومن يصنف عصائب أهل الحق بالإرهاب، نطالبه بالدليل على ذلك".
وفي ما يتعلق بقرار الكونغرس، قال: "نفتخر بأنه وضعنا على لائحة الإرهاب، وهذا دليل على أننا نسير في الطريق الصحيح، فاليوم نحن أمام خيارين، إما مسايرة المشروع الأميركي ليقال عنا غير إرهابيين، أو العكس".
أما الخبير في الشأن السياسي، سعد الدين الفضلي، فاعتبر أن القرار من ضمن جملة ضغوط على إيران تمارسها الولايات المتحدة، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العراق ملزم بالتعامل مع تلك القرارات كونه يمتلك اتفاقية استراتيجية مع واشنطن حول محاربة الإرهاب، وفي حال اتُخذ القرار فعلاً وصُنّفت تلك الجماعات الثلاث على أنها إرهابية، فاعتقد أن الحكومة ملزمة بتطبيق جملة أمور، من بينها إبعاد هذه الجماعات عن أي مناصب حكومية، وخصوصاً الأمنية والعسكرية على أقل تقدير، فضلاً عن تجميد تعاملات أعضاء هذه الفصائل المالية". ولفت إلى أن القرار قد يكون مانعاً إضافياً أمام تحالف رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي والكتل السياسية التي تخطب ود أميركا مع تحالف "الفتح".
غير أن أستاذ القانون الدولي في جامعة بغداد، علي التميمي، شرح لـ"العربي الجديد"، ما يترتب على المليشيات المتأثرة بوثائق الإرهاب الأميركية، معتبراً أن هذه القرارات "لن تحدّ من العمل السياسي للفصائل المسلحة كما يُتوقع منها". وقال إن "القرارات التي تصدرها أميركا أو الرئيس الأميركي بحق فصائل الحشد الشعبي المتواجدة في العراق، هي قرارات أميركية بحتة، أي أنها لا تُلزم العراق بتطبيقها من ناحية عملية"، مشيراً إلى أن "مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، هي الجهات التي تُلزم العراق في حال إقرار قانون أمني على جهة معينة، لأن هاتين الجهتين لهما الحق بالتدخل في الشأن العراق، بسبب الصفة الدولية واجبة التطبيق في كل دول العالم، خصوصاً الأمنية، فمجلس الأمن هو أعلى سلطة قانونية في العالم، وكل دول العالم وقّعت على وثيقة الأمن في العام 1945".
وأشار التميمي إلى أن "القرار الأميركي يشمل تجميد أرصدة هذه الفصائل المسلحة والأموال والتحويل المالي والمساعدات، داخل أميركا فقط، وهذا ما حصل في إيران، فقد تم تجميد كل التعاملات الخارجية مع إيران، أما العراق فهو غير مُلزم بتطبيق القرارات الأميركية".